إلغاء قانون "دولة كل مواطنيها" غير ديمقراطي وغير أخلاقي

السبب الحقيقي لإلغاء اقتراح القانون هو التحفظ من مضمونه السياسي، وهو تحفظ شمل مندوبة المعسكر الصهيوني في رئاسة الكنيست، رويطال سويد، التي دعمت قرار إلغاء القانون، ما يؤكد أنه في القضايا الجوهرية لا يشكل المعسكر الصهيوني بديلا لليمين

إلغاء قانون

مهاجرون يهود إلى البلاد - صورة توضيحية

أثار مشروع قانون "دولة كل مواطنيها" الذي تقدم به نواب التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة في أعقاب قرار رئاسة الكنيست إلغاءه ومنع طرحه على طاولة الكنيست.

ورأت صحيفة "هآرتس"، التي خصت الموضوع بافتتاحيتها، قرار رئاسة الكنيست إلغاء مشروع القانون مسبقا، ومنع طرحه على طاولة الكنيست خطوة مناهضة للديمقراطية بجوهرها، لأن الكنيست، برأي الصحيفة، هي الممثل الأكثر وضوحا للشعب الذي يشكل مصدر السيادة في الديمقراطية، وهي المخولة ببحث مشاريع القوانين ومن ثم رفضها أو المصادقة عليها، ولا يوجد أي سبب لمنعها من البحث في اقتراح القانون الذي تقدم به جمال زحالقة وحنين زعبي وجمعة الزبارقة.

وتشير الصحيفة إلى أنه بالرغم من أن إلغاء مشروع القانون، استنادا إلى بند في نظام الكنيست يخول رئاستها عدم المصادقة على اقتراح قانون ينفي حق إسرائيل في الوجود كـ"دولة الشعب اليهودي" أو ينفي جوهرها العنصري، إلا أن السبب الحقيقي لإلغاء اقتراح القانون هو التحفظ من مضمونه السياسي، وهو تحفظ شمل مندوبة المعسكر الصهيوني في رئاسة الكنيست، رويطال سويد، التي دعمت قرار إلغاء القانون، ما يؤكد أنه في القضايا الجوهرية لا يشكل المعسكر الصهيوني بديلا لليمين، كما تقول الصحيفة.

في السياق ذاته اعتبر الحقوقي الإسرائيلي، بروفيسور مردخاي كريمنتسير، قرار رئاسة الكنيست إلغاء اقتراح القانون الذي تقدم به نواب التجمع خطوة عير ديمقراطية وغير أخلاقية، مشيرا إلى أن جذر المشكلة لا يكمن في النظام الداخلي للكنيست الذي يسهل ذلك، مثلما لا يكمن في تعديل قانون الأساس الذي يمكن الكنيست من إقالة أحد أعضائها (عضو كنيست عربي) من خلال إجراء خاص، بل إن جذر المشكلة يكمن في الصلاحية التي أعطاها قانون أساس الكنيست وقانون الأحزاب الذي سمح بإلغاء مرشحين وقائمة انتخابية بادعاءات غامضة، مثل نفي حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية وديمقراطية، وتأييد الكفاح المسلح لمنظمة "إرهابية"، هذا هو الجذر تنضج منه الثمار الفاسدة ، كما يقول.

ويرى الحقوقي الإسرائيلي أن مصادرة الحق في الاستئناف على التوافقات الأساسية للنظام الإسرائيلي بطرق سلمية، هو أمر لا يتوافق مع الطابع الديمقراطي لطريقة الحكم، وأن النقاش الحر والحاد في القضايا الأساس، بالذات لأنها قضايا أساس، قضية في غاية الأهمية، تشكل مصادرتها اضطهادا قاسيا لحرية التعبير الأيديولوجي والسياسي التي هي بمثابة القلب النابض لهذا الحق.

كريمنتسير ينظر بكثير من الحرج إلى الإقرار بأن "دولة كل مواطنيها" تشكل تحديا لأسس النظام الإسرائيلي، ولذلك فهي لاغية سلفا، لأن أبجدية الديمقراطية، كما يقول تفيد بأن الدولة لكل مواطنيها وفقط لهم، وإذا كان المفهوم ضمنا ذلك غير مفهوم فإن هناك خللا في أساس الديمقراطية الإسرائيلية.

هي توازنات القوى السياسية التي تحافظ من خلالها إسرائيل على أغلبية يهودية كبيرة، وهي التي خلقت حالة من التمييز البنيوي ضد المواطنين العرب، كما يقول كريمنتسير، ولذلك يمكن خوض انتخابات الكنيست بقائمة "قومجية" (يهودية)، ويمكن تقديم اقتراح قانون لتعزيز التوجه القومي (اليهودي) وإضعاف الأساس الديمقراطي للدولة إلى حد تقويضه، على غرار قانون القومية، بالمقابل فإن مبادرات تشريع معاكسة يتم الغاؤها سلفا، بل هي تشكل ذريعة لمنع قوائم ومرشحين من خوض انتخابات الكنيست. وبدون شك فإن دولة تقوم بمثل هذه الأمور تعاني من عسر كبير في ديمقراطيتها، كما يقول كريمينتسير.

التعليقات