الاكتظاظ في إسرائيل يتفاقم وجودة الحياة ومستواها يتراجع

إسرائيل دولة مكتظة بكافة المقاييس. ووفقا لمقارنات دولية، فإن الازدحام في شوارع إسرائيل والاكتظاظ في الغرف المدرسية والاكتظاظ في المستشفيات، اكتظاظ السكن، هو الأعلى في الدول المتطورة، والبدائل المطروحة تتعلق بتقليص وتيرة النمو الطبيعي

الاكتظاظ في إسرائيل يتفاقم وجودة الحياة ومستواها يتراجع

تل أبيب من الجو: اكتظاظ سكاني (pixabay)

تعتبر إسرائيل دولة مكتظة بكافة المقاييس، في السكن والشوارع والمدارس والمستشفيات. ووفقا لمقارنات دولية، فإن الازدحام في شوارع إسرائيل هو الأعلى بين الدول المتطورة، وهو ضعف الازدحام في اسبانيا، وهي الدولة الثانية في تدريج الدول المزدحمة. كذلك فإن الاكتظاظ في الغرف المدرسية يبلغ 28 تلميذا في الغرفة مقابل 23 تلميذا بالمعدل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). وتحتل إسرائيل المرتبة الأولى والأعلى في الاكتظاظ في المستشفيات، بين دول OECD، وتبلغ نسبة الأسِرة المشغولة 94% في أقسام المستشفيات وغرف الطوارئ. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "ذي ماركر" اليوم، الأربعاء، فإن اكتظاظ السكن، الذي أسفر عن أزمة السكن، يهدد النسيج الاجتماعي والمستقبل الاقتصادي للأجيال القادمة.  

ويتوقع أن يزداد الاكتظاظ في المستقبل. وحجم الاكتظاظ السكاني للكيلومتر في إسرائيل هو الثالث بين الدول المتطورة، بعد هولندا وكوريا الجنوبية. وتشير التقديرات إلى أنه حتى العام 2035، ستصبح إسرائيل أكثر دولة مكتظة، وسبب ذلك، وفقا لـ"ذي ماركر"، هو نسبة الولادة المرتفعة، فوتيرة النمو السكاني 2% سنويا، بينما معدل هذه الوتيرة 0.5% سنويا في OECD.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل هي دولة صغيرة، وتوجد فيها وتيرة استهلاك شبيهة بالدول المتطورة، لكنها النمو الطبيعي فيها مشابه لدول العالم الثالث. ووفقا لتحليلات الباحث والمحاضر في جامعة تل أبيب، البروفيسور دان بن دافيد، فإنه بهذه الوتيرة، ستكون إسرائيل في العام 2065 أكثر دولة مكتظة بين الـ180 دولة في العالم، باستثناء بنغلادش. وهذا المزيج، بين دولة غربية متطورة واكتظاظ شبيه في الدول الفقيرة في العالم، يضع إسرائيل أمام تحد لا مثيل له. إذ لا تواجه أية دولة أوروبية ضغوط اكتظاظ كهذه، وتكون قادرة على الحفاظ على جودة حياة مرتفع.

ووفقا للصحيفة، فإنه ثمة سببان لهذا الوضع في إسرائيل. الأول هو ضعف التخطيط وعدم انشغال أي أحد من صناع القرار في قضية الاكتظاظ، والثاني هو الاعتقاد أن "الأولاد بركة". وتبلغ وتيرة الولادة لدى المرأة في إسرائيل 3.1 أولاد، بين المعدل في دول OECD هو 1.7 ولد. ويتوقع أن يتضاعف سكان إسرائيل بحلول العام 2050، وربما أكثر من ذلك، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه الدول المتقدمة واقعا معاكسا وتتوقع تقلصا سكانيا، "أي أنه لا توجد دولة يمكن تعلم كيفية مواجهة هذا التحدي العملاق منها".

نمو طبيعي مرتفع جدا

حذر منتدى في جامعة تل أبيب بإدارة رئيس قسم السياسات العامة، البروفيسور ألون طال، من أن وتيرة النمو السكاني سيجلب كارثة على إسرائيل. ولفت المنتدى إلى أن "الازدحامات المرورية، الأسرة في أروقة المستشفيات، انعدام الطاعة في المدارس المكتظة، أسعار السكن المرتفعة للغاية، الاكتظاظ في القطارات في ساعات الصباح، الاكتظاظ في شواطئ البحر صيفا وفي الغابات شتاء، كل هذا سيتفاقم. ويتوقع أن تتدهور جودة الحياة، وعلى ما يبدو مستوى الحياة أيضا، في إسرائيل، بشكل بالغ إذا لم نبدأ بمواجهة عواقب نمونا الطبيعي".  

وقال طال للصحيفة إنه "نقترب من الفترة التي ستكون كمية الأحياء تمس بجودة الحياة. ولا يمكن أن نتحدث عن مستوى حياة من دون التحدث عن جودة حياة أيضا، والقدرة على قضاء وقت في أحضان الطبيعة من دون احتلالها من جانب حشود، الجلوس في القطار وعدم الوقوف في الممر سوية مئات المسافرين، وحتى تشغيل الشبان. ومع كمية كثيرة من الأولاد الذين يولدون، أية أعمال بإمكاننا أن نطرحها عليهم في العصر الذي يحل فيه الذكاء الاصطناعي مكان الإنسان؟".

أبراج في تل أبيب (pixabay)

وقدّر الرئيس السابق للمجلس القومي للاقتصاد، البروفيسور مانويل تراختنبرغ، أن لو انخفض النمو الطبيعي في إسرائيل من 2% سنويا إلى 0.5%، كما هو الحال في OECD، لكان الناتج للفرد حتى العام 2050 يضاعف نفسه. وأشار إلى "التناقض" بين تشجيع الدولة للدولة بواسطة مخصصات الأولاد وإعفاءات للعائلات الكثيرة الأولاد، وفي المقابل تهمل أولئك الأولاد عندما تتخلى عن التعليم لسن الطفولة المبكرة وترسلهم إلى غرف مدرسية مكتظة في سن أكبر.  

وقال تراختنبرغ إن النتيجة هي أولاد ذوي مستوى تعليمي متدنٍ، فيما يستدعي تحدِ الذكاء الاصطناعي مستوى تعليمي أفضل. وبحسبه، فإن الدولة ستكون ملزمة برفع جباية الضرائب بشكل كبير، من أجل تمويل الخدمات المطلوبة لجميع الأولاد.  

سكن في أبراج

قالت المحاضرة في معهد الهندسة التطبيقية "التخنيون"، البروفيسور راحيل ألترمان، إن التوقعات بوصول عدد سكان إسرائيل إلى 18 مليون نسمة في العام 205، سيؤدي إلى سكن 98% من السكان في أبراج يحتوي كل واحد منها على مئات الشقق. ورفضت المقارنة بين وضع كهذا وبين الوضع الحالي في سنغافورة وهونغ كونغ، مشيرة إلى أن هذه مدن – دولة ولديها ساحات خلفية من المناطقة المفتوحة في الدول المجاورة، ماليزية والصين، إلى جانب طاعة ونظام، وعائلات صغيرة بالأساس.   

وأردفت "لذلك أنا أدعي أننا ننفذ تجارب على البشر بحجم هائل، ومن دون وجود طريق للعودة. ويكاد يتطلب أي بحث صغير مصادقة لجنة هلسنكي على مصادقة، أي تصريح أخلاقي لإجراء تجارب على حيوانات. لماذا يكون مسموحا للدولة أن تتبنى سياسة لا سابقة لها بالإمكان التعلم منها؟".  

وأضافت ألترمان أن "إسرائيل لا تواجه أبدا عواقب الاكتظاظ، كما أنها لا تمارس أية سياسة ديمغرافية، بل على العكس، تواصل الدولة تشجيع الولادة، وهو تشجيع متعلق أيضا بالتهديد الديمغرافي الذي هو جزء من الصراع اليهودي – العربي. والتهديد الأخير معزول عن الواقع، على خلفية الانخفاض الكبير بالولادات العربية: إنجاب النساء المسلمات انخفض من معدل تسعة أولاد إلى ثلاثة أولاد خلال ثلاثة عقود، والنساء الدرزيات والمسيحيات تنجب ولدين بالمعدل".  

التعليقات