انتخابات مبكرة: بين أداء الجيش وتآكل الردع

نتنياهو سيكون بأمس الحاجة إلى توخي الحذر في العمليات الهجومية ومنع حصول أي تصعيد وتجنب القيام بمغامرات عسكرية قبل الانتخابات، وقد يجد نفسه مضطرا للرد على أي تصعيد، وعندها سيتحمل كامل المسؤولية عن الأوضاع الجديدة بوصفه وزيرا للأمن

انتخابات مبكرة: بين أداء الجيش وتآكل الردع

(فيسبوك)

تناولت تحليلات إسرائيلية جدول أعمال الانتخابات القريبة بتوجه أمني، سواء على مستوى الجيش الإسرائيلي، أو على مستوى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب وزير الأمن.

وفي ظل الحديث عن تآكل الردع الإسرائيلي، بحسب التحليلات، فإن الجيش سوف يجد نفسه في أوج معركة حول أدائه وحول قدرة الردع بنظر الجمهور الإسرائيلي ووسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة مع الاستبدال المرتقب لقيادة أركان الجيش منتصف الشهر المقبل.

وفي الوقت نفسه، فإن نتنياهو سوف يكون بأمس الحاجة إلى توخي الحذر في العمليات الهجومية ومنع حصول أي تصعيد قبل الانتخابات، وقد يجد نفسه مضطرا للرد على أي تصعيد قد يحصل لتجنب المزيد من الانتقادات، وعندها سيتحمل كامل المسؤولية عن الأوضاع الجديدة التي قد تنشأ بوصفه وزيرا للأمن.

وخلال المداولات في المجلس الوزاري المصغر، في أوج جولة التصعيد الأخيرة مع قطاع غزة، بعد إطلاق نحو 500 صاروخ، عرض رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، على الوزراء صورة الوضع، عشية مواجهة محتملة مع حركة حماس في القطاع، وذلك على خلفية "حملة تدمير أنفاق حزب الله" على الحدود الشمالية مع لبنان، والتي سبق أن صادق عليها المجلس الوزاري قبل بضعة أيام من تورط القوة الإسرائيلية الخاصة في عملية خان يونس. وكانت توصية آيزنكوت تجزم بضرورة وقف التصعيد مع غزة، والتركيز على الشمال.

مواجهات في الضفة الغربية (أب)

في نهاية المطاف، قرر المجلس الوزاري قبول توصيات الجيش، والاستجابة لطلب مصر وقف إطلاق النار، وكان من الواضح أنه من المتوقع أن تكون هناك احتجاجات عامة جدية على الوضع الأمني في الجنوب.

وبحسب المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، طال ليف رام، ففي هذا القرار "تخلى الوزراء عن مصالحهم السياسية الفورية"، رغم الانتقادات على اعتماد "سياسة معتدلة" تجاه قطاع غزة. كما أن الورقة القوية التي وضعها آيزنكوت على الطاولة، في تفضيل "الحملة ضد حزب الله" على التصعيد في الجنوب، لم تجر انتقادات من جانب الوزراء، ولكن سرعان ما أدى النقاش إلى تفجر الوضع، ما دفع بوزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، إلى تقديم استقالته.

وبحسب المراسل العسكري، فإن ذلك كان النقطة التي كان من الواضح فيها أن الانتخابات باتت مسألة وقت. وفي حين ادعى ليبرمان أن استقالته كانت بسبب السياسة التي اتبعت حيال غزة، فقد كان من الواضح أن الحديث عن خطوة تنبع من اعتبارات بقائه السياسي، وذلك بعد أن "مسّت التأتأة الإسرائيلية حيال مسيرات العودة في غزة بليبرمان في الأساس، بحسب الاستطلاعات".

ويضيف أن استقالة ليبرمان، إلى جانب انتقادات نفتالي بينيت، وضعت جدول أعمال الانتخابات القريبة بتوجه أمني واضح، ما يعني أنه من المتوقع أن يدخل الجيش في حالة تأهب لتلقي الانتقادات. ففي النقاش السياسي على المس بالإحساس بالأمن لسكان الجنوب، وعلى هوية وزير الأمن المقبل، سيكون الجيش على "خط النار".

وبحسبه، فإن أي حدث في الجنوب أو أي عملية تنفذ في الضفة الغربية سيتحول إلى نقاش ملتهب حول سياسة وأداء الجيش وجوهر الردع. وكان آيزنكوت قد ألمح منتقدا مطلع الأسبوع بأن "هناك من يعتقد أن تفعيل المزيد من القوة تجاه الإرهاب فسوف ينتهي. هذا توجه خاطئ. أعتقد أنه يجب يكون هناك توجه عسكري ومدني ينظر إلى المصلحة الإسرائيلية".

ويخلص إلى أن تفعيل القوة العسكرية بدلا من السياسة المدنية سيكون في مركز النقاش في المعركة الانتخابية، وأنه في ظل هذا الوضع، فمن الجائز الافتراض أن رئيس الأركان الحالي ينتظر بفارع الصبر إنهاء مهام منصبه. وفي المقابل، فإن رئيس الأركان الجديد، أفيف كوخافي، يتسلم مهام منصبه في أوج معركة انتخابية عاصفة تضيف مركب صعوبة جديا يقتضي منه أن "يصمد أمام "الضغوطات السياسية والإعلامية منذ اليوم الأول في منصبه".

وفي سياق ذي صلة، كتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن المعارضة ستنظر بتشكك إلى كل خطوة أمنية للحكومة في الشهور القريبة، في حين أن نتنياهو سيظل "بعيدا عن المغامرات العسكرية، وربما سيتوخى المزيد من الحذر في العمليات الهجومية"، بيد أنه لا يستبعد إمكانية أن تدفع الهجمات على الحكومة من اليمين وما يسمى "اليسار"، على قضية مثل معالجة تصعيد آخر في قطاع غزة، نتنياهو إلى توجه عنيف على خلفية اقتراب الانتخابات.

ويضيف أن ذلك قد حصل لنتنياهو من قبل خلافا لرغبته، خلال معركة انتخابية، في الحرب العدوانية على قطاع غزة عام 2012، والتي أطلق عليها "عامود السحاب". وهنا يذكر بدوره، أن أفيف كوخافي سيتسلم منصب رئاسة الأركان في 15 كانون الثاني/يناير المقبل، علما أنه أشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية خلال "عامود السحاب"، وخلال الحرب الأخيرة (الجرف الصامد) في صيف العام 2014.

وتوقع أن يتوجه نتنياهو للانتخابات في هذه المرة بشكل مختلف، فهو سيجد صعوبة في تقمص دور المستضعف، المفضل عليه، خاصة عندما تمنحه الاستطلاعات فارقا كبيرا على خصومه، في حين أن "الشعور بالملاحقة" الذي يحتاجه لجذب المصوتين إلى الصناديق سيعيد إلى الأذهان "الأنباء الجنائية" (المتصلة بالتحقيقات معه)، وليس الأمنية، حيث أن معركته مع لوائح الاتهام ضده من المرجح أنها تلعب دورا ملموسا في قراراته، وتنعكس في التصريحات المتطرفة التي تصدرها أبواقه في الكنيست ووسائل الإعلام.

ويضيف أن التغير الآخر لدى نتنياهو يتصل بمكانته كوزير للأمن، حيث أنه للمرة الأولى لا يوجد فاصل بينه وبين الواقع الأمني، ولا يستطيع أن يدحرج المسؤولية الوزارية بعيدا عنه. وفي الوقت نفسه، يستطيع أن أن يربح لنفسه الفرصة لالتقاط صور "جذابة" مع الضباط والجنود، ولكن "إذا تأزمت الأوضاع، فإن المسؤولية تقع على عاتقه لوحده".

التعليقات