"حرب خفية" إسرائيلية – إيرانية في سورية

محللون إسرائيليون: انقشع الضباب عن هذه "الحرب الخفية"، وعلينا الاعتياد لفكرة أن إسرائيل تخوض على ما يبدو مواجهة عسكرية ضد منظومة عسكرية إيرانية آخذة بالاستقرار في سورية* "في المستقبل قد يكون هناك من يرد على الهجمات

تصاعدت الغارات والقصف الصاروخي الإسرائيلي في عمق الأراضي السورية مؤخرا. وبحسب تقارير مراكز أبحاث ووسائل إعلام في إسرائيل، فإن هذه الهجمات تستهدف أسلحة إيرانية قبل نقل قسم منها إلى حزب الله في لبنان وبقاء القسم الآخر في سورية، وأن هذه صواريخ متطورة ودقيقة ومن شأنها "كسر التوازن والتفوق العسكري" الإسرائيلي. وبحسب هذه التقارير أيضا، فإن إيران تسعى إلى نشر منظومة صاروخية كهذه، تمتد من الساحل اللبناني على البحر المتوسط إلى جنوب سورية، بحيث أن بمقدورها ضرب أي مكان في إسرائيل.

ورأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الأربعاء، أنه في أعقاب هذه الهجمات الإسرائيلية، انقشع الضباب عن "الحرب الخفية"، التي تخوضها إسرائيل مقابل إيران في الأراضي السورية. وكتب أن "علينا الاعتياد لفكرة أن إسرائيل تخوض على ما يبدو مواجهة عسكرية، منضبطة في هذه الأثناء، ضد منظومة عسكرية إيرانية آخذة بالاستقرار في سورية. وعلى الأرجح أن الكابينيت (الحكومة الأمنية الإسرائيلية)، التي بحثت مؤخرا في السياسة الإسرائيلية في الجبهة الشمالية – مقابل سورية ولبنان وإيران – توصلت إلى هذا الاستنتاج بالضبط".

وتحدثت التقارير الإسرائيلية، العام الماضي، عن احتمال إنشاء إيران قواعد جوية وبحرية وبرية في سورية ودفع "ميليشيات شيعية" إلى أنشطة عسكرية ضد إسرائيل. واعتبر فيشمان أن "هذه تهديدات لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهلها، لكنها لا تشكل التحدي العسكري الحقيقي. فالمشكلة المركزية في الجبهة السورية هي إنشاء منظومة مزدحمة من صواريخ أرض – أرض وقذائف صاروخية دقيقة تبدأ من لبنان وتمتد حتى جنوب الجولان وتغطي الأراضي الإسرائيلية كلها. ويضع سيناريو كهذا إسرائيل أمام تحد أمني لم تعرف مثله من قبل. وفي موازاة ذلك، يبني الإيرانيون جبهة صواريخ في غزة، تلزم الجيش الإسرائيلي بتقسيم الجهود في القتال ضد صواريخ قصيرة المدى من الشمال والجنوب".

وأضاف فيشمان أنه في حال لم يكن الروس والأميركيون قادرين، أو راغبين بمنع ذلك بطرق دبلوماسية، "فإنه على ما يبدو لم يبق أمام إسرائيل سوى أن تعمل بنفسها. ولم يعد بالإمكان الاختباء خلف أقوال ضبابية وتلميحات. هذه حرب بكل معنى الكلمة. وعلى العدو أن يعلم ذلك، والأهم هو أن على الجمهور في إسرائيل أن يستوعب ذلك والاستعداد لهذا الوضع".

واستشف فيشمان من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وبينهم وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي وصف سورية ولبنان بأنهما جبهة واحدة أسماها "جبهة الشمال"، أنه "ستتواصل الحرب ضد هذه المنظومات بقوة متغيرة ومتعلقة برد الفعل السوري – الإيراني وحزب الله. وإذا لم يتراجع أحد هناك، فإن حربا قد تنشب. ولا توجد حتى الآن مؤشرات على تراجع في الجانب الإيراني". وأضاف أنه "في العامين الماضيين نجحت إيران بالتواجد في العراق وأفغانستان وسورية واليمن وتعميق تأثيرها في عُمان والبحرين. والإدارة الإيرانية – خاصة حرس الثورة – في حالة نشوة بسبب الشعور بالانتصار في سورية".

من جهة أخرى، اعتبر محللون عسكريون ومحللون للشؤون العربية في الإعلام الإسرائيلي، أن إصدار جيش النظام السوري بيانا حول الهجوم الإسرائيلي، أمس، وهجمات أخرى سبقتها، من شأنه أن يبعث رسالة تحذير إلى إسرائيل من رد فعل سوري، رغم أن بيان جيش النظام قال إن مضاداته اعترضت الصواريخ الإسرائيلية.

وكتب المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، اليوم، أن "هذا البيان ينبغي أن يثير القلق لأنه يشكل مرحلة أخرى في عملية تزايد الثقة بالنفس المتجدد للأسد وجيشه. ويبدو في هذه الأثناء أن إسرائيل تفعل في سورية ما تشاء. فهي تهاجم ما تشاء وأين تشاء ومتى تشاء. لكن هذه ليست حصانة أبدية. وفي وقت ما قد يرد أحد ما".

وتابع ليمور أنه "لا يوجد أحد كهذا حاليا"، وأشار إلى أن "إسرائيل ستحاول استغلال انشغال الأسد بتضميد جراحه من الحرب، وانشغال إيران بالقضاء على المظاهرات الداخلية، من أجل تحسين مواقعها. ورغم أن إيران تعتزم إستراتيجيا الاستقرار في سورية، لكن محاولتها الأخيرة لإرساء ذلك عمليا تم إحباطه بمهاجمة القاعدة التي أقامتها قرب دمشق (وقصفتها إسرائيل فجر أمس). وليس واضحا متى سيستأنف الإيرانيون جهودهم، لكن في إسرائيل يستعدون لمواجهة ذلك".

ولفت ليمور إلى التقييم الاستخباراتي السنوي للجيش الإسرائيلي، الذي توقع احتمالا ضئيلا لنشوب حرب تتم المبادرة إليها، ولكن احتمالات تصعيد غير مخطط له مرتفعة. "تصعيد كهذا قد يتطور من هجوم منسوب لإسرائيل في سورية، وبينها هجمات مرت بهدوء حتى الآن، وفي المستقبل قد يكون هناك من يرد عليها".

التعليقات