ضابط إسرائيلي: معركة السلطان يعقوب قصة فشل وتقاعس

وفقا للضابط الإسرائيلي، فإن القوات الإسرائيلية في بداية اجتياح لبنان، عام 1982، لم تعلم بوجود قوات سورية في موقع المعركة، والضباط الكبار سعوا إلى ترفيه أنفسهم، وتدريبٌ كبير قبل الحرب كان فاشلا وأكد عدم جهوزية للحرب

ضابط إسرائيلي: معركة السلطان يعقوب قصة فشل وتقاعس

زخاريا باومل على دبابة إسرائيلية قبيل المعركة (أرشيف)

أفاد الضابط في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي برتبة مقدم، عميعاد نيف، بأن القوات الإسرائيلية لم تتوقع معركة السلطان يعقوب في جنوب لبنان، بعد أسبوع من بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، في حزيران/يونيو العام 1982، وأن قيادة الفيلق (المؤلف من عدة ألوية عسكرية) كانت متخاصمة فيما بينها ومتقاعسة وسعت إلى ترفيه نفسها، خلافا للرواية التي يتم بثها الآن، بعد 37 عاما على هذه المعركة، إثر استعادة إسرائيل رفات الجندي زخاريا باومل، الذي فُقد منذ تلك المعركة سوية مع جنديين آخرين.

وجاءت إفادة نيف في رسالة بعثها مؤخرا إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ونشرها على شكل مقال في صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء. وفي سياق احتجاجه على الرواية الإيجابية التي روّجت لها وسائل إعلام إسرائيلية، وأشار إلى قناة "كان" الحكومية خصوصا، أشار نيف إلى أن "أمورا مشابهة تحدث اليوم أيضا"، في إشارة إلى تقرير مفوض شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، اللواء في الاحتياط يتسحاق بريك، الذي شدد في عدة تقارير، مؤخرا، على عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب.

وذكر نيف أنه كان أحد الضباط الذين أسسوا الفيلق، الذي نفذ اجتياح لبنان، وضابط العمليات فيه، وأنه تواجد في غرفة قيادة العمليات أثناء معركة السلطان يعقوب. "لم تقع أحداث استثنائية تتطلب انتباها خاصا في منطقة الفيلق، في اليوم الذي دارت فيه المعركة، عدا حالة التأهب القصوى التي كان ينبغي أن تسود في غرفة القيادة يوميا في غرفة القيادة ومقر قيادة الفيلق".

وأردف أنه "مكثت طوال الوقت في غرفة القيادة في ’كفرمشكي’ في عمق لبنان (في البقاع). وكان يانوش (بن غال، قائد الفيلق) في دورية جوية، ليس في منطقة الفيلق الذي يقوده، سوية مع قائد الجبهة الشمالية، الذي كان قائد الجبهة الغربية للحرب أيضا. ونائب قائد الفيلق، الذي سادت خصومة شديدة بينه وبين يانوش، لم يمكث في غرفة القيادة المركزية للفيلق. وعُلم لاحقا أنه انشغل في بعض الوقت في إنقاذ دبابة روسية من طراز T-72، وهي محاولة لم تنجح".  

وتابع نيف أن "قائد ركن الفيلق أيضا، الذي عينه يانوش قبيل بدء الحرب، لم يتواجد في غرفة القيادة المركزية". وأضاف أنه "أثناء انتظار قيادة الفيلق أمرا عسكريا بالدخول إلى لبنان وتواجدت في كيبوتس مسغاف عام، طلب ضابط كبير مني، أنا قائد غرفة الحرب العسكرية، أن أهتم بأن يحضر حلّاق القاعدة العسكرية الذي كان قائده أثناء الخدمة النظامية إلى قاعدتنا العسكرية المؤقتة حينذاك، كي يحلق له، وطلب أيضا، أن تُرسل له شاحنة استخدمها هو ويانوش كغرفة طعام خاصة لكليهما، ولم يسمح حتى للضباط الكبار بدخولها. وهذا الأمر يثقل على قلبي منذ سنين طويلة. وبالطبع رفضت طلبه، وألقى هذه المهمة على جندي، لا يمكنه رفض طلب لواء".

وكتب نيف أنه "في لحظة معينة قررت أن أستمع لشبكات الاتصال للوحدات المختلفة من أجل الاطلاع على الوضع وإطلاع قائد الفيلق وضباط الأركان الكثر الذين تواجدوا في الفيلق حينها. ولا تنسى أنه كان هناك ضابطان في كل واحد من المناصب الرفيعة، لأن يانوش، الذي جرى تعيينه للتو قائدا للفيلق بعد عودته من الولايات المتحدة، لم يعرف أحدا من الذين يخدمون في الفيلق أو لم يحبهم، ولذلك أحضر معه ضابط كبير لكل واحد من المناصب الرفيعة. وذلك على الرغم من أن هؤلاء الذين كانوا يتولون مناصبهم كانوا يعرفون منظومات الفيلق ولم يوافقوا على الإطاحة بهم. والنتيجة هي أنه في كل واحد من المناصب الرفيعة ’خدم’ ضابطان بالتوازي، أحدهما مقبول على القائد والآخر جرى استبعاده عن كافة المواضيع".  

وتابع أنه "خلال الإنصات على شبكات الاتصال، دخلت إلى شبكة اتصال الكتيبة التي يقودها عيرا أفرون، وهو قائد الكتيبة التي علقت في المصيبة المسماة ’قضية السلطان يعقوب’، وسمعت استغاثته. كان يقول إنه يوجد مقابله 40 مدرعة سورية مسلحة، وأنهم يهاجمونه بشدة فيما هو لم يتوقع وجود سوريين بأعداد كبيرة كهذه على التلال المحيطة، وعلى ما يبدو أن قائد لواء هذه الكتيبة لم يعلم بوجودهم هناك. واستدعيت على الفور باتصال مباشر قيادة هيئة الأركان وقيادة الجبهة الشمالية".

وشدد نيف على أنه بعد الحرب "ورغم مطالباتنا الكثيرة، رفض الجيش الإسرائيلي السماح لي ولضباط الاحتياط الآخرين في الفيلق بالإدلاء بشهادات في ملخص هيئة الأركان العامة ولدى التدقيق في الأحداث". وأشار إلى أن الشهادات كانت مهمة من أجل فهم وضع الجيش الإسرائيلي قبيل شن الحرب على لبنان حينذاك، إذا أنه "قبل الحرب جرى تدريب كبير للفيلق وكان فشلا خطيرا. وفي تلخيص التدريب، وبعد عدم السماح لضباط الاحتياط بالتحدث، ألححت على حقي، كقائد غرفة قيادة الحرب وضابط العمليات الرئيسي لشعبة عمليات الفيلق، وعنما سُمح لي في نهاية المطاف بالتحدث، انتقدت أداء الفيلق بشطة، وانعدام التعاون بين القوات التي كانت تخضع للفيلق وعدم جهوزيتها للحرب".    

التعليقات