وقف إطلاق نار غير مستقر: سياسة وممارسات إسرائيل تصعّد التوتر

عدة مؤشرات تدل على أن وقف إطلاق النار في أعقاب العدوان على غزة ليس مستقرا، خاصة إثر ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة وفي الضفة الغربية والقدس، في الأيام الماضية. وتسهم مشاهد القتل والدمار والاعتقالات بذلك

وقف إطلاق نار غير مستقر: سياسة وممارسات إسرائيل تصعّد التوتر

شرطة الاحتلال تنكل بمحتجين فلسطينيين في الشيخ جراح، أمس (أ.ب.)

تدل عدة مؤشرات على أن وقف إطلاق النار في أعقاب العدوان على غزة ليس مستقرا، خاصة إثر ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة وفي الضفة الغربية والقدس، في الأيام الماضية. ورغم إعلان الإدارة الأميركية أنها تسعى، من خلال جولة وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، في المنطقة والتي بدأت اليوم، الثلاثاء، إلا أن المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار، بوساطة مصرية ودعم أميركي، لا يتطرق لتفاصيل التهدئة وركز بالاساس على "الهدوء مقابل الهدوء".

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، اليوم، إلى أنه "ربما انتهت عملية ’حارس الأسوار’ العسكرية رسميا، لكن التوتر الأمني ما زال قائما. وعلى هذه الخلفية، فإن استئناف إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة هو سيناريو معقول، والهدوء في الأيام الأخيرة مؤقت".

وأضاف أن "جهاز الأمن الإسرائيلي يرى أن هذه إمكانية واردة"، ولفت أن "هذا بالأساس بسبب عزم إسرائيل تغيير سياسة رد الفعل على إطلاق قذائف صاروخية ونظام نقل أموال المساعدات إلى القطاع" ليصبح عن طريق السلطة الفلسطينية.

وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في رام الله، أمس (أ.ب.)

وسبب آخر لاحتمال تصاعد التوتر، حسب ليف رام، هو أن "‘سرائيل تريد اشتراط استمرار الترميم الاقتصادي للقطاع والاستثمار في مشاريع دولية بتعهد حماس وتقدم في حل قضية الأسرى والمفقودين"، أي صفقة تبادل أسرى وفقا للشروط الإسرائيلية التي ترفض مطالب حماس في هذه القضية.

وأشار ليف رام إلى أن "الفجوات بين إسرائيل وحماس ما زالت كبيرة جدا. وليس بمقدور الوسطاء المختلفين، وخاصة المصريين الذين يعملون طوال الوقت من وراء الكواليس، الجسر بين الجانبين. وهكذا عمليا، الموافقة المتبادلة على وقف إطلاق النار، التي دخلت حيز التنفيذ فجر الجمعة، ليست مستقرة. وأي حدث غير عادي، مثل إطلاق نار من القطاع أو عملية طعن في القدس، بإمكانه إشعال التصعيد في الجنوب مرة أخرى".

وجرت مداولات بهذا الخصوص، أمس، في جهاز الأمن وأخرى عقدها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "بهدف بلورة السياسة الإسرائيلية بعد العملية العسكرية"، وفقا لليف رام.

أسباب لتصعيد جديد محتمل

استعرض المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار، ووصفها بـ"المتفجرات":

أولا: إعلان نتنياهو في أعقاب وقف إطلاق النار عن أن إسرائيل وضعت "معادلة جديدة"، في أعقاب توصيات الجيش الإسرائيلي، بالرد بشدة على إطلاق أي قذيفة صاروخية أو بالون حارق، إضافة إلى تحويل المنحة المالية القطرية عن طريق السلطة الفلسطينية. وبذلك، "قوّضت الهيئة العامة للجيش الإسرائيلي المستوى السياسي". "وأي فصيل فلسطيني يريد لسبب ما الدخول في خصومة مع السلطات في القطاع، سيعلم منذ الآن أن يمسك بمفتاح التصعيد".

دمار رهيب ألحقه الاحتلال بغزة. المغازي، أمس (أ.ب.)

ثانيا: المعابر لغزة مغلقة لفترات أطول مما هي هي مفتوحة، "على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية في القطاع أثناء القتال والحاجة إلى ترميم سريع وضخ مواد جديدة. وأحد أهداف ذلك هو تسريع محادثات حول استعادة الأسرى والمفقودين المحتجزين في القطاع". ويشار إلى أن الحديث يدور عن جثتي جنديين ومواطنين إسرائيليين. "وثمة شك إذا كانت حماس ستستلم بسرعة لهذه الضغوط. واستمرار الأزمة الإنسانية من شأنه أن يسرع تصعيدا آخر أيضا".

ثالثا: التوتر في الضفة الغربية والقدس. "المواجهة الأخيرة بدأت في القدس، حول المظاهرات ضد (مخطط إسرائيلي) إخلاء عائلات فلسطينية من الشيخ جراح، نصب الشرطة الإسرائيلية لحواجز عند باب العامود والتوتر في جبل الهيكل (الحرم القدسي). ولم يتم حل الخلافات في الشيخ جراح والتوتر في المسجد الاقصى لدى وقف القتال في غزة".

وأضاف هرئيل أنه "تسهم مشاهد القتل والدمار للأجواء المتوترة في القدس والضفة، والدماء التي سُفكت في قطاع غزة كافية كي لإثارة الغليان في الميدان". وأشار إلى أن مؤشرات أولية على ذلك ظهرت من خلال عمليات طعن، في الأسبوعين الأخيرين، نفذها فلسطينيون لا ينتمون لفصائل، "وعلى الأرجح أن أحداثا كهذه ستستمر". وإلى جانب ذلك، فإن حملات اعتقال تمارسها قوات الاحتلال من شأنها أن تشكل مصدرا آخر "لصيانة التوتر، على نار هادئة أو حتى بقوة أكبر".

التعليقات