تحليلات: عودة باراك أبرزت فشل غانتس و"كاحول لافان"

"الاحتفال" الإعلامي ليس بعودة باراك، وإنما بإمكانية أن تطيح هذه العودة بنتنياهو، وتمنع عودته إلى كرسيه بعد الانتخابات، "وباراك يموضع حزبه في دوري الكبار. وهو لم يأت إلى السياسة كي يكون حزبا آخر إلى جانب العمل وميرتس"

تحليلات: عودة باراك أبرزت فشل غانتس و

باراك يعلن عن عودته للحلبة السياسية، أول من أمس (أ.ف.ب.)

صدرت الصحف الإسرائيلية اليوم، الجمعة، مليئة بصور وكاريكاتورات تظهر فيها شخصية واحدة مركزية، هو إيهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق، وكأن الصحف تحتفل بعودته إلى الحلبة السياسية، التي أعلن عنها هذا الأسبوع، وعن تشكيل حزب جديد يخوض من خلاله الانتخابات العامة للكنيست، في أيلول/ سبتمبر المقبل. وبدا واضحا من التحليلات أن "الاحتفال" الإعلامي ليس بعودة باراك، وإنما بإمكانية أن تطيح هذه العودة برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وتمنع عودته إلى كرسيه. فقد أجمع المحللون على أن عودة باراك أبرزت فشل حزب "كاحول لافان" ورئيسه، بيني غانتس، في مواجهة نتنياهو.

وأشارت محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، إلى الانطباع العام في إسرائيل بأن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل ائتلاف مكون من 61 عضو كنيست من أحزاب اليمين والحريديين، وأن نتنياهو وباراك يعرفان ذلك، كما أن غانتس لن يتمكن من تشكيل حكومة، والوضع سيعود إلى ما كان عليه بعد الانتخابات السابقة، في نيسان/أبريل، عندما فشل نتنياهو بتشكيل حكومة.

واعتبرت كدمون أن "السن والشخصية والخبرة والرغبة بالتصحيح، جعلت من باراك المرشح الأخطر على رئيس الحكومة. والمرشحون الآخرون سيلتهمهم نتنياهو على وجبة فطور. ليس باراك. باراك يعرف نتنياهو جيدا... وهو قادر على قراءة نتنياهو كأنه كتاب مفتوح".

وأضافت أن "دخول باراك إلى الحلبة قد تكون خبرا سيئا بالنسبة لكاحول لافان، ولكن هي كذلك بالنسبة لنتنياهو أيضا. ولن ينتقل ناخبون من حزب الليكود إلى حزب باراك الجديد. لكن المعركة الانتخابية ستكون أصعب بكثير بالنسبة لرئيس الحكومة. وإذا كان رئيس الحكومة حيوانا ينزف دما وينجح في جذب الجمهور الإسرائيلي إليه مرة تلو الأخرة، فإن باراك سيكون النسر الذي يحوم فوقه ويعضّ لحمه. وربما لن ينجح بالتهامه، ولكنه سينجح في إيلامه من دون شك".

ولفتت كدمون إلى أن باراك أعلن عن تشكيل حزبه الجديد، ولكنه لم يعلن عن اسم هذا الحزب. واعتبرت أن الأسباب التي دفعت باراك إلى العودة هي "خدعة نتنياهو"، ومحاولته المبادرة إلى قانون يلغي الانتخابات. وسبب آخر يتعلق بالمؤتمر الصحفي الذي عقده غانتس للرد على محاولة نتنياهو تحميله مسؤولية إعادة الانتخابات.

الهدف: رئاسة الحكومة

لكن تقديرات المحللين تشير إلى أن باراك عاد إلى الحلبة السياسية كي ينافس على رئاسة الحكومة. ووفقا لكدمون، فإن "باراك يموضع حزبه في دوري الكبار. وهو لم يأت إلى السياسة كي يكون حزبا آخر إلى جانب العمل وميرتس. وإنما هو هناك من أجل إسقاط الحكم. وهو ينظر إلى نفسه على أنه الأنسب لاستبدال نتنياهو، أو مثلما قال في إحدى المقابلات، إن بإمكانه الدخول إلى مكتب رئيس الحكومة خلال عشر دقائق".

ورأى محلل الشؤون الحزبية في "هآرتس"، يوسي فيرطر، أن "عودة باراك إلى الحلبة في سن 77 عاما، وإلى جانبه اللواء في الاحتياط يائير غولان، الذي لم يخف عندما كان يرتدي الزي العسكري أيضا من الإشارة إلى تحولات العنصرية والتطرف في المجتمع الإسرائيلي، من شأنها التأثير على كتلة أحزاب الوسط – يسار كلها. وسيُزج كاحول لافان في الوسط – يمين ويحاول فعل ما لم يستطع فعله في المرة السابقة، وهو أن ينقل إليه مصوتي اليمين المعتدلين".

وأضاف فيرطر أن باراك يسعى إلى أن يكون على رأس كتلة "يسارية تضم العمل وميرتس وحزبه الجديد. وقد تنضم إليه تسيبي ليفني، رغم رفضها ذلك حاليا... وباراك لم يتخلى عن طموحه وتوقه إلى العودة إلى مكتب رئيس الحكومة. وهو حذر ولا يعلن عن ذلك، أو حتى التلميح بذلك. ولكن عندما سألته بالأمس، ما هي خريطة الحزب المثالية بنظره، كانت إجابته: ’قائمة واحدة موحدة لجميع الأحزاب في الوسط – يسار تخوض الانتخابات. وليس فقط أنه بواسطة كتلة كهذه لن تضيع أصوات، وإنما لن تبذل طاقات في صراعات داخلية، وإنما باتجاه الخارج فقط". ويشار إلى أنه سادت توقعات، مساء أمس، في أعقاب فوز عضو الكنيست السابق، نيتسان هوروفيتس، برئاسة حزب ميرتس، مفادها أن هذا الفوز يعزز احتمال انضمام ميرتس إلى باراك في الانتخابات القريبة.

وأشار محلل الشؤون الحزبية في الإذاعة العامة الإسرائيلية، يوءاف كراكوفسكي، في مقال في "معاريف"، إلى إصرار باراك، مستعيرا وصفا من المجال العسكري، وتحديدا من وحدة الكوماندوز التي قادها باراك في الماضي. "لقد عاد حاملا سكينا ماضية بين أسنانه". لكنه رأى أن "باراك لا يسعى إلى الترشح مباشرة لرئاسة الحكومة. إنه يحاول العودة إلى فلب الجمهور من أسفل. وثمة إنجاز مركزي واحد لباراك، وهو أنه السياسي الوحيد، الذي يعيش بيننا، والذي انتصر على نتنياهو وأرسله إلى خارج الحلبة السياسية، في العام 1999".

وأضاف كراكوفسكي أن باراك حرص، خلال المؤتمر الصحفي هذا الأسبوع، على الإشارة إلى أنه يعرف نتنياهو منذ 50 عاما، "وفي السراء والضراء". وتابع أن "نتنياهو يعلم أن باراك يعرفه جيدا. وحتى الآن، باراك كان الشخص الوحيد الذي أخرج نتنياهو من هدوئه". لكن من الجهة الأخرى، فإن "اليمين تلقى دخول باراك إلى سباق الانتخابات بفرح ظاهر، بينما قابل الوسط – يسار ذلك بهدوء نسبي. وينظرون في اليمين إلى باراك كمن بإمكانه دفع ناخبي اليمين إلى الخروج عن عدم مبالاتهم. فنتنياهو لم ينجح بإقناع ناخبيه بأن غانتس وحزبه هم يسار، والآن هو يبني على أن ينجح بوصم باراك كـ’يساري معروف’".

واعتبر كاراكوفسكي أيضا أن "عودة باراك إلى السياسة تبرز الفشل الأساسي لغانتس و"كاحول لافان"، وهو "عدم وجود شهية وجوع للانتصار".     

التعليقات