الوحدة 8200

ضجت الصحافة الإسرائيلية مؤخرًا، بعد نشر رسالة أرسلها جنود من وحدة 8200 لرئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الأركان والضابط المسؤول عن وحدتهم، مفادها أنهم يرفضون مواصلة الخدمة في الوحدة 8200 خاصة، وفي الجيش الإسرائيلي بشكل عام، لأنه مسؤول عن أذية ملايين المواطنين وأن وحدتهم جزء من الحكم العسكري والاحتلال الذي يمارس بالضفة الغربية على عكس ما قالوا لهم أنها وحدة ذات أخلاق عالية وتعمل لحماية دولة إسرائيل.

الوحدة 8200

ضجت الصحافة الإسرائيلية مؤخرًا، بعد نشر رسالة أرسلها جنود من وحدة 8200 لرئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الأركان والضابط المسؤول عن وحدتهم، مفادها أنهم يرفضون مواصلة الخدمة في الوحدة 8200 خاصة، وفي الجيش الإسرائيلي بشكل عام، لأنه مسؤول عن أذية ملايين المواطنين وأن وحدتهم جزء من الحكم العسكري والاحتلال الذي يمارس بالضفة الغربية على عكس ما قالوا لهم أنها وحدة ذات أخلاق عالية وتعمل لحماية دولة إسرائيل.

يقول الجنود في رسالتهم إنهم تجندوا في الوحدة لأنها ذات قيم إنسانية وأخلاق عالية، وتحمي دولة إسرائيل وتدافع عنها، لكنها لا تؤذي أحدًا ولا تعتدي على الخصوصيات، لكنهم اكتشفوا أنهم أبعد ما يكون عن القيم الإنسانية والأخلاق، فوحدتهم تساهم بشكل كبير بانتهاكات لكل الحقوق الطبيعية للبشر وخاصة في احتلال الضفة الغربية، فهي تارة تمنع مواطنًا بريئًا من نيل حريته أو أن يحاكم محاكمة عادلة عندما تدعي أمام القاضي أن معلوماتها سرية، ولا يحق حتى للقاضي مناقشتها، وينال البريء عقابًا دون أن يقترف أي ذنب، وأحيانًا تدفع فئات من الشعب الفلسطيني للاقتتال مع فئة أخرى لا ذنب لها بشيء، وأحيانًا قتل العديد من البريئين وخاصة الأطفال.

ما هي هذه الوحدة وما هو عملها؟

وحدة 8200 هي وحدة جمع المعلومات في الاستخبارات العسكرية، وهي أكبر وحدة من ناحية العدد والإمكانيات والميزانية، وواحدة من أهم الوحدات في الجيش الإسرائيلي ولا يقبل لها أي شخص، قائدها ضابط كبير برتبة عميد وعادة ما تكون هويته سرية، وتكشف بعد انتهاء فترة قيادته وتعيين آخر مكانه، تتوزع على الكثير من قواعد الجيش في إسرائيل، لكن قيادتها المركزية في قاعدة "جليلوت" القريبة من مدينة تل أبيب، وتملك في النقب قاعدة عسكرية للتنصت والتسجيل، تعتبر من أكبر قواعد التنصت والتجسس في العالم.

وتتقسم الوحدة 8200 إلى الكثير من الفروع، أكبرها يختص بمتابعة التليفزيون والراديو والانترنت بكل اللغات، والآلاف من المجندين وظيفتهم متابعة مواقع التواصل الاجتماعي بكل اللغات، مع التركيز على كل ما هو ناطق بالعربية. وقسم آخر يختص بترجمة كل ما تجمعه الوحدات والعملاء الميدانيين من كل لغات العالم إلى العبرية، ومعظم هؤلاء أيضًا يركزون على كل ما هو بالعربية.

وهناك وحدة السايبر المختصة بنظم حماية المعلومات والاختراق والتجسس على ما يطلب منهم على شبكات الانترنت.

القبول للوحدة

يخضع المرشحون للانضمام الوحدة المعتبرة للكثير من امتحانات القبول والتصنيف، فالوحدة 8200 لا تقبل إلا المميزين، وتضمن لهم مستقبلًا في إحدى أكبر شركات الهاي-تك أو إحدى الشركات الكبرى في إسرائيل، بحكم الخبرة التي اكتسبوها في الوحدة.

الأغلبية الساحقة من المجندين في الوحدة 8200 يتقنون العربية جيدًا، فهي أكثر لغة مطلوبة هناك، وعلى جميعهم التعامل مع التقنيات بشكل يفوق الممتاز، قبل عدة سنوات بدأ عدد الملائمين للوحدة يقل، لذا قامت الوحدة بوضع برامج تعليمية في المدارس لتضمن مجنديها من جيل صغير، فأنشأت برنامج "عاتيد" الذي يثري الطالب في اللغة العربية وغيرها، ويقوم مجندون بالوحدة بنفسهم بتدريس الطلاب وتدريبهم ليكونوا أكثر جهوزية للوحدة.

وهناك أيضًا برنامجي "غفاهيم" و "مغشيميم" اللذان يكسبان الطلاب خبرة بالتقنيات والتكنولوجيا ونظم المعلومات، حمايتها واختراقها، ليتمكن الطلاب من الانضمام للوحدة بكفاءة عالية بدلًا من تدريبهم هناك.

الانجاز والفضيحة

أسست نواة هذه الوحدة مع بدء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.  وفي حرب الـ67، رصدت الوحدة مكالمة هاتفية بين جمال عبد الناصر والملك حسين، وقامت بنشرها في الإذاعات بقرار من وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، موشي ديان، رغم اعتراض رئيس الاستخبارات العسكرية على النشر، بسبب أن النشر ممكن أن يؤدي لكشف طريقة عمل الاستخبارات العسكرية وإمكانياتها، وهذا ما حدث.

وفي حرب أكتوبر، سجل أكبر فشل للوحدة وسماها الكثيرون بالفضيحة، حيث لم تستطع الوحدة المنتقاة من كشف نية مصر وسوريا بمحاربة إسرائيل، وبقي أفرادها مصرون على أن الدولتين لا تستطيعان خوض حرب ضد إسرائيل، رغم أن بعد الحكام العرب آنذاك ومنهم الملك حسين، قد حذروا رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير من تحضير مصر وسوريا للحرب، وكان الانتصار للعرب والهزيمة المدوية لإسرائيل والأصعب لوحدة جمع المعلومات.

 واليوم، بعد انتشار الرسالة، تباينت الآراء وانهالت الانتقادات والهجمات عليهم من قبل مسؤولين وقيادات سياسية وعسكرية، إعلاميين ومحللين وحتى عامة الشعب، ومعظمهم اتهموهم بخيانة الدولة والانجذاب للفلسطينيين دون وجه حق، وأنه لعار كبير أن أمثالهم مجندون في 8200 المصنفة من أهم الوحدات في الجيش الإسرائيلي.

وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالإشادة بهم وبدورهم، وداعهم لمواصلة مهامهم وأن من يترك إسرائيل في هذه الحالة يعتبر خائنًا، ومثله قال وزير الأمن موشيه يعالون، وبدوره أدان نشر الرسالة بحجة أنها تساهم في نزع الشرعية عن إسرائيل وتساعد أعدائها في الحرب على كسب الرأي العام العالمي.

ولم تتخذ أي خطوة رسمية بحق من نشروا الرسالة ووقعوا عليها، في ظل المطالبة بفصلهم من الجيش وتقديمهم لمحاكمات عسكرية، وهناك من يطلب محاكمتهم بتهمة الخيانة في زمن الحرب. 

التعليقات