إدارة ترامب تتحسب من تبعات طرح "صفقة القرن"

لا تزال الإدارة الأميركية تأمل في طرح وتمرير ما تصفها بأنها "خطة سلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي ما عرفت إعلاميا باسم "صفقة القرن" أيضا، ومن دون أخذ رأي وموقف الفلسطينيين بالحسبان، وذلك من خلال إقناع إسرائيل والسعودية بها

إدارة ترامب تتحسب من تبعات طرح

افتتاح السفارة الأميركية بالقدس بموازاة مجازر الاحتلال بغزة (أ.ب.)

لا تزال الإدارة الأميركية تأمل في طرح وتمرير ما تصفها بأنها "خطة سلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، وهي ما عرفت إعلاميا باسم "صفقة القرن" أيضا، ومن دون أخذ رأي وموقف الفلسطينيين بالحسبان، وذلك من خلال إقناع إسرائيل والسعودية بها والسعي إلى تسويقها عربيا، رغم أن العالم العربي، على مستوى الشعوب، يرفضها بالكامل.

وقالت صحيفة "هآرتس" في تقرير نشرته اليوم، الخميس، إنها تحدثت إلى مسؤولين في الإدارة الأميركية ومصادر أميركية مطلعة من خارج الإدارة، إضافة إلى مسؤولين إسرائيليين ومن دول عربية. وتبين من هذه المحادثات أنه بات بحوزة البيت الأبيض وثيقة منتهية، تمتد على عشرات الصفحات، وتتطلب تنقيحات نهائية فقط. وقال موظف رفيع في البيت الأبيض إنه يتوقع أن تسبب هذه الوثيقة "عدم ارتياح" في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

لكن موعد النشر عن هذه الوثيقة ليس معروفا حتى الآن. وبحسب الصحيفة، فإن الإدارة الأميركية ترجئ نشرها حاليا بسبب مخاوف من تبعات نشرها، عبر عنها زعماء دول عربية أمام جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومبعوث ترامب الخاص، جيسون غرينبلات، خلال جولتهما الأخيرة في المنطقة قبل شهر ونصف الشهر.

يشار إلى أن بداية "صفقة القرن" كان في شهر آذار/مارس العام الماضي، في أعقاب جولة غرينبلات في المنطقة، توصل في أعقابها إلى الاستنتاج أن الولايات المتحدة "ورثت" فرصة نادرة للربط بين إسرائيل ودول عربية على خلفية التقاء مصالح بشأن إيران. ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع في البيت الأبيض قوله إنه "واضح للجميع أن المنطقة تغيرت في السنوات الأخيرة. والعالم العربي وإسرائيل يتقاسمون مصالح وأهداف مشتركة كثيرة، إلى جانب تهديدات مشتركة نابعة من نشاط إيران الضار في الشرق الأوسط".

وتكررت محاولات كوشنير وغرينبلات وانضم إليهما السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان. وقالت مصادر أميركية من خارج الإدارة للصحيفة إن المسؤولين في البيت الأبيض صدقوا فعلا أنهم سينجحون في نسج خطة تكون مقبولة في السعودية وإسرائيل. وأضافوا أن "هذه المشاعر أصبحت ملموسة أكثر في أعقاب النشر، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عن ’توبيخ’ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بسبب معارضته لجزء من تفاصيل الخطة الأميركية".

ووجهت الإدارة الأميركية ضربة لنفسها في هذا السياق لدى إعلانها عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى المدينة المحتلة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في إسرائيل والعالم العربي قولهم إن البيت الأبيض لم يقدر بشكل صحيح تأثير قرار ترامب بشأن القدس على الجهد للحثول على ردود فعل إيجابية من دول عربية للخطة. وأضافوا أن "عباس استخدم الاعتراف بالقدس من أجل جعل زعماء عرب يواجهون صعوبة في التعبير عن تأييدهم لخطة ترامب، وإلحاق الضرر بصورة طاقم السلام الأميركي في العالم العربي".

يشار إلى أن كوشنير وغرينبلات تحدثا إلى صحافيين في أعقاب الاعتراف بالقدس وأبلغوهم بأنهم يعتقدون أن الغضب العربي سيزول في غضون أشهر قليلة. لكن بعد مرور تسعة أشهر، ما زالت السلطة الفلسطينية تقاطع الإدارة الأميركية والزعماء العرب يترددون في الإعراب عن تأييد الخطة.

وتتحسب الإدارة الأميركية من أن تجنيد زعماء دول عربية للترويج للخطة سيتسبب بإثارة مشاكل داخلية في دولهم، إضافة إلى أن إيران قد تتهم بالتعاون مع إسرائيل. وقال أحد المصادر للصحيفة إن الخطة يجب أن تجد "النقطة الدقيقة" التي بإمكان إسرائيل والأنظمة العربية الموافقة عليها من دون التعرض لانتقادات داخلية خطيرة، وأن انتقادات الفلسطينيين الشديدة للخطة ومقاطعتهم إدارة ترامب تضع مصاعب أمام هذه الخطوة.

وقالت مصادر من خارج الإدارة إن تركيز الخطة يتوقع أن يكون على الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن الإدارة تحاول دفع مشاريع اقتصادية في شمال سيناء لمصلحة قطاع غزة، لكن ذلك لا يدل على تغيير في السياسة الأميركية.

وكان البيت الأبيض قرر، الأسبوع الماضي، تحويل عشرات ملايين الدولارات لصالح الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية للصحيفة إنه "تم تحويل الأموال من أجل دعم استمرار التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل". وبعد ذلك سعى كوشنير إلى إلغاء مكانة لاجئ لملايين الفلسطينيين في الأردن، بينما وصف عباس هذه الخطوة بأنها ترمي إلى محو القضية الفلسطينية، فيما أعلن البيت الأبيض عن استمرار سعيه لتغيير تفويض وكالة غوث واشغيل اللاجئين.

التعليقات