"التوتر بغزة قلّص الهجمات الإسرائيلية ضد إيران في سورية"

تحليل إسرائيلي: "من يريد منع إقامة حزب الله آخر في سورية، عليه العمل ضد إيران الآن، وبالرغم من المخاطر... وإيران سترد عاجلا أم آجلا، وستسعى إلى توجيه ضربات ضد إسرائيل، وهي تعتزم أن تكون هذه الضربات موجعة"

قوات إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، العام الماضي (أ.ب.)

أطلق وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، تصريحات منفلتة ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وضد إيران، مهددا قادتها بالاغتيال ومتعهدا بإخراج الوجود الإيراني العسكري من سورية. ولاقت هذه التصريحات انتقادات، بعضها شديد، من جانب محللين عسكريين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، الذين يكتبون تحليلاتهم، غالبا، بعد الحصول على معلومات من الجيش، فيما تحدث ضباط بدون الكشف عن هويتهم ضد تصريحات بينيت.

في هذا السياق، كتب المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، اليوم الثلاثاء، أن القصف الصاروخي الإسرائيلي قرب دمشق، ليلة السبت – الأحد الماضية، ربما يكون مؤشرا على "بداية فترة جديدة"، وأنه "أذا أردنا أن نقدر بحذر، من خلال الاستناد على التصريحات الأخيرة لبينيت، فإنه يبدو أن إسرائيل تعتزم رفع السقف في جهودها للجم محاولات إيران التموضع في سورية وتسليح حزب الله والمليشيات الشيعية".

لكن ليمور أشار إلى أن "هذه سياسة قديمة. بدايتها أثناء ولاية بيني غانتس في رئاسة أركان الجيش، ووصل أوجها أثناء ولاية غادي آيزنكوت (كرئيس لأركان الجيش). وفي العامين 2017 – 2018 نفذت إسرائيل أكثر من ألف عملية عسكرية مختلفة ضد الإيرانيين في الجبهة الشمالية. قسم منها عسكري، وقسم آخر اقتصادي، سياسي، قضائي وإدراكي. وكانت النتيجة تحقيق نجاح ملموس في منع التموضع الإيراني، نجاح جزئي في منع نقل أسلحة، وصفر نجاح في إقناع الإيرانيين بالتوقف عن هذين المجهودين".

وأضاف ليمور أن إسرائيل قلصت عملياتها العسكرية ضد الإيرانيين في سورية، في الأشهر الأخيرة. وأوضح أن "هذا نابع من التوتر في غزة، الذي وصل أوجه باغتيال (القيادي العسكري في الجهاد الإسلامي) بهاء أبو العطا، بداية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ولعدم الرغبة بالتورط في قتال في جبهتين بالتوازي"، علما أن المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين تحدثوا، طوال السنوات السابقة، عن أن إسرائيل لن تتردد في القتال في كلتا الجبهتين في آن واحد، كما أعلنت عن أنها أجرت مناورات وتدريبات عسكرية تحاكي سيناريو كهذا.

وتابع ليمور أن تقليص العمليات العسكرية ضد الإيرانيين في سورية، "نابع أيضا من تزايد جرأة الإيرانيين، التي وصلت أوجها في إسقاط الطائرة الأميركية المتطورة من دون طيار وفي مهاجمة منشآت نفطية في السعودية، التي قادت إلى تقديرات في إسرائيل بأنها (إيران) لن تضبط النفس حيال هجوم آخر ضدها".

رغم ذلك، اعتبر ليمور أن "إسرائيل عادت الآن إلى العمل، وبقوة. فغزة هادئة، وإيران حازمة أكثر من ذي قبل"، وذلك لأن "القيادة السياسية – الأمنية (الإسرائيلية) تحذر من أنه إذا لم يتم كبحها، فإنها ستضع أمام إسرائيل تهديدا لا يحتمل. وبكلمات أخرى: من يريد منع إقامة حزب الله آخر في سورية، عليه العمل الآن، وبالرغم من المخاطر".

لكن ليمور أشار إلى أربعة تطورات حاصلة حاليا ينبغي على إسرائيل أن تأخذها بالحسبان في حال قررت تصعيد عملياتها، وهي:

التطور الأول، يتعلق بالانتخابات الثالثة للكنيست واحتمال أن تعتبر عمليات عسكرية كدعاية انتخابية. وفي هذا السياق، رأى ليمور أن عمليات عسكرية في التوقيت الحالي يستوجب التنسيق مع المعارضة الإسرائيلية و"جهات أخرى".

التطور الثاني، يتعلق بتوتر العلاقات بين إسرائيل وروسيا، "وعدم الارتياح في روسيا من العمليات الإسرائيلية في سورية، لدرجة أن وزارة الدفاع الروسية طالبت بوقفها".

التطور الثالث، يتعلق بالوضع الداخلي في إيران نتيجة للضائقة الاقتصادية، إلى جانب إمكانية استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

واعتبر ليمور أن هذين التطورين "يستوجبان نشاطا سياسيا منسقا بين مكتب رئيس الحكومة، وزارة الأمن، وزارة الخارجية، مع الجيش الإسرائيلي والموساد".

والتطور الرابع، يتعلق باحتمال حدوث رد إيراني غير مألوف، سيقود إلى تصعيد وربما إلى حرب أيضا. وحسب ليمور، فإن هذا "يستوجب استعداد الجيش الإسرائيلي بشكل واسع من أجل الردع، وغذا اشتعل الوضع فعلا، فإننه يستوجب ردا موضعيا أو الاستعداد لسيناريو أوسع، ينضم فيه حزب الله إلى الحرب".

واعتبر ليمور أن "هذا يعني أن على إسرائيل الاستمرار بالعمل بقوة، ولكن بالعقل أيضا. وعدم ضرب رأسها بالحائط. وأن تعرف كيف تتغير وملاءمة العمليات العسكرية للتطورات الميدانية. والتوقع أن يستسلم الإيرانيون ويتنازلون عن التموضع بسبب الهجمات الإسرائيلية فقط، ليس واقعيا. وهذا سيحصل – إذا كان سيحصل – من خلال اتفاق بين الدول العظمى فقط، وعلى إسرائيل العمل من أجل تحقيقه بالطبع".

وخلص ليمور إلى الترجيح أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران في سورية، التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي تسمية "المعركة بين حربين"، بادعاء أنها تُبعد الحرب، لن تستمر لفترة طويلة. "إيران سترد عاجلا أم آجلا، وستسعى إلى توجيه ضربات ضد إسرائيل، وهي تعتزم أن تكون هذه الضربات موجعة. وقد تنجر إسرائيل إلى أيام قتالية، وربما أكثر من ذلك. وحسنا تفعل إذا استعدت لذلك منذ الآن، في الداخل والخارج".  

التعليقات