خلافات بين ليبرمان والجيش الإسرائيلي على إقامة "سلاح صواريخ"

يسعى ليبرمان إلى إقامة "سلاح صواريخ"، يتم من خلاله صنع صواريخ متوسطة وطويلة المدى بدعوى "توفير رد على التهديد الصاروخي الإيراني". لكن قيادة الجيش الإسرائيلي تعارض برنامجا كهذا، إضافة إلى تعارضها مع رؤية الجيش لسلاح الجو

خلافات بين ليبرمان والجيش الإسرائيلي على إقامة

صاروخ "خرمشهر" الإيراني (أ.ف.ب.)

يسعى وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إلى إقامة "سلاح صواريخ"، يتم من خلاله صنع صواريخ متوسطة وطويلة المدى بدعوى "توفير رد على التهديد الصاروخي الإيراني". لكن قيادة الجيش الإسرائيلي تعارض برنامجا كهذا، كونه لا يتماشى من العقيدة العسكرية التي استعرضها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، إضافة إلى تعارضها مع رؤية الجيش لسلاح الجو.

وطالب ليبرمان من أجل تنفيذ برنامج "سلاح صواريخ" بزيادة ميزانية الأمن بـ4.8 مليار شاقل، من أجل مواجهة "تهديد جديد" على إسرائيل، وأن هذا التهديد يستدعي جهوزية مختلفة للجيش في مجال بناء القوة العسكرية. وأفاد المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة، بأن "التهديد الجديد" الذي يتحدث عنه ليبرمان مرتبط بالقدرات الصاروخية الدقيقة لإيران.

وبحسب فيشمان، فإن الصواريخ الإيرانية التي تشكل "التهديد الجديد" هي من طراز "شهاب"، ويصل مداها إلى 1650 كلم و1950 كلم، وأنها منصوبة في الأراضي الإيرانية و"موجهة نحو إسرائيل". كذلك يطور الإيرانيون صواريخ أكثر دقة من طراز "عماد".

واعتبر فيشمان أن "كتلة كبيرة من صواريخ كهذه بأيدي الإيرانيين ستحدث تغييرا في ميزان القوى الإقليمي. إذ أنه بالإمكان إطلاقها من إيران وضرب مؤسسات الحكم، مثل الكنيست والكرياه (أي مقر وزارة الأمن في تل أبيب) ومنشآت عسكرية ومطارات ومحطات توليد كهرباء وما إلى ذلك، بدقة. ولأن جميع وسائل الدفاع الإسرائيلية، مهما كانت متطورة، لن توفر أبدا حماية بنسبة 100%، فإنه ينبغي الأخذ بالحسبان أن صاروخا من بين كل عشرة صواريخ ستتسلل وتصيب بنية تحتية إستراتيجية أو برمز للحكم، بكل ما يعني ذلك. ووجود صواريخ كهذه يحدث تغييرا في الوضع الإستراتيجي لإسرائيل، وتقيد حرية عملها في الجبهة. واليوم أيضا، إسرائيل لا تشن هجمات في عمق الأراضي اللبنانية تحسبا من إطلاق صواريخ وتدهور الوضع إلى حرب".

وأضاف فيشمان أن الإيرانيين أجروا تجربة على صاروخ من طراز "خرمشهر"، الذي يصل مداه إلى 2000 كلم، وقادر على حمل رأس حربي نووي، كما أنهم يحاولون نشر صواريخ دقيقة متوسطة المدى في سورية ولبنان. "هذه مسألة وقت وحسب. وخلال خمس سنوات ستكون كمية الصواريخ الدقيقة التي تهدد إسرائيل كبيرة وسيواجه الجيش الإسرائيلي صعوبة في مواجهتها"، بحسب هذا المحلل.

ويرى ليبرمان بإقامة "سلاح صواريخ" متعددة الآماد أنها يمكن أن تكون بديلا، ولو بشكل جزئي، لسلاح الجو، في حال واجه الطيران الحربي الإسرائيلي مصاعب في المراحل الأولى للحرب بسبب تساقط صواريخ دقيقة في إسرائيل. ويعتبر ليبرمان أيضا، أن صواريخ دقيقة إسرائيلية بإمكانها تنفيذ المهمات التي تقوم بها طائرات حربية ضد منشآت حزب الله في سورية، وحتى من دون تشكيل خطر على الطيارين ومن دون وجود حاجة للمنظومة الداعمة للطيران الحربي. والأهم من ذلك بنظر ليبرمان، أن دولا في المنطقة تتزود في هذه الأثناء بصواريخ مضادة للطائرات من طراز "اس300" و"اس400" الروسية الصنع وتفرض قيودا على حرية الطيران الإسرائيلي.

لكن وفقا لفيشمان، فإن "الجيش لا يحب كثيرة فكرة ليبرمان". فهذه الفكرة تعني "تغيير الاتجاه في خطة عمل الجيش الإسرائيلي المتعددة السنوات، ومن شأنها أن تقود توازنات بالغة الحساسية في بناء القوة والحفاظ على القوى البشرية. وآيزنكوت، على سبيل المثال، مرتعب جدا من خرق وزارة المالية لاتفاقيات الأجور والتقاعد. وسلاح الجو لا يحب الفكرة التي تكسر القاعدة المقدسة والتي بموجبها هو الذي يحتكر القدرات الإستراتيجية لدولة إسرائيل. ويستعرض سلاح الجو حاليا دراسات تشير إلى أن الضرر الذي ستحدثه الصواريخ الدقيقة الموجودة اليوم سيكون معقولا نسبيا ولا يبرر إقامة سلاح صواريخ".

وفي ظل هذا الخلاف بين وزير الأمن والجيش، فإن تنفيذ برنامج ليبرمان قد يبدأ من خلال خطة العمل المقبلة للجيش، أي في العقد المقبل، خاصة وأنه حتى لو تم طلب صنع صواريخ كالتي يقترحها ليبرمان الآن، فإنها لن تكون جاهزة للاستخدام قبل سنتين.

ولفت فيشمان، من الجهة الأخرى، إلى أن إقامة مطار عسكري إيراني في سورية هو "رمزي أكثر وتهديد عسكري أقل على إسرائيل". وأشار إلى أن دخول طائرات حربية إيرانية إلى سورية، إضافة إلى طائرات كهذه قديمة لحرس الثورة الإيرانية الموجودة حاليا في سورية وعددها عشر طائرات، سيدفع إسرائيل إلى شن عمل عسكري ضدها.

فيشمان أن اللاعبين المركزيين في سورية ولبنان أو في قطاع غزة غير معنيين بحرب شاملة في المنطقة، وفي مقدمتهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد. وأشار فيشمان إلى تصريحات الأسد أثناء لقائه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي، مؤخرا، بأنه لا يعتزم تغيير اتفاقيات وقف إطلاق النار من العام 1974 (في الجولان المحتل) وأنه سيحرص على عدم وجود قوات أجنبية على مسافة 40 كيلومترا من الجولان المحتل. ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، كما يوردها فيشمان، فإن "الأسد يعتبر أنه انتقل إلى مرحلة إعمار سورية ويرى الأموال والمشاريع التي يجلبها الصينيون، ومشاريع إيرانية واستثمارات أجنبية... وآخر شيء يحتاج الأسد إليه الآن هو مواجهة مع إسرائيل".

وفي غضون ذلك، يبدو أن رئيس الاستخبارات الروسية الخارجية، سيرغي نيرشكين، الذي زار إسرائيل مؤخرا والتقى مع ليبرمان، أوضح أن الموقف الروسي هو "ألا تتعرض إسرائيل لمصالح روسيا في سورية، وأنه عدا ذلك بإمكانها فعل ما تشاء".

التعليقات