استعادة تجربة عبد الناصر في تأميم السويس، موراليس يؤمّم النفط في بوليفيا

-

استعادة تجربة عبد الناصر في تأميم السويس، موراليس يؤمّم النفط في بوليفيا
فجّر الرئيس البوليفي ايفو موراليس مفاجأة دولية مدوّية، أعادت الى الاذهان تجربة الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، بإعلانه أمس الأول تأميم قطاع النفط في البلاد، وإمهال الشركات النفطية الأجنبية التي تعمل في لاباز ستة أشهر لتسوية أوضاعها عبر عقود جديدة للاستثمار، وإلا فإنها ستواجه خطر الطرد.

وفي خطوة تشبه ما قامت به القوات المصرية عندما أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس في العام ,1956 تزامن إعلان موراليس تأميم القطاع النفطي مع سيطرة وحدات سلاح المهندسين في الجيش البوليفي على حقول النفط والغاز ورفع العلم البوليفي على أكبر حقل غاز في جنوبي البلاد، ما دفع أسعار النفط العالمية إلى مستوى 75 دولارا للبرميل.

وكان موراليس، الزعيم السابق للحركة على طريق الاشتراكية وأول هندي ينتخب رئيساً للدولة الافقر في أميركا اللاتينية في كانون الثاني الماضي، أعلن مرات عديدة نيته تأميم قطاع النفط. ويقدر احتياطي الغاز البوليفي بحوالى 48.7 تريليون قدم مكعب، وتنتج لاباز 40 ألف برميل من النفط يومياً، لكن 70 في المئة من سكان بوليفيا يعيشون في حالة فقر شديد.

وقال موراليس، الذي اختار يوم عيد العمال ليعلن مرسوم تأميم قطاع الطاقة، أمام حشد كبير عن شرفة مقر الحكومة في قصر كويمادو في ساحة موريو في لاباز، إن قرارات تأميم أخرى ستصدر قريبا، مشددا على أن "عهد النهب من قبل الشركات الأجنبية قد انتهى". وأوضح "بدأنا تأميم المحروقات، وغدا سيأتي دور المناجم والغابات، وفي نهاية المطاف جميع الموارد الطبيعية التي كافح من أجلها أجدادنا".

وأوضح موراليس، في حفل في حقل سان البرتو الذي تقوم بتشغيله شركة "بتروبراس" البرازيلية في جنوبي البلاد، أن الشركات الأجنبية "مجبرة على تسليم ملكية إنتاج المحروقات إلى الشركة الوطنية العامة للمحروقات". وتلا موراليس مرسوم التأميم، الذي أصدرته الحكومة بموجب "السيادة الوطنية"، موضحاً أن "الدولة تستعيد ملكية هذه الموارد، والإشراف الكامل والمطلق عليها".

وأمهل موراليس الشركات النفطية الأجنبية التي تعمل في البلاد 180 يوماً لتسوية أوضاعها عبر عقود جديدة للاستثمار، محذراً من أن "الشركات التي لا توقع عند انتهاء هذه المهلة عقودها الجديدة لا يمكنها مواصلة العمل في البلاد"، ومشدداً على انه يعول على هذا "التأميم الحقيقي" لإصلاح الاقتصاد البوليفي.

ويفرض المرسوم الجديد على الشركات الأجنبية تقاسماً جديداً لعائدات النفط يخصص 82 في المئة للدولة. ويتعلق الإجراء ب26 شركة أجنبية، بينها الأسبانية "ريبسول"، والفرنسية "توتال"، والاميركية "اكسون موبيل"، والبريطانية "بريتيش غاز"، والبرازيلية "بيتروبراس" المتمركزة كلها في بوليفيا التي تملك ثاني احتياطي للغاز في أميركا الجنوبية، بعد فنزويلا.

وبعيد تصريحات موراليس، أعلنت القيادة العامة البوليفية، أن القوات البوليفية سيطرت على حقول المحروقات في البلاد، موضحة أن هذا الإجراء يهدف إلى "تأمين عمل منشآت الإنتاج لضمان الإمدادات"، وتلبية الالتزامات الدولية وتزويد السوق المحلية، مشيدة بهذا "التأميم الذكيط.

ودعا الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا إلى عقد اجتماع طارئ يشارك فيه رئيس شركة "بتروبراس" خوسيه سيرجيو غابرييلي، الذي قال لشبكة تلفزيون "غلوبو" البرازيلية إن "المرسوم غير دقيق، ويقبل تفسيرات مختلفة حول كيفية تطبيقه. سنتخذ كل الخطوات الممكنة لضمان تزويد السوق البرازيلية بالغاز"، فيما وصف وزير المناجم والطاقة البرازيلي سيلاس روندو القرار بأنه "عمل غير ودي، وقد يترجم بمثابة نقض للاتفاقات الموقعة مع الحكومة البوليفية".

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان "لا نعلم بوجود انتقال رسمي من التخصيص إلى التأميم". إلا انه أشار إلى انه لا يشكك بالمعلومات التي وصلت من بوليفيا. وذكرت شركة "اكسون موبيل" أنها تدرس خياراتها بعد قرار الرئيس البوليفي.

وفي بروكسل، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية جوهانس لايتنبرغر "إن المفوضية أخذت علماً وبقلق بالمرسوم" البوليفي، مشيراً إلى أنها تدرس تأثير هذا القرار على الاستثمارات الأوروبية، مضيفاً "كنا نعرف أن إجراءات تهدف إلى زيادة دور الدولة ستعتمدها الحكومة البوليفية الجديدة، لكننا كنا نأمل أن تكون هناك مشاورات قبل اتخاذ أي قرار".

وعبرت الحكومة الاسبانية عن "قلقها العميق" إزاء التأميم، موضحة انه يجب أن يكون هناك "مفاوضات وحوار بين الحكومة (البوليفية) والشركات المختلفة، حيث تحترم مصالح الطرفين".

وأعرب رئيس المجموعة النفطية الاسبانية "ريبسول" انطونيو بروفو، الذي تسيطر مجموعته النفطية على 25 في المئة من إنتاج الغاز في بوليفيا، "عن قلقه واستغرابه" لتأميم قطاع المحروقات. وقال، لإذاعة "راديو 10" الأرجنتينية، "ينبغي الآن درس ما يعنيه هذا المرسوم، والتعليق عليه مع السلطات، ثم سنرى ما إذا كان ممكناً التوصل إلى اتفاق عقلاني بين الأطراف"، معتبراً أن هذا القرار "غير عادل" بالنسبة إلى الشركات الأجنبية، بسبب غياب المفاوضات المسبقة.

التعليقات