العدوان الإسرائيلي في دمشق: تفاهمات مع موسكو؟

يكتسب العدوان العسكري الإسرائيلي الأخير على سورية، الليلة الفائتة، أهمية خاصة في السياق السياسي إلى جانب العسكري بالنسبة لإسرائيل، وخاصة على مستوى العلاقات مع روسيا، والتفاهمات الأخيرة مع موسكو، وبما يتلاءم مع مصالح إسرائيل الأمنية في سورية

العدوان الإسرائيلي في دمشق: تفاهمات مع موسكو؟

(أ ب)

يكتسب العدوان العسكري الإسرائيلي الأخير على سورية، الليلة الفائتة، أهمية خاصة في السياق السياسي إلى جانب العسكري بالنسبة لإسرائيل، وخاصة على مستوى العلاقات مع روسيا، والتفاهمات الأخيرة مع موسكو، وبما يتلاءم مع مصالح إسرائيل الأمنية في سورية.

كما يكتسب أهمية أخرى من جهة التوقيت، حيث أنه يأتي بعد أقل من أسبوع من إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قراره بإخراج القوات الأميركية من سورية، لإيصال رسالة مفادها أن إسرائيل ستواصل تنفيذ الهجمات على سورية، وبدعم أميركي، وفقما صرح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.

واعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"،  عاموس هرئيل، أن الهجوم قد يكون قد حصل لـ"ضرورة عملانية عينية، مثل استهداف مخازن أسلحة إيرانية، بيد أن الهجوم له سياق سياسي أوسع بكثير، فهو رسالة إسرائيلية تعني أن الأمور قد عادت إلى مسارها: رغم إعلان ترامب، ورغم الغضب الروسي بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في أيلول/سبتمبر الماضي، فإن إسرائيل ترى بنفسها حرة في مواصلة شن الهجمات على أهداف في سورية في حال الضرورة".

وكانت التقارير الإعلامية قد أشارت إلى أنه بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية (إيليوشين 20) تقلصت إلى حد كبير الهجمات الإسرائيلية على سورية، وذلك لأن روسيا، المعنية باستقرار النظام السوري، مارست ضغوطات على إيران لتقليل عمليات نقل الأسلحة وجهودها في بناء قواعد عسكرية في سورية، كما رفعت بوجه إسرائيل حادثة إسقاط الطائرة للضغط عليها لتقليص عدد الهجمات.

وكان قد توجه، في منتصف الشهر الجاري، وفد عسكري إلى موسكو، برئاسة رئيس شعبة العمليات في هيئة أركان الجيش، الجنرال أهارون حاليفا.

وبحسب هرئيل، فمن الممكن أنه بعد هذا اللقاء أبدت موسكو نوعا من الليونة في معارضتها لتجديد الهجمات الإسرائيلية، مضيفا أنه "من الممكن أن تكون روسيا أيضا معنية بأن تفرض إسرائيل قيودا على الخطوات الإيرانية لزيادة ممتلكاتها العسكرية في سورية"، خاصة وأن الهجمات الإسرائيلية تتركز أساسا في منطقة دمشق البعيدة عن المنطقة الحساسة بالنسبة لروسيا، وهي قاعدة سلاح الجو ومدن طرطوس واللاذقية، شمال غربي سورية.

كما اعتبر الهجوم بمثابة رسالة إسرائيلية، مفادها أن انسحاب القوات الأميركية لا يعني وقف الهجمات الإسرائيلية، حيث أنه في الصيف الأخير، تعهدت موسكو لإسرائيل بإبعاد القوات الإيرانية مسافة 80 كيلومترا من الحدود، وتبين لاحقا أن ذلك لا يشمل دمشق وضواحيها، حيث يتواصل هناك نشاط عناصر "فيلق القدس" التابع لحرس الثورة الإيرانية، كما أن هناك دلالات تشير إلى نشاط لإيران وحزب الله في الجانب غير المحتل من الجولان.

ورجح المحلل العسكري أن تجدد الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سورية لا يزال على نار هادئة، حيث تفضل إسرائيل تركيز جهودها على ضرب أكبر عدد من الأهداف في أقل عدد من الهجمات حتى لا يحصل تصعيد.

في هذه الأثناء، لا تزال حفريات الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية مع لبنان تتواصل بداعي البحث عن أنفاق حزب الله، بينما سارع وزراء الليكود، يوم أمس، إلى التصريح بأن العملية التي أطلق عليه "درع شمالي" قد أوشكت على الانتهاء.

وكتب هرئيل أن ما يحصل هو "هندسة بأثر تراجعي للحقائق"، حيث أن نتنياهو كان بحاجة لذريعة الأنفاق، في خطابه في أوساط تشرين الثاني/نوفمبر، من أجل إبقاء "البيت اليهودي" داخل الائتلاف الحكومي بذريعة أن هناك "وضعا أمنيا حساسا". والآن، وبعد أن تبدلت الظروف القضائية والسياسية، وبات يسارع نحو الانتخابات، لم يعد هناك من جدوى للادعاء الأمني، ولذلك سارع الليكود إلى الإعلان عن انتهاء العملية.

وعلى أرض الواقع، بحسب هرئيل، فإن عمليات الجيش سوف تستغرق بضعة أسابيع لاستكمال البحث عن كل الأنفاق وتدميرها، دون أن يكون لذلك أي تأثير على الانتخابات.

التعليقات