"أمان": اغتيال خاشقجي وجه ضربة للسعودية قد تطيح ببن سلمان

رئيس لواء الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: خليفة عباس لن يلتزم مثله بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وفي غزة توجد أزمة إنسانية تتحدى حماس وإسرائيل، وإيران قد تستأنف مشروعها النووي، والأنظمة العربية تقوض الاستقرار

(أ ف ب)

أكد رئيس لواء (قسم) الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ("أمان")، العميد درور شالوم، على أن القضيتين الفلسطينية والإيرانية هما أكبر قضيتين تواجههما إسرائيل. وكرر أقوال مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين بأن "الجبهة الأساسية هي إيران وفروعها"، وأنه "توجد فرصة هائلة لممارسة ضغط على إيران... وهي فرصة بدأت تتحقق. وأنا حذر بالنسبة للفلسطينيين، ما يعني أنه لن تكون هناك توصيات، ولن يكون هناك رأيا سياسيا".

وقال في مقابلة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الجمعة، إن "غزة هي مشكلة إنسانية شديدة، وجمهور يائس. وقلنا إن المشكلة الإنسانية تشكل تحديا أمام حماس، وأنها ستوجه جمهورها ضدنا. فقد حاولت حاولت حماس أن تدخل إلى غزة موادا تحسن أداء القذائف الصاروخية. وهذه المحاولة فشلت. فذهبوا إلى السياج. ونحن على بعد خطوة من التصعيد. والتحدي الماثل أمامنا هو أن نرفع رأس السكان فوق مياه الصرف الصحي. وانهيار حماس ليس حلا. فإذا انهارت حماس، من سيحكم غزة؟".

وفيما يتعلق بالضفة الغربية، أشار شالوم إلى أنه "يوجد هدوء نسبي هناك. حافظنا على نسيج الحياة. نجحنا في كبح إرهاب الأفراد، لأننا منعنا عقوبات جماعية أيضا، رغم الدعوات (من جانب وزراء إسرائيليين) لفرض عقوبات جماعية. وهناك يوجد يأس وإحباط أيضا، والمجتمع بحالة كآبة".

وبحسب شالوم، فإنه بعد رحيل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن)، "ستحدث تغييرات. والأجهزة (الأمنية للسلطة) قد تقلص تعاونها مع الجيش الإسرائيلي. وهذه مشكلة من العيار الثقيل. وأبو مازن يرى طريقا مسدودا في كل مكان. وبيأسه أصبح صداميا أكثر. ويوجد حوله أشخاص لا يريدون الانتحار، إذ أن السلطة هي أساس وجودهم. والسلطة لن تختفي، لكني لست مقتنعا بأن من سيخلف أبو مازن سيكون أكثر براغماتيا منه ويتمسك بالتنسيق مع إسرائيل. والتحدي كبير".

إيران

يتوقع أن تبدأ الولايات بعد غد، الأحد، بتفعيل عقوبات على إيران. وقال شالوم حول ذلك إن "العقوبات تنتج دراما كبيرة في الحلبة الإيرانية. وستؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي. وإيران موجودة في الحضيض. وليس لديها نجاحات عدا حزب الله. وثورة الخميني فشلت، وبإمكان الضغط الخارجي أن يؤدي إلى قلب الحكم أو إلى تغيير سياسته".

وأضاف أنه "بإمكان إيران الهروب إلى الأمام، وتستأنف المشروع النووي. وهذا يعني أنه سيستغرق عاما حتى تطور المادة المنشطرة، وعامان لتصل إلى القنبلة. وفي تقديري أن احتمال حدوث ذلك ضئيل. وهم في موقع الانتظار حاليا. يبحثون عن حلول متنوعة تمكنهم من الالتفاف على العقوبات. ولا ينجحون في ذلك. وأنا مقتنع بأن الروس أيضا لن يمنحونهم حلا جديا، ولا أوروبا الغربية أيضا، لأنها متعلقة بالولايات المتحدة".

وتابع أن هذا الوضع يعني بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية أن "علينا أن نلتفت مجددا إلى كل ما يحدث في المشروع النووي، وأن نرى أين يخترقون الاتفاق (النووي) وإلى أين يتجهون. والخيارات الأخرى، هي أن بإمكانهم السعي نحو اتفاق نووي جديد، وقد تصل الأمور إلى انهيار النظام. وإلى هذه النتيجة يسعى مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، جون بولتون. أن يقتلهم بنعومة".

وبحسب شالوم، فإن "السياسة الإيرانية تُقرر من خلال لعبة بين ثلاث قوى: قائد قوة قدس، قاسم سليماني، الذي يسعى إلى مواجهة؛ الرئيس حسن روحاني، الشريك بهذه الرؤية ولكنه يؤمن باتجاه براغماتي؛ وخامنئي، الزعيم الأعلى، الذي يتحرك بين الاثنين".

ونفى شالوم أن تكون إيران تستغل الأزمة الإسرائيلية – الروسية، بعد إسقاط طائرة تجسس للأخيرة وحظر الطيران الحربي الإسرائيلي خصوصا في الأجواء السورية، من أجل تعميق تواجدها في سورية. وقال إن "البشرى الحسنة هي أنه تم لجم التموضع الإيراني في سورية. والسبب هو قرارات تتخذ في طهران. والبشرى السيئة هي أن الإيرانيين يحضرون إلى سورية قدرات معدّة لمواجهة عسكرية. وسليماني لا يتنازل. ويرى بسورية نقطة انطلاق تجاه إسرائيل. وفي تقديري أنه سيتصاعد الاحتكاك بيننا وبينهم".

ورأى بالوجود العسكري الروسي في سورية أنه "تجديد دراماتيكي. وعلى أدائنا أن يجري بحذر مقابلهم. وإسرائيل تعمل في سورية وستعمل في المستقبل كلما يتطلب ذلك، لكن لا يمكنها تجاهل المصالح الروسية. وفي تقديري أن للروس مصلحة ألا يكون الإيرانيون في سورية. إنهم يريدون الهدوء، وهم يعرفون أنه عندما يكون الإيرانيين هناك، مقابل إسرائيل، لن يكون هدوءا. إنهم يدركون جيدا احتمال التصعيد".

الأردن

وفي رده على سؤال حول ما إذا سيحتل الإيرانيون الأردن، قال شالوم إن "ما سيحدث في العراق سيؤثر على مصير الأردن. يوجد في أميركا وإيران أيضا رضى من الوضع في العراق. لكن هذا يقلقني. والأردن يواجه انتشارا إيرانيا وتوغل داعش. ولديه مشاكل اقتصادية قاسية".

وأضاف أن ملك الأردن عبد الله الثاني اتخذ قراره باستعادة منطقتي الغمر والباقورة "بسبب ضغط الشارع بالأساس". لكن شالوم أكد أن ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأن قرار الملك كان مفاجئا غير صحيح. وأكد أن "’أمان’ كان في المكان الصحيح. وهذه الحالة لا تتطلب جهدا استخباريا زائدا. فقد كان (الحديث عن) هذا في الصحافة الأردنية. عملنا وزودنا تقارير" للحكومة الإسرائيلية.

وتطرق شالوم إلى "الربيع العربي"، معتبرا أنه لم ينتهِ. "الشبان في العالم العربي دون سن 24 عاما يشكلون أكثر من نصف السكان. غالبيتهم غير متعلمين. والمتعلمون لا يجدون عملا. هذا جيل يفتقر إلى بيت وعمل وأمل. البنية التحتية مدمرة، والحدود مستباحة. والغابة من حولنا تنمو فيها أشجار ضارة وتمارس ضغطا علينا. وهذا هو التحدي الأكبر لإسرائيل".

وأضاف أن "قادة الحكم في الحيز السني تتحدث مع إسرائيل. وتحتها يوجد حقد كبير تجاهنا. متى سيخرج هذا الحقد إلى النور؟ بحسب سيناريوهات الطوارئ، عندما نحتاج إلى حوار أكثر من العادة. لذلك، نحن في أمان لا نكتفي بالمعلومات الاستخبارية عن الجهات الحاكمة. إننا نجري أبحاثا متعمقة حول وجهات نظر الجمهور".

احتمال الإطاحة ببن سلمان

قال شالوم إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، "وصل إلى الحكم بتوجه مختلف، ومن خلال إدراكه أن الجمهور يهرب منه. وهو يعتقد أنه مسموح له أن يفعل كل شيء ونسي أن كل شيء مصوّر في العام 2018" في إشارة إلى جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.

وتوقع شالوم أن اغتيال خاشقجي قد يؤدي إلى الإطاحة ببن سلمان. وأضاف أن "الأنظمة في الشرق الأوسط تقوض الاستقرار. وثمة احتمال لحدوث هزة (شعبية) كل يوم. وقد فوجئت جميع أجهزة الاستخبارات في العالم في العام 2011. وهذا صحيح بالنسبة لليوم أيضا: لا يمكن تنبؤ متى يسقط نظاما. ولن أتكهن ماذا سيكون مصير ولي العهد. ويكفي إذا قلت أن السعودية تلقت هنا ضربة جدية".

التعليقات