"لواء القدس" في العيسوية: خطأ في الإنتاج لا يجافي الحقيقة

العيسوية تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى قاعدة تدريبات لعناصر "الياسام". هنا يجرون دورات استكمال في البلطجة، ويتعلمون العنف والوحشية، أكثر مما هم عليه الآن. هنا مسموح لهم فعل كل شيء

من اقتحامات الاحتلال في العيسوية (وفا)

أثار المسلسل الوثائقي "لواء القدس" الذي تبثه قناة "كان" الإسرائيلية، ردود أفعال واسعة في الصحافة العبرية، في أعقاب كشف صحيفة "هآرتس" عن قيام أفراد شرطة الاحتلال في القدس، بالتعاون مع الشركة المنتجة، في "زرع" بندقية من نوع "أم 16" في أحد بيوت قرية العيسوية في القدس لغرض التصوير.

وتبين لاحقا أن المواطن الفلسطيني الذي تم "زرع" السلاح في بيته، هو سامر سليمان الذي قام جنود الاحتلال بإطفاء نور عيني ابنه صالح، الذي كان يبلغ 11.5 عاما، لدى محاولته عبور الشارع وهو عائد من حانوت العائلة، وذلك خلال قيام قوات الاحتلال بتفريق مظاهرة وقعت في القرية عام 2014.

أحد أفراد شرطة الاحتلال أطلق النار على صالح، رغم أنّ الأخير أشار له بأنه يريد أن يقطع الشارع، فأخطأه في المرة الأولى، وأصابه في الثانية برصاصة إسفنجية أفقدته البصر في عينه اليمنى، ثم فقد البصر لاحقا في العين اليسرى، وأصبح ضريرا بشكل كامل، إلى جانب حدوث تشوهات في وجهه.

وكعادتها، أغلقت وحدة التحقيق التابعة لشرطة الاحتلال ملف التحقيق في القضية، رغم أن الوقائع أثبتت أن شرطيا واحدا هو الذي استعمل هذا النوع من الرصاص الإسفنجي (الإسفنج الأسود)، وذلك بادعاء أن الأوصاف التي جاءت على لسان المصاب لا تتطابق مع الأوصاف الحقيقية للشرطي.

القناة الإسرائيلية أوقفت بث الوثائقي، وأنهت التعامل مع الشركة المنتجة، خاصة بعد الكشف عن حالتين إضافيتين جرى فيهما تمثيل أعمال جنائية بواسطة زرع أدلة مادية، إلا أن الواقعة التي أثبتت تواطؤ وتورط شرطة الاحتلال في هذه القضايا الخطيرة، سلطت الضوء على الوثائقي نفسه الذي يحاول تشويه الطابع السياسي الوطني لكفاح أهالي القدس العرب ضد الاحتلال عبر تصوير الأحياء الفلسطينية على غرار العيسوية كبؤر للشغب والجريمة، وتصوير جنود شرطة الاحتلال على أنهم أبطال.

الصحافي غدعون ليفي عبّر عن رأي مخالف في قضية زرع "السلاح" في العيسوية، وقال في مقال نشرته "هآرتس" إن القناة والشركة المنتجة تستحقان الثناء، لأنهما عرضتا مسلسلا حقيقيا يصور واقع الاحتلال في القدس، بصفته الاحتلال الأكثر بشاعة والأكثر عنفا في الضفة الغربية.

واعتبر ليفي أن لحظة الذروة كانت في "زرع" البندقية في بيت سامر سليمان، لأنها لا تشذ عن سلوك الشرطة في المناطق المحتلة، حيث تقوم أحيانا بزرع دليل أو اختلاق ذريعة لسلوكها الوحشي، وعادة ما تقوم بزرع نفسها في المكان الذي يجب أن لا تتواجد فيه أبدا.

وفي وصفه لاستعراضات شرطة الاحتلال في العيسوية، يقول ليفي، قافلة من سيارات الشرطة تتجول في شوارع القرية المحتلة التي قامت إسرائيل بضمها للقدس، عناصر "الياسام" يسيرون على مهل في حركة سيادية ومستفزة بهدف شديد الوضوح يتمثل في إثارة المشاعر والتسبب بإلقاء حجر نحوهم.

"العيسوية تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى قاعدة تدريبات لعناصر "الياسام". هنا يجرون دورات استكمال في البلطجة، ويتعلمون العنف والوحشية، أكثر مما هم عليه الآن. هنا مسموح لهم فعل كل شيء مثل إلقاء قنبلة صوتية على معتقل مقيد، أو طرد أولاد مخيم صيفي فرحين وهم في طريقهم إلى أريحا، أو إطلاق النار في وجه طفل والتسبب بعماه، أو قتل فتى لأنه أطلق ألعابا نارية"، بحسب ليفي.

هنا، كما يقول ليفي، يستطيعون أن يعتقلوا ويشتموا و"يرفشوا" ويضربوا ويداهموا البيوت فجرا، وباستطاعتهم اعتقال الناس وإقامة الحواجز بهدف التنكيل، والإعلان عن حملات عبثية لتطبيق القانون، يفحصون خلالها إذا كان في كل سيارة مثلث تحذير، كأنهم حريصون على سلامة المواطنين!

التعليقات