غارة بسورية: أنظار إسرائيل تتركز على لبنان

قيود روسية تمنع غارات إسرائيلية ونشاطا إيرانيا في سورية، ونقل معدات لتحسين قدرات حزب الله الصاروخية جوا إلى لبنان؛ عودة وحدات حزب الله إلى لبنان؛ إسرائيل ماضية في بناء جدار حدودي رغم تحذيرات لبنانية من الاعتداء على أراضيه

غارة بسورية: أنظار إسرائيل تتركز على لبنان

ضباط إسرائيليون يشاهدون أعمال بناء جدار عند حدود لبنان، بداية العام (أ.ب.)

تركز إسرائيل أنظارها، في الفترة الأخيرة، إلى لبنان أكثر من سورية بادعاء أن النشاط العسكري لإيران وحزب الله انتقل من سورية إلى لبنان، بسبب قيود تفرضها روسيا في أعقاب إسقاط طائرة التجسس الروسية "إليوشين 20" ومقتل ركابها العشرة، في 17 أيلول/سبتمبر الماضي.

وكانت إسرائيل قد شنّت غارة جوية في سورية، مساء الخميس الماضي، بعد ساعات قليلة من تصريحات إذاعية أدلى بها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، عاموس يدلين، الذي يرأس حاليا "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب.  

وقال يدلين في تصريحه إنه "إلى جانب أن الروس غاضبون علينا ويديرون ظهرهم إلينا، فإنني أقدر أنهم نقلوا رسائل حازمة لإيران أيضا، والتي بموجبها أن تموضعهم العسكري وبإقامتهم مصانع الصواريخ في سورية، فإنهم يلحقون أضرارا بمحاولة استقرار سورية. وسورية غير مستقرة لا تلائم الروس. والهجمات الإسرائيلية انخفضت إلى الصفر تقريبا، وفي تقديري أن هذا ليس ناجما عن أننا لا نريد (شن هجمات)، وإنما لأن الإيرانيين غيروا التكتيك. إنهم ينقلون كل شيء إلى لبنان".

ولفت المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الأحد، إلى أن يدلين عبر بصورة علنية عما ألمح إليه مسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة، أنه "بسبب التغييرات التي فرضتها روسيا، فإن معظم الصراع بين إسرائيل وإيران انتقل إلى دول أخرى".

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قال في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول/سبتمبر الماضي، إن إسرائيل قلقة من مجهود تبذله إيران وحزب الله لإقامة خطوط إنتاج لصواريخ دقيقة في الأراضي اللبنانية.

ويقول هرئيل، ومحللون عسكريون آخرون - بينهم المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، اليوم أيضا – إن إيران تنقل وسائل لتطوير صواريخ حزب الله جوا بدلا من نقلها برا عبر الأراضي السورية.   

وعدد هرئيل ما وصفها بأنها "تغييرات تُشغل صناع القرار في إسرائيل"، مثل "محاولة إقامة مصانع صواريخ دقيقة؛ اهتمام روسي متزايد بما يخدث في الدولة (لبنان)، بعد استكمال تعزيزات المظلة الجوية للمنظومة الروسية للمضادات الجوية في سورية؛ عودة قسم من مقاتلي حزب الله إلى لبنان إثر أفول الحرب الأهلية وتغييرات في انتشارهم في لبنان؛ استمرار تحسين العائق (الجدار) الإسرائيلي في مقاطع من الحدود مع لبنان، ستصل قريبا إلى المناطق المختلف حولها بين الجانبين بالقرب من رأس الناقورة وبلدة منارة (الإسرائيلية). وقد أعلنت إسرائيل أنها تعتزم مواصلة بناء الجدار هناك، على الرغم من التحذيرات اللبنانية".

وأضاف أن ثمة شكا فيما إذا كان حزب الله يريد حربا مع إسرائيل، لكن هرئيل لفت إلى أن "تعزيز قدرات حزب الله الهجومية، إثر الحرب الأهلية في سورية، وبعودة قسم من وحداته إلى لبنان، يثير قلقا في الجيش الإسرائيلي".   

وبحسب هرئيل ويهوشواع، فإن الهجوم الإسرائيلي في سورية، يوم الخميس الماضي، لم يكن كبيرا ولم يحدث أضرارا تذكر، واعتبرا أن رد المضادات الجوية السورية كان مبالغا فيه وعشوائي. ويذكر أن أحد هذه الصواريخ السورية سقط في هضبة الجولان المحتلة. رغم ذلك، اعتبر يهوشواع أن هذا الهجوم الإسرائيلي في سورية كان رسالة إلى لبنان.

ولفت هرئيل إلى أن هذه التطورات تأتي بعد أسبوعين من خطاب لنتنياهو، تحدث فيه عن "فترة أمنية عاصفة". وجاءت تصريحات نتنياهو هذه على خلفية منع حزب "البيت اليهودي" من الانسحاب من الحكومة وإسقاطها. ورغم أن "البيت اليهودي" تراجع عن الانسحاب من الحكومة، لكن أقوال نتنياهو أثارت تساؤلات حول الوضع الأمني ومدى خطورته. وبما أنه في حينه كانت قد انتهت جولة قتالية في غزة، فإن الأنظار في إسرائيل اتجهت نحو حزب الله ولبنان.

وتبع ذلك تمديد ولاية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، بأسبوعين لتنتهي في منتصف كانون الثاني/يناير المقبل، بدلا من مطلعه. ورأى هرئيل أنه لا يتم تمديد ولاية آيزنكوت لأسبوعين بسبب حرب متوقعة، "ولو أنه يجري التخطيط لحرب كهذه، لما كان الجيش الإسرائيلي سيعلن عن تمديد الولاية".

إلا أن هرئيل توقع أن تكون الفترة المقبلة "متوترة على خلفية التغييرات في الشمال وجهود حزب الله بالتسلح، لكن لا يوجد حراك هنا يقود إلى حرب. ويجدر أن نتذكر أيضا أن إسرائيل وحزب الله خبرا فترات توتر مشابهة في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك نجحا في الحفاظ على أكثر من 12 سنة من الهدوء المطلق منذ انتهاء حرب لبنان الثانية".  

التعليقات