"إيران لا تريد حربا مع إسرائيل"

محلل إسرائيل يصف تصريحات نتنياهو ووزرائه ضد إيران بأنها تهدف إلى بث حالة طوارئ تستوجب تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو، ويشدد على أن الإيرانيين ليسوا عند الحدود، وأن عديد العسكريين الإيرانيين في سورية لا يصل إلى 1% من قوتهم البرية

الجيش السعودي يستعرض صاروخي كروز استهدفا منشأتي "أرامكو" الشهر الماضي (أ.ب.)

لا يترك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أي مناسبة إلا ويتحدث فيها عن إيران وعن أنها خطر يهدد وجود إسرائيل. وأمس، الخميس، وجه نتنياهو تهديدا مباشرا إلى إيران، قال فيه إنه "توجد حالات تستوجب ضربة استباقية" وأن "إيران تهدد بمحونا عن الخريطة ومرة تلو الأخرى تحاول محونا". ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر مطلع على المداولات في اجتماع الكابينيت السياسي - الأمني، يوم الأحد الماضي، قوله إن السيناريوهات التي جرى بحثها تتعلق بتحسب إسرائيل من محاولة إيران تنفيذ هجوم إستراتيجي يستهدف إحدى المنشآت الإسرائيلية الحساسة بواسطة صواريخ كروز، على غرار الهجوم الذي استهدف منشأتي نفط في السعودية، الشهر الماضي. وأضاف المصدر أن هذا التحسب ازداد في أعقاب عدم رد الولايات المتحدة والسعودية على هذا الهجوم.

وبحلول الذكرى السنوية الـ46 لحرب تشرين أول/أكتوبر 1973، أو "حرب يوم الغفران" كما تصفها إسرائيل، هذا الأسبوع، سعى وزراء إسرائيليون إلى تشبيه وضع إسرائيل، اليوم، مقابل إيران بوضعها في الأيام الأولى من تلك الحرب، عندما أعلن وزير الأمن حينذاك، موشيه ديّان، أن "الهيكل الثالث"، أي إسرائيل، يوشك أن ينهار.

ورأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة، أن تصريحات نتنياهو ووزرائه تتضمن الكثير من المبالغة. وكتب أن "أي محاولة للمقارنة بين ما حدث حينذاك وضرب منشآت النفط والغاز السعودية، الشهر الماضي، هو ديماغوغية رخيصة، واستغلال فظ للذاكرة القصيرة. و18 طائرة مسيرة تحمل مواد ناسفة بزنة 30 كيلوغرام كل واحدة، وبين 8 – 10 صواريخ كروز مع رؤوس حربية بزنة 100 كيلوغرام، وأصاب اثنان منهما فقط الأهداف (بالسعودية)، ليس تهديدا بحجم حرب يوم الغفران، ولا يقترب من ذلك أيضا".

ويبدو أن الجيش الإسرائيلي سعى إلى الرد على حملة التخويف التي ينفذها الوزراء بقيادة نتنياهو. وأشار فيشمان، المقرب من مصادر رفيعة في الجيش الإسرائيلي كونه محلل عسكري في أكبر صحيفة إسرائيلية، إلى أن "إسرائيل تستعد منذ سنوات لمواجهة مع دخول صواريخ كروز إلى الشرق الأوسط. وربما اكتشف الكابينيت تهديد صواريخ كروز الإيرانية يوم الأحد الماضي فقط، لكن منذ فترة طويلة يرصد جهاز الأمن موارد كبيرة لهذا التهديد، بموجب خطة عمل متعددة السنوات".

وشدد فيشمان على أن اجتماع الكابينيت الأخير هو "حدث سياسي ذو نكهة أمنية تستحق النشر عنه في التوقيت الحالي، عندما يكون هناك من يرغب بنشوء شعور بحالة طوارئ يسرع تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو". وحذر فيشمان من أن "صراخ ’ذئب، ذئب’ قد تعود علينا كسهم مرتد، لأنه إذا حدثت في المستقبل أزمة تشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل، فإن الجمهور قد يفقد الثقة بالرسائل التي ستأتي من المؤسسة الأمنية".  

وأضاف فيشمان أنه "ينبغي أن ندرك: إيران لا تميل إلى إرسال قواتها إلى حروب إقليمية. والدرس الماثل أمام أنظار قادتها هو حرب إيران – العراق التي قتل خلالها مئات آلاف الإيرانيين في معارك عبثية، وأبقت ندب عميقة في المجتمع الإيراني. وهكذا، فإنه خلافا للتصريح المحرج بأن ’الإيرانيين عند الحدود’، الذي أطلقه وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينيتس، إلا أن الإيرانيين لا يتواجدون عند الحدود".

وتابع أنه "طوال الحرب الأهلية في سورية، لم يصل عدد العسكريين الإيرانيين في أراضيها حتى إلى 1% من عديد قواتها البرية. وعلى عكس الصورة الشيطانية وغير العقلانية التي يحاولون في إسرائيل إلصاقها بالإيرانيين، فإنهم لا يعتزمون التضحية بمئات الآلاف في حرب إقليمية، إلا إذا كان النظام في خطر. والنظام في طهران سيأخذ ذلك بالحسبان قبل أن يقرر مهاجمة أهداف إستراتيجية في إسرائيل بواسطة صواريخ بالستية... زد إلى ذلك أن صورة إسرائيل هي أنها دولة غير متوقعة لدرجة جنونية" من حيث ردود فعلها العسكرية.

من جهة أخرى، أشار فيشمان إلى أن "على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان أن إيران قادرة على ضرب أهداف إستراتيجية تبعد مئات الكيلومترات عن أراضيها من دون استخدام طائرات". لكنه اعتبر أن "لا يوجد تناسب بين الضربات الشديدة التي وجهها الجيش الإسرائيلي للمصالح الإيرانية وبين رد الفعل الإيراني الصغير. وتبدو هذه كأنها حرب أحادية الجانب. ويوجد تفسير منطقي واحد لذلك، وهو أنه لا مصلحة لإيران الآن للدخول في مواجهة مع إسرائيل، وتحرفها عن غايتها المركزية بممارسة ضغط عسكري على مرافق النفط من أجل التسبب برفع العقوبات. ومحاولة إيرانية لضرب حقل غاز إسرائيلي، على سبيل المثال، ستكون إعلان حرب بالنسبة لإسرائيل. والإيرانيون لن يسارعوا إلى مخاطرة كهذه".

وخلص فيشمان إلى أنه "يحظر الاستخفاف بالقدرات التي جمعتها إيران في مجال صواريخ كروز والطائرات المسيرة، وخاصة تلك التي يتجاوز مداها 700 كيلومتر – وهي المسافة بين إسرائيل وغرب العراق. ولكن أي محاولة للربط بين فشل الدفاع عن المنشآت الإستراتيجية في السعودية وبين الحماية الفعالة على المواقع الإستراتيجية في إسرائيل هو إشكالي".

التعليقات