جنون أسعار البترول يرفع تكلفة إنتاج البلاستيك والأحذية

-

جنون أسعار البترول يرفع تكلفة إنتاج البلاستيك والأحذية
رفع جنون أسعار البترول تكلفة انتاج السلع من الخيام في العراق الى مبيدات الاعشاب الضارة في ايوا الاميركية الى الاحذية ولعب الاطفال في الصين.ودفع ارتفاع اسعار البترول الشركات الى اعادة التفكير بعد ان كانت تعتقد ان الارتفاع ظاهرة وقتية. وتتخذ كثير من هذه الشركات اجراءات لتخفيض التكلفة ورفع الاسعار لتعويض تكلفة الطاقة والمواد الخام التي يبدو انها ستستمر لفترة طويلة في المستقبل المنظور.


وقال تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية ان ارتفاع اسعار البترول يساهم في بطء النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم الا انه لم يهدد بعد باخراج قطار الاقتصاد العالمي عن مساره كما يقول الخبراء الاقتصاديون، وتمتص بعض الشركات ارتفاع تكلفة الانتاج في ما تحمل بعض الشركات ارتفاع التكلفة على المستهلك.


غير ان دولا مثل المانيا وايطاليا واليابان شهدت انكماشاً في النمو الاقتصادي مقارنة بالولايات المتحدة منذ عام 2003 أي قبل ارتفاع اسعار البترول، وعانت بشكل اكبر بعد الارتفاع، وتعاني ايضا كثير من الدول النامية من ارتفاع تكلفة الطاقة.وقال الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الاميركي ان ارتفاع اسعار الطاقة لم يؤثر بشكل مباشر على الاسعار الاستهلاكية لكنه رفع اسعار الفائدة الى 75,2 في المئة للمرة السابعة منذ يونيو الماضي. هذا السعر ينطبق على القروض ليلة واحدة بين البنوك، لكن الاحتياطي الفيدرالي لم يعرب عن مخاوف من تأثير ارتفاع سعر البترول على التضخم.


وقالت وزارة العمل الاميركية ان ارتفاع سعر الطاقة والاغذية ساهم بنسبة 4,0في المئة من ارتفاع مؤشر الانتاج (التكلفة) في الشهر الماضي.لكنه مع حساب معدل التضخم تظل اسعار البترول تحت المستوى الذي بلغته في السبعينات والثمانينات، برغم ان اسعار الصفقات الاجلة في بورصة نيويورك بلغت 03,56 دولاراً للبرميل الاسبوع الماضي.


تأثيره على العالم


يختلف تأثير ارتفاع اسعار البترول على مستوى العالم من مكان لآخر تعاني مثلا شركات الطيران من ارتفاع اسعار الوقود لكن التأثير المباشر على شركات الشحن اكثر حدة لانها تستخدم طائرات كبيرة ذات 4 محركات غالبا لمسافات طويلة وتظل في الجو فترات اطول. غير ان المنافسة بين شركات الطيران لنقل الركاب لا تزال تمتص ارتفاع تكلفة الوقود، في ما حولت هذه الشركات ارتفاع التكلفة الى المستهلك.


أسعار السلع


ارتفعت ايضا اسعار السلع المشتقة من البترول مثل البلاستيك والمطاط الاصطناعي مما يؤثر في اسعار الحواسيب واطارات السيارات وصناعة التغليف حتى الخيام العسكرية ارتفعت تكلفة انتاجها، وعانت مؤسسة سيمان التي تشتري مواد تغليف مشتقة من البترول للالياف الصناعية اللازمة للخيام العسكرية التي ترسلها الى العراق، من ارتفاع في اسعار المواد المشتقة من البترول يزيد على 10 في المئة وتوقعت الشركة مزيدا من الارتفاع خلال الاشهر الثلاثة المقبلة. في الوقت نفسه حولت شركة ووستر جزءا من ارتفاع التكلفة الى كاهل المستهلك لكن ارباحها ايضا تعاني بطء النمو.


القطاع الزراعي


توقع خبراء اقتصاديون ان تنخفض ارباح القطاع الزراعي الاميركي بنسبة 20 في المئة خلال العام الجاري مقارنة بالربح القياسي، البالغ 74 مليار دولار في العام الماضي ويرجع ذلك لاسباب منها ارتفاع تكلفة الطاقة التي ترفع اسعار كل شيء من الوقود الى الاسمدة الى مبيدات الاعشاب الضارة.


ويدفع مزارعو الذرة في ولاية أيوا سعرا اعلى بنسبة 20% للأسمدة خلال الربيع الحالي من الامونيا الى المبيدات النتروجينية القائمة على الغاز الطبيعي، يستخدم الغاز الطبيعي بكثرة في قطاع التصنيع والكيماويات وتوليد الطاقة وصاحب ارتفاع اسعار البترول ارتفاع في اسعاره الى ارقام تكاد تكون قياسية. وتحاول شركات انتاج المبيدات الحشرية التي تستخدم مركبات مشتقة من البترول تحميل ارتفاع التكلفة على اسعار التجزئة مما رفعها بنسبة 3,5 في المئة خلال الربيع العام الجاري.


والتأثير طويل المدى لارتفاعات التكلفة غير واضح، ويقول كين روجوف استاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد ان الفارق بين الآن وازمة البترول في السبعينات هو توقعات معدل التضخم. فقد اثرت اسعار البترول المرتفعة منذ ثلاثة عقود على الاجور وارتفاع معدلات التضخم واثبتت البنوك المركزية في العالم منذ ذلك الحين قدرتها على التحرك السريع لمنع الضغوط التضخمية من خلال تشديد السياسات النقدية. ويضيف مادام الكل يعتقد ان البنوك المركزية سترفع اسعار الفائدة بسرعة كافية للوقاية من ارتفاع التضخم لن يكون لاسعار البترول تأثير.


غير ان خبراء اقتصاد آخرين يحذرون من ان استمرار ارتفاع الأسعار لمستويات أعلى لايزال محتملاً، وإذا حدث ذلك سوف يتوقف المستهلكون عن الانفاق مما يبطيء معدل النمو الاقتصادي. وضعف الانفاق سوف يؤثر في معدل البطالة مما يزيد من الاحجام على الانفاق. فضلاً عن ذلك تواجه الشركات ضغوطاً تضخمية اخرى الى جانب أسعار البترول والغاز. فقد ارتفعت اسعار كل انواع السلع مؤخراً خاصة مواد مثل النحاس، فيما عرض انخفاض سعر الدولار أميركا والصين واقتصادات اخرى ترتبط بالدولار لتضخم في اسعار الواردات.


ورغم ان المستهلكين يستوعبون حتى الآن ارتفاع أسعار الوقود، إلا أنهم يعانون من ناحية أخرى. وقال روبرت ايكرت رئيس تنفيذي مؤسسة ماتيل للمحللين والمستثمرين ان شركات انتاج لعب الأطفال اضطرت الى رفع الأسعار قليلاً بين 2 و 4% في يناير العام الجاري، بما في ذلك دمى باربي لتعويض ما يقول عنه ارتفاع طويل المدى في التكلفة من المواد الاساسية والخدمات ذات العلاقة بالبترول. وتصنع الصين واندونيسيا دمي باربي التي توزع في انحاء العالم.


تكلفة المواد الخام


ترفع اسعار البترول العالمية ايضاً تكلفة المواد الخام لانتاج السلع الاستهلاكية المصنعة من أليافً من منتجات بترولية ان ارتفاع تكلفة البولي بروبيلين ومواد خام اخرى من البترول اضطرها لرفع الاسعار على مستوى العالم، بما في ذلك التي تباع في أميركا. وقالت شركة نورث تشارلتون ان اسعار البولي بروبيلين ارتفعت اكثر من 50% في 2004، ثم 10ـ 15% اخرى منذ ديسمبر الماضي.


كما ارتفعت اسعار البوليستر بنسبة 15% منذ يناير الماضي. وقال دنيس نورمان المتحدث باسم مجموعة البلمرات انه لا يعرف مدى استمرار ارتفاع هذه الاسعار لكنها ستختلف من منطقة لأخرى في العالم. وتدير الشركة مصانع في 10 بلدان مختلفة. وتقول الشركة إن اكبر عميل لها هو شركة بروكتر آند جامبل لكن الأخيرة رفضت الافصاح إذا كانت سترفع اسعار منتجاتها.


خارج أميركا


هناك شعور بنفس التأثيرات خارج أميركا. فقد سبب انخفاض سعر الدولار حماية لأوروبا من ارتفاع سعر البترول العام الماضي، مما خفض تكلفة استيراد البترول اكثر مما توقعوا . لكن الاستقرار النسبي في سعر الدولار امام اليورو خلال العام الجاري جعل اوروبا تشعر بارتفاع تكلفة استيراد البترول. وكان ارتفاع اسعار البترول من العوامل التي ادت بشركة بي. ام. دبليو للسيارات تتوقع الا تكون ارباحها في 2005 بنفس مستواها في العام الماضي. وتوقعت ان تنخفض الارباح، رغم ان الشركة تتوقع ارتفاع المبيعات في العام الجاري.


الصين


في الصين انعكس ارتفاع تكلفة البترول على قطاع التصنيع سريع النمو في شكل ارتفاع تكلفة البلاستيك ومواد اخرى مشتقة من البترول تستخدم في تصنيع كل شيء من لعب الاطفال الى الكيماويات الى دهانات المنازل. واستطاعت الشركات حتى الآن ان تمتص كثيراً من ارتفاع التكلفة دون رفع اسعار منتجاتها بالنسبة للمستهلك. ويعني ارتفاع الطلب العالمي على المنتجات الصينية ان عديداً من الشركات هناك تحقق نمواً في ارباحهاً الاجمالية حتى مع ان ارتفاع اسعار البترول يقلل من نسبة نمو هذه الارباح.


غير ان هناك مؤشرات على احتمالات تغير هذا الوضع اذا استمر ارتفاع اسعار البترول. ويقول بول جودمان مدير شركة لانتاج الاحذية النسائية في جنوب الصين ان شدة المنافسة منعته في العام الماضي من رفع اسعار الاحذية رغم ارتفاع اسعار البولي يوريتان ومواد اخرى مشتقة من البترول تدخل في صناعة الأحذية وقال انه والشركات المنافسة رفعوا السعر على المشترين بنسبة 5%، لكن الارتفاع في السعر لايزال اقل من معدل ارتفاع التكلفة.

التعليقات