12/07/2015 - 21:33

أنجيلا ميركل ... سيّدة التناقضات

وهي سيّدة التناقضات بامتياز، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بلد شيوعي، وكانت تمر في صباها أمام النصب التي كانت تنهض ملء السمع والأبصار لماركس ولينين، وأقوالهما التي شكّلت أناجيلًا بتِرسٍ وصولجان؛ هي اليوم رئيسةً لحزب يميني، لا بل يمينيٌّ جد

أنجيلا ميركل ... سيّدة التناقضات

ميركل تواجه أكبر أزمة في منطقة اليونان منذ نشأتها (أ.ف.ب)

أنجيلا ميركل، المرأة الحديديّة التي لا تعرف المستحيل، وهي صاحبة لقب 'أول' في الكثير من مضامير السياسة في البلاد، فهي أوّل مستشارة لألمانيا، وأول امرأة تتصدّر قائمة أقوى الأشخاص في العالم، وأول مسيحيّةٍ بروتستانتيّة تتولى رئاسة حزب كاثوليكيّ متشدّد.

وهي سيّدة التناقضات بامتياز، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بلد شيوعي، وعهدت في صباها المرَّ  أمام النصب التي كانت تنهض ملء السمع والأبصار لماركس ولينين، وأقوالهما التي شكّلت أناجيلَ بتِرسٍ وصولجان؛ هي اليوم رئيسةً لحزب يميني، لا بل يمينيٌّ جدًا؛ معروف بمواقفه المتشدّدة ضد الإنفاق الحكومي الباذخ وتضييق الخناق على العاطلين عن العمل، وهنا مربط الفرس، اليونان والتقشّف!

لا خلاف بين اليونان وميركل على ضرورة التقشّف، لكن السؤال، التقشّف عن ماذا وعلى حساب من؟ يصرّ تسيبراس، الكادح القادم من حزب اليساريّين المُعدمين، أن يكون التقشّف برفع نسب الضرائب، بما معناه أن يساهم الأغنياء وأصحاب المشاريع السياحيّة الضخمة بالنسبة الأكبر من الدعم المقدّم لاقتصاد البلاد المنهك، بينما تطالب ميركل بخفض إنفاق الدولة تدريجيًا على المجال الاجتماعي وصولا حتى إلغاءه، أي على حساب الطبقات ذات الدخول المحدود، بل قل، عديمة الدخل!

بينما تعاند ميركل وتحرّض، ومعها في ذلك رؤوس الأموال الألمانيّة وأصحاب البنوك، الذين أقرضوا اليونانَ مئات الملايين من الدولارات، وتؤيّدها في ذلك فرنسا ويجمعهما المال وكره تركيا! فميركل هي المعارض الرئيس والأبرز لانضمام تركيا انضمامًا كاملًا للاتحاد الفتيّ للقارة العجوز الذي يواجه أحد أكبر تحدّيات وجوده.

اقرأ أيضًا: اقتصاد اليونان ... على شفير الهاوية؟

ميركل، الحاصلة على دكتوراةٍ في الفيزياء، وهي بذلك أستاذة جامعيّة في التخصّص العلمي الأصعب، تقف الآن أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن تدعم اليونان بحزمة قروض، على حساب معتقداتها الشخصيّة ومبادئها؛ وإما أن تواجه العواقب غير المتوقّعة المترتبّة على خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي وسحره اليورو، والعين تنظر إلى إسبانيا وإيطاليا، هي إذًا وضعيّة الخاسر – الخاسر.

فأي الخيارات ستواجه ميركل الحديديّة، التي لعبت في الساحة اليونانيّة على مدار السنوات الخمس الأخيرة، وكانت، أي ميركل، عنوانًا للمشاورات حول أزمة اليونان قبل رئيس وزراء اليونان نفسه، أمام حكومة تسيبراس الذي لا شيء يخسره، سوى اليورو، وهي خسارة تعادل الربح!

الأيام حبلى بالتحدّيات الشديدة لميركل، المرأة الحديديّة التي قد تصيبها مياه جزر اليونان بالصدأ.

التعليقات