إسرائيل سارعت لهدنة: استمرار القتال يستدعي حماس ويوسع التصعيد

"الجهاد الإسلامي تمكن من تعطيل إسرائيل ليومين. فماذا سيحدث إذا نشبت حرب مع إيران، حزب الله وحماس؟ عندها لن نقوم بتعداد قذائف صاروخية، وإنما مئة ألف صاروخ وأكثر تحمل رؤوسا حربية أكبر بعشرات المرات ودقتها بالغة"

إسرائيل سارعت لهدنة: استمرار القتال يستدعي حماس ويوسع التصعيد

ملجأ في أشكلون (عسقلان)، أمس (أ.ب.)

ربما تكون حركة الجهاد الإسلامي قد سعت إلى التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لوقف إطلاق النار، الليلة الماضية، لكن المؤكد هو أن إسرائيل سارعت إلى وقف إطلاق النار، وذلك لأن هدفها الأساسي من عدوانها الأخير على غزة كان اغتيال القيادي العسكري في الجهاد، بهاء أبو العطا، والهدف الثاني هو توقف إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه "غلاف غزة" ومدن الجنوب، وبينها أشدود وأشكلون وسديروت، وألا يتسع مدى الرشقات الصاروخية إلى مدن كبرى أخرى.

ولفت المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، اليوم الخميس، إلى أنه "اعترفوا في إسرائيل، أمس، أن الحديث يدور عن رهان على الزمن. وأنه كلما تأخر الاتفاق على وقف إطلاق النار، ترتفع احتمالات التصعيد وانضمام حماس إلى القتال، خاصة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي جباية ثمن من الجهاد، وبالأساس استهداف خلايا إطلاق القذائف الصاروخية، وخلال ذلك مهاجمة عدة أهداف نوعية للحركة، الأمر الذي يزيد احتمالات خطأ أو خلل".

واضاف ليمور أن "التقديرات في إسرائيل كانت تميل أمس إلى إنهاء قريب للأحداث، ولكن الاستعدادات الميدانية كانت باتجاه التصعيد، كي لا يفاجأوا في حال تشوشت الأمور. وهذه كانت أيضا الرسالة الواضحة التي جرى نقلها إلى حماس، علنا وبواسطة وسطاء، بأنه ليس لدى إسرائيل أي مصلحة ضده وستكون مسرورة بالعودة إلى التهدئة، لكنها مستعدة لإمكانية أن تتطور الأمور بشكل آخر".   

"معركة تكتيكية"

وأشار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق ورئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عاموس يدلين، إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في اليومين الماضيين، كان معركة تكتيكية وليست إستراتيجية. وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"ن اليوم، أنه "في السنوات الأخيرة، وفي الجبهات المختلفة التي تواجه فيها إسرائيل أعداءها، توجد بلبلة بين حدث ذي أهمية إستراتيجية وبين حدث تكتيكي".

حشود إسرائيلية عند حدود غزة، اليوم (أ.ب.)

وتابع أنه "برؤية إستراتيجية، في حالة تصفية أبو العطا، لا يدور الحديث عن تغيير جوهري في الوضع الأساسي في غزة. فالفصائل في القطاع تواصل تشكيل تهديد عسكري كبير على الحياة الطبيعية في إسرائيل وأمن سكانها. واستمرار تعاظم قوة الفصائل الإرهابية يستوجب في نهاية الأمر (شن) معركة عسكرية وسياسية أوسع بكثير مما يحدث الآن".

وأردف يدلين "من هنا، الجولة الحالية ليست معركة إستراتيجية. وبالنسبة لإسرائيل، فإن الإنجاز الذي تم وضعه للعملية (الاغتيال) هو موضعي وتحقق فورا في بدايته، ولذلك تتطلع إسرائيل إلى إنهائه".

ولفت يدلين إلى أن "اختيار إسرائيل التركيز على الجهاد الإسلامي، وليس حماس، كعنوان للسلطة الحاكمة، هو تغيير للسياسة المتبعة منذ سنوات طويلة التي كانت تحمل مسؤولية كاملة على حماس بما يتعلق بأي عملية عسكرية ضد إسرائيل من أراضي القطاع. وهكذا بقي لحماس حيز مناورة قياسا بما عهدته في الماضي".

واعتبر يدلين أن "إسرائيل فقدت نجاعة نظام إنهاء المعركة. فممارسة ضغط عسكري مكثف على القطاع ليس ممكنا، تحسبا من دخول حماس إلى المعركة... وحماس لم تسارع إلى إنهاء المواجهة، ولم تمارس قدرتها كلها من أجل كبح الجهاد الإسلامي".

وحسب يدلين، فإن إيران تمول الجهاد الإسلامي الفلسطيني، "وفي اليوم الذي يلي المعركة الحالية، وبعد أن تتوسط مصر وتنجح في وقف إطلاق النار، ستكون قضية قطاع غزة خاصة، وحرب الأذرع الإيرانية من كافة اتجاهات إسرائيل عامة، موضوعة أمام الحكومة الإسرائيلية المقبلة، مهما كانت تركيبتها".

"مناعة قومية لينة"

حسب الصحافي في القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية، أمنون أبراموفيتش، في مقال في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، ناداف أرغمان، أيدا عملية الاغتيال فعلا، لكنه ألمح إلى أنه لم يكن بإمكانهما معارضتها بسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، وكأن قرار نتنياهو بتنفيذ الاغتيال نابع من أزمته السياسية. "ولو عارضا لاتهما بمزج اعتبارات سياسية في اعتبارات عسكرية. وقد عارضا الاغتيال قبل الانتخابات وبعد إطلاق قذائف صاروخية على أشدود، عندما كان نتنياهو يخطب في مهرجان انتخابي، لأنه كان واضحا لهما أن اغتيال أبو العطا سيقود إلى حرب، يمكن أن يقرر بشأنها الكابينيت فقط".

إطلاق قذائف صاروخية من غزة، الليلة الماضية (أ.ب.)

ولفت أبراموفيتش إلى أن "الجهاد الإسلامي، وهو فصيل إرهابي صغير، تمكن من تعطيل إسرائيل في اليومين الماضيين. فماذا سيحدث، لا قدر الله، إذا نشبت حرب مع إيران، حزب الله وحماس؟ عندها لن نقوم بتعداد بضع مئات القذائف الصاروخية التي تحمل رؤسا حربية صغيرة جدا، وإنما مئة ألف صاروخ وأكثر تحمل رؤوسا حربية أكبر بعشرات المرات ودقتها بالغة".

وأشار إلى خلل في السياسة الإسرائيلية. "التموضع الإيراني حول حدودنا، تزايد قوة المنظمات الإرهابية، الأسلحة الدفاعية والهجومية التي كان بالإمكان أن تكون موجودة بحوزة الجيش الإسرائيلي، النقص المتوقع بالصواريخ الاعتراضية، ستبرر يوما ما تشكيل لجنة تحقيق رسمية في العلاقة بين السياسة وانعدام الأمن، والعلاقة بين الخطابات والإخفاقات. وقد فشل أعداء إسرائيل في هزم الجيش الإسرائيلي لكن تملأهم الغبطة والفرح بسبب قدرتهم على تعطيل الحياة. الصلابة المدنية المتفرقة، المناعة القومية اللينة، تملأهم بالأمل".  

التعليقات