الإبقاء على التواجد الإيراني في سورية يضع إسرائيل أمام تحد خطير

للواقع السوري الجديد ثلاثة تداعيات خطيرة على إسرائيل، الأولى هي خلق جسر بري من إيران إلى سورية ولبنان، والثانية تتمثل بانكشاف الحدود الشمالية للأردن لهجمات وتآمرات الحرس الثوري ومبعوثيه، والثالثة تتمثل بانتشار ممكن لحزب الله.

الإبقاء على التواجد الإيراني في سورية يضع إسرائيل أمام تحد خطير

جانب من القنيطرة السورية (أ.ف.ب)

يبدو أن إسرائيل التي تابعت بـ"حكمة" وعن كثب الأزمة السورية، بعد أن اتخذت موقف "الحياد الإيجابي" منها، حيث تركت "الفخار يكسر بعضه" من جهة، واستعملت "يدها الطويلة" في ضرب مواقع وأسلحة سورية إستراتيجية وقوافل أسلحة في طريقها إلى حزب الله.

وبالمحصلة، فقد كانت إسرائيل المستفيد الأول والمباشر من التدمير الذاتي، الذي حل بهذا البلد الذي كان يعتبر آخر دولة مواجهة مع إسرائيل، إلا أن تسارع أحداث الأيام الأخيرة، وما أسفرت عنه من اتفاق أميركي - روسي بشأن سورية، يبقي على الأسد ويبقي على التواجد الإيراني في سورية، أثار قلق إسرائيل، وجعل نتنياهو يحث الخطى إلى سوتشي للقاء بوتين ويرسل وفدا أمنيا إلى واشنطن للقاء ترامب، ويهدد بعملية عسكرية في حال بقي تواجدا إيرانيا في سورية.

نائب وزير الأمن الأسبق، الجنرال المتقاعد موشيه سنيه، وصف في مقال نشرته "هآرتس"، ما حدث بأنه فشل خطير لنتنياهو، الذي حافظ، كما قال، على موقع الحياد ولم يصر على دخول غرفة المفاوضات التي تقرر الوضع النهائي في سورية، بما يعنيه من تداعيات على إسرائيل.

نتنياهو وثق، حسب سنيه، بمظاهر الصداقة الودية مع إدارتي ترامب وبوتين، اللتان أبرمتا اتفاقا بدونه وفي غير صالحه، اتفاق يترك تواجدا عسكريا إيرانيا كبيرا في سورية، والحديث ليس عن قوات حزب الله فقط، بل عن ميلشياتين إضافيتين مدربتين من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني ومقاتلين شيعة، على حد تعبيره، واللتان قصدهما نصر الله في خطابه عندما قال إن حزبه لن يكون وحيدا في المواجهة القادمة.

سنيه، يرى أن للواقع السوري الجديد ثلاثة تداعيات خطيرة على إسرائيل، الأولى هي خلق جسر بري من إيران إلى سورية ولبنان، قادر على نقل كميات كبيرة من الأسلحة النوعية، والثانية تتمثل بانكشاف الحدود الشمالية للأردن لهجمات وتآمرات الحرس الثوري ومبعوثيه، والثالثة تتمثل بانتشار ممكن لحزب الله ومليشيات موالية لإيران على طول الحدود الشرقية للجولان.

من جهته، فإن نتنياهو قد عاد، على ما يبدو، بخفي حنين من لقائه مع بوتين في سوتشي، وفي هذا السياق، شكك المحلل للشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، في قدرة بوتين على الضغط على إيران، ليس لأنه لا يرغب بل لأنه لا يستطيع، لأن العلاقة معها لا تقوم على أساس موالاة، كما يقول، فروسيا دولة عظمى وإيران تسعى لأن تكون دولة إقليمية عظمى، وهما يتشاركان في سورية ليس حبا بل اضطرارا.

برئيل، يرى أن إسرائيل يجب أن تعتاد على الوجود الإيراني في سورية، وهو يتحدث عن 70 ألف مقاتل، جزء منهم ينتظمون في وحدات نظامية تابعة للحرس الثوري والجيش الإيراني، والجزء الآخر مليشيات تابعة للقيادة الإيرانية مثل حزب الله، المليشيات الشيعية التي جاءت من العراق ووحدات متطوعين أفغان وباكستانيين كانوا لاجئين في إيران، إضافة إلى مليشيات محلية سورية جرى تجنيدها من قبل الحرس الثوري، كما يقول.

من جهته، يرى المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنييع، أن التواجد العسكري الإيراني في سورية يشكل سلسلة من المشاكل الأمنية بالنسبة لإسرائيل، المشكلة الأولى يحاول الاتفاق الروسي - الأميركي حلها، عن طريق قيام روسيا بنصب أبراج رقابة على الطرق المؤدية من سورية إلى حدود الجولان، لمنع حزب الله وقوات أخرى بقيادة إيران من الدخول إلى قاطع يمتد 30 - 40 كيلو مترا على طول هضبة الجولان.

أما المشكلة الثانية، والتي تتمثل بالقوافل التي تنقل السلاح والذخيرة من سورية إلى لبنان، والتي كان الجيش الإسرائيلي يقوم بقصفها من الجو، فيما فضل السوريون وحزب الله تلقي الضربات والتسليم، وقام ضباط إسرائيليون وروس بتنسيق النشاط الجوي، فإن إسرائيل تخشى مع ثبات وقف إطلاق النار، وأفول "داعش" والمعارضة السورية، من فقدان حرية عملها في سماء سورية.

إلا أن المشكلة الأخطر، حسب برئيل، فإنها بعيدة المدى، حيث تضع سيطرة عسكرية إيرانية في سورية وفي لبنان بشكل مباشر أو من خلال وكلاء كالأسد ونصر الله، الجيش الإسرائيلي أمام جبهة مزدوجة، وفي هذه الحالة لن تحتاج إيران إلى قنبلة نووية كي تشل إسرائيل، فيكفي أن تحتفظ بيدها بمفتاح مخازن الصواريخ في سورية وفي لبنان للوصول إلى كل مكان في إسرائيل من دان حتى ديمونا، كما يقول برئيل.
 

التعليقات