إفلاس "ليمان براذرز" وبيع "ميريل لينش" يهزان الاقتصاد الأميركي

اضطراب خطير في البورصات العالمية، ويتخوف الكثيرون من أنه بات خارج نطاق السيطرة، ما ينذر بعواقب وخيمة على النظام المالي العالمي..

إفلاس
بعد إعلان إفلاس مصرف "ليمان براذرز" ومؤسسة "ميريل لينش"، وهما اثنان من أكبر العمالقة الماليين، متسببين في اضطراب خطير في البورصات العالمية، يتخوف الكثيرون من أنه بات خارج نطاق السيطرة، ما ينذر بعواقب وخيمة على النظام المالي العالمي.

وفي أحدث التقلبات التي تشهدها السوق المالية في نيويورك، أشهر مصرف "ليمان براذرز"، رابع أكبر مؤسسة مالية استثمارية في الولايات المتحدة، إفلاسه ما أدى إلى تراجع قيمة سهمه بنسبة 95% ليقفل على 19 سنتاً.

وأشار المصرف، في بيان، إلى أن القيمة الإجمالية لديونه بلغت 613 مليار دولار حتى 31 أيار/ مايو الماضي، فيما لم تتعد قيمة أصوله 639 مليار دولار.

وتسبب هذا الإعلان، مصحوباً بمخاوف من إقدام المزيد من المصارف على خطوات مماثلة، بموجة ذعر قوية في بورصة "وول ستريت"، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم في بداية التعاملات، ما انعكس سلباً على مؤشرات البورصة الأميركية، حيث هبط مؤشر "داو جونز" 279,3 نقطة، فيما تراجع مؤشر "ستاندرد أند بورز" الأوسع نطاقا 27,31 نقطة.

وتردد صدى هذا القرار حول العالم حيث تأثرت به البورصات العالمية وأسواق السلع والمصارف المركزية والحكومات وغيرها من المؤسسات المالية، إذ هبطت البورصات الأوروبية بنسبة 5%، في الوقت الذي أغلقت فيه مؤشرات الأسواق الآسيوية على انخفاض تراوح بين 4.09% في المئة في تايوان، و 4.2% في الفيليبين، فيما خسرت البورصات الخليجية 7% من قيمتها.

في غضون ذلك، أعلن "بنك أوف أميركا" عن شراء أسهم مؤسسة "ميريل لينش" الاستثمارية، في صفقة بلغت قيمتها 50 مليار دولار.

وفيما أدى هذا الإعلان إلى ارتفاع أسهم الشركة المالية بنسبة 24%، انخفض سعر سهم "بنك أوف أميركا" بنسبة 15%.

وفي قطاع التأمينات، انخفض سعر سهم "آي أي جي" العملاقة بنسبة 44%، بعدما أعلنت الشركة عن نيتها إعادة جدولة ديونها المالية.

من جهة أخرى، انخفض سعر الدولار بشكل كبير أمام اليورو قبل ان يسترد بعضا من عافيته في تعاملات متقلبة، فيما تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ سبعة أشهر، حيث وصل سعر البرميل إلى اقل من 93 دولارا بسبب مخاوف من ضعف الطلب على الطاقة، نتيجة لتباطؤ محتمل في الاقتصاد الأميركي.

وفي محاولة لاحتواء التداعيات، أعلنت عشرة مصارف دولية إنشاء صندوق طوارئ بقيمة 70 مليار دولار لمساعدة المصارف التي تحتاج إلى سيولة، فيما قرّر مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضخ 70 مليار دولار في الأسواق.

في المقابل، دفعت هذه التقلبات هيئات الاستثمار السيادية الكبرى في دول الخليج العربي إلى الامتناع عن محاولة إنقاذ أي من المصارف المتعثرة، مفضلة زيادة استثماراتها في الداخل لتعزيز بورصات إقليمية تضررت بسبب الاضطرابات المالية العالمية.

وأقرّ الرئيس الأميركي جورج بوش بالمخاوف التي يشعر بها المستثمرون والعاملون في قطاع المال نتيجة لهذا الاضطراب، لكنه قال أنّ إدارته تعمل على تخطي هذه الأزمة. وفيما لم يعط بوش أي تفاصيل حول طبيعة الخطة المقترحة، أشار إلى أنّ الإجراءات قد تكون "مؤلمة" على المدى القصير بالنسبة للأشخاص القلقين على استثماراتهم والموظفين في الشركات. استبعد الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الأميركي، آلان غرينسبان، حلا قريبا للأزمة المالية الراهنة التي اعتبرها الأخطر منذ مائة عام. وتنبأ في مقابلة مع شبكة "إي بي سي" التلفزيونية انهيار العديد من المؤسسات المالية الكبيرة بسبب القسوة الاستثنائية للأزمة المالية.

وأضاف رئيس البنك المركزي الأميركي طوال 19 عاما (حتى 2006) أنه لم يواجه من قبل أزمة مماثلة، وقال "إنها لم تنته بعد وستستغرق مزيدا من الوقت".

وحول سعي واشنطن لإنقاذ مصرف الأعمال "ليمان براذرز" من الإفلاس، ذكر أنه لا يفترض السعي لحماية المؤسسات المالية الكبرى كلها.

واعتبر غرينسبان أن إفلاس مصرف كبير ليس مشكلة في حد ذاته "فالأمر مرهون بطريقة إدارة المسألة وكيف ستتم التصفية".

وقال أيضا إن الولايات المتحدة تواجه خيارات صعبة بمحاولتها إنقاذ بنك "ليمان براذرز" دون الاستعانة بالأموال العامة.

ولاحظ غرينسبان عناصر إيجابية تقلل جزئيا من تأثير الأزمة المالية على النشاط الاقتصادي، وأورد مثالا التراجع الكبير لأسعار النفط والمواد الغذائية التي تتيح تراجع التضخم بالمدى القصير على الأقل.

التعليقات