تحليلات: الانتخابات المحلية لا تنعكس على الكنيست

"لا شيء من نتائج الانتخابات المحلية يدل على ما سيحدث في الانتخابات للكنيست، وثمة تأثير ضئيل جدا للأحزاب"* انقسام الحريديين: "في حيفا انتخب الحريديون الفائزة العلمانية برئاسة البلدية العلمانية، التي أيدها المثليون وناخبو ميرتس وحاخام من التيار المحافظ"

تحليلات: الانتخابات المحلية لا تنعكس على الكنيست

صندوق اقتراع في القدس، أول من أمس (أ.ب.)

يميل البعض في إسرائيل إلى الاعتقاد بوجود علاقة بين الانتخابات العامة للكنيست وانتخابات السلطات المحلية، التي جرت في أنحاء البلاد، أول من أمس الثلاثاء. ويعود هذا الاعتقاد إلى أن قادة الأحزاب القطرية - مثل رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب "كولانو"، موشيه كحلون، ورئيس "ييش عتيد"، يائير لبيد، ورئيس "المعسكر الصهيوني، آفي غباي – تجولوا في الشوارع والأسواق عشية الانتخابات، وأعلنوا عن دعمهم لمرشحين في انتخابات البلديات والمجالس المحلية. وبعد صدور نتائج هذه الانتخابات، أعلن رؤساء أحزاب أن فائزين ينتمون لأحزابهم.

ليس مؤكدا أن علاقة كهذه موجودة فعلا. وأشار المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الخميس، إلى أنه "لم يكن أي تأثير لاختيار نتنياهو دعم مرشح ما". وكان يشير بذلك إلى دعم نتنياهو للوزير زئيف إلكين الذي تنافس على رئاسة بلدية القدس وخسر.

لكن محللة الشؤون الحزبية في الصحيفة نفسها، سيما كدمون، لفتت إلى أنه "لا يمكن الاستنتاج من فشل إلكين المدوي في القدس حيال وضع نتنياهو والليكود. ومن يعتقد أن النتيجة في القدس تدل على فقدان نتنياهو لقوته، يجدر به إعادة التفكير في ذلك. فإلكين هو بالضبط الفجوة بين المستويين المحلي والقطري، ولعدم القدرة على إملاء أمور لا يريدها الجمهور". وأضافت أن "بين الاستقبال الدافئ لنتنياهو في كل مكان وصل إليه وبين تأثيره على نتائج الانتخابات، ينبغي أن يدل على أن قدرة رئيس الحكومة على إملاء أمور على مؤيديه محدودة جدا".

وشددت كدمون على أن "لا شيء من نتائج الانتخابات المحلية يدل على ما سيحدث في الانتخابات للكنيست، التي ستجري في موعد ما بين شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر 2019. الفائزون في الانتخابات المحلية هم أبطال محليون. وثمة تأثير ضئيل جدا للأحزاب، إذا كان هناك تأثيرا أصلا. وأحيانا يحدث العكس. وتدل النتائج على عدم وجود علاقة، وأحيانا توجد فجوة كبيرة أيضا بين التصويت المحلي والتصويت في المستوى القطري".

العلاقة بين المرشحين المحليين والأحزاب

وفقا للمحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم"، ماتي توخفيلد، فإن نتنياهو "قرر هذه المرة أخذ الانتخابات المحلية على محمل الجد. وعندما قال أمام ناشطي الليكود، قبل عدة أشهر، أن الهدف الإستراتيجي هو 40 مقعدا في الكنيست، كان يقصد كل كلمة. ففي الانتخابات المقبلة، نتنياهو لن يكتفي بفوز عادي ولا بفارق كبير... فهذه ستكون أكثر ولاية مصيرية في حياته. وخلالها سيقرر المستشار القضائي ما إذا كان نتنياهو سينزل عن المسرح أم سيبقى كي يرقص عليه لسنوات كثيرة مقبلة".

وأضاف أنه "فيما اليمين لن يخسر الحكم الآن، وفيما الغاية هي عشرة نواب أكثر من الإنجاز الكبير في الانتخابات السابقة، فإن نتنياهو ملزم بالسعي وراء النواب الضائعين في أماكن جديدة، في المدن والبلدات. وهو بحاجة إلى عشرات آلاف النشطاء كي يعملوا بكل قوتهم من أجل أن يدخل السكان في مناطقهم بطاقات اقتراع حزب الليكود".

وتطرق توخفيلد إلى العلاقة بين الانتخابات المحلية والعامة. "مشكلة نتنياهو أنه ليس وحيدا. وقد نجح الليكود في الكثير من المدن، لكن أحزابا مثل كولانو وييش عتيد وحتى المعسكر الصهيوني نجحت هي أيضا في عدة أماكن إستراتيجية".

لكن توخفيلد أشار إلى حقيقة هامة وهي أنه "لا توجد ملاءمة دائما بين التأييد المحلي لمرشح والتصويت في المستوى القطري. و’تتبنى’ أحزاب كثيرة مرشحا لا علاقة بينه وبينها، وذلك فقط من أجل التفاخر بفوزه في اليوم التالي. وأحيانا، يضطر حزب إلى محاربة مرشح ينتمي إليه فقط من أجل احتياجات محلية. وباختصار، هذا نوع من الفوضى السياسية".

"انقسام الحريديين"

اعتبر توخفيلد أن "ثمة أمرا واحدا واضحا أملته الانتخابات هذا الأسبوع: توازن القوى في الأحزاب الحريدية، بينها وبين نفسها، لن يبقى كما هو. ونحن أمام نظام حريدي جديد".

واشار برنياع أيضا إلى الاصطفافات في المجتمع الحريدي، مشيرا إلى حدوث "انقسام في الوسط الحريدي". فقد اصطف حزب "ديغل هتوراة" الذي يمثل الحريديين الليتوانيين إلى جانب حزب شاس الذي يمثل الحريديين الشرقيين، ضد حزب "أغودات يسرائيل" الذي يمثل الحسيديين. وحتى الآن، يخوض "ديغل هتوراة" و"أغودات يسرائيل" الانتخابات العامة في قائمة واحدة هي "يهدوت هتوراة".

ورأى برنياع أن "أمورا كثيرة يمكن أن تحدث في هذا الوسط حتى الانتخابات العامة، من تفكك يهدوت هتوراة إلى حزبين خصمين وحتى اتحاد الأحزاب الثلاثة معا أو اتحاد ديغل هتوراة وشاس، فيما سينازع أغودات يسرائيل عند عتبة نسبة الحسم. ونتائج الانتخابات في القدس تستدعي توزيعة جديدة. وربما توزيعة كهذه لم تعد ذات علاقة بالواقع. فقد نشأ جيل حريدي جديد يشعر أنه يملك قوة وليس مستعدا لإيداعها بشكل أوتوماتيكي بأيدي الحاخامات. وقد عمل الحريديون في جميع قوائم الانتخابات المحلية في المدن المختلطة (علمانية وحريدية) تقريبا. وكان هذا علنيا، سوية مع معتمري القلنسوات المنسوجة (للصهيونية الدينية) والعلمانيين، وفي شبكات التواصل نفسها ومقرات الانتخابات نفسها".

وفي الوقت الذي تتحدث فيه تقارير عن زيادة التديين، أشار المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، شموئيل روزنير، إلى أنه في الانتخابات في حيفا والقدس جرى تعاونا بين العلمانيين والحريديين، "ولم يعد هناك خطر الغزو (الديني)، وإنما الاندماج. ففي حيفا انتخب الحريديون رئيسة البلدية الفائزة، التي أيدها المثليون وناخبو ميرتس وحاخام من التيار المحافظ (غير الأرثوذكسي). فهم يريدون رئيسة بلدية تلتفت إليهم وإلى احتياجاتهم. وحدث أمر لافت في القدس أيضا. لم يستمع الحريديون إلى أوامر حاخاماتهم. ليس جميعهم وليس في جميع الحالات. ثمة انقسام في هذا المعسكر".

التعليقات