مجتمع متساو في الضائقة../ بحث واستعراض: مطانس شحادة

-

مجتمع متساو في الضائقة../ بحث واستعراض: مطانس شحادة
تتنامى في السنوات الاخيرة في البلاد، وبفعل التغيرات في مبنى الاقتصاد الإسرائيلي وتقليص سياسات الرفاه الاجتماعي، الفروقات الاقتصادية بين الشرائح السكانية المختلفة.

إحدى الوسائل لقياس الفروقات الاقتصادية، وبالاساس الفروقات في دخل الاجيرين هو مؤشر "جيني" الذي يقيس عدم المساواة بين الاجيرين (الرقم 0 يشير الى مساواة تامة والرقم 1 الى عدم مساواة تامة).

يتبين من معطيات مؤسسة التأمين الوطني ان مؤشر "جيني" ارتفع 12 % بين الاعوام 2000 و 2006، من 0.35 الى 0.3923 مما يدل على توسع عدم المساواة في الدخل بين الأجيرين في إسرائيل.

في العام 2000 كان مؤشر عدم المساواة في 22 بلدة عربية أعلى من المعدل العام في الدولة، وفي 27 تحت المعدل العام. اما في العام 2005 نجد بلدة عربية واحدة يفوق فيها مؤشر عدم المساواة المعدل العام في إسرائيل، وهي دالية الكرمل (مدينة الكرمل).

أما في باقي البلدات العربية فهو أدنى من المعدل العام . من مقارنة معطيات العام 2000 و- 2005 يتضح انه في 20 بلدة عربية كان هناك ارتفاع في المؤشر وفي 26 كان هناك انخفاض.

في معظم البلدات التي حصل فيها ارتفاع، كان أدنى من الارتفاع العام في الدولة. وبلغت أعلى نسبة ارتفاع في دالية الكرمل (20%). هذا يعني ان المساواة الإقتصادية في البلدات العربية افضل حالا من البلدات اليهودية. ويعود هذا بالاساس الى كون المواطنين العرب والبلدات العربية خارج الاقتصاد الإسرائيلي الجديد، وخارج قطاعات التكنولوجيا المتطورة وفروع الخدمات المالية، المستفيد الأكبر من التغيرات في مبنى الاقتصاد الجديد.

ويدل أيضا على أن الفجوات الكبيرة في الأجور في الدولة هي بين السكان العرب واليهود، اذ يبلغ دخل الأجير العربي 70 % من معدل الأجور في الدولة ودخل الأسرة العربية يصل الى 50 % من معدل دخل الأسرة اليهودية.

وليس غريبًا ان يكون مؤشر عدم المساواة منخفضًا لدى المجتمع العربي، ذلك أن معظم الأسر العربية مدرجة في أدنى درجات الدخل في الدولة، و50 % من الأسر العربية تقبع تحت خط الفقر. وهي نسب تزداد سوءًا في السنوات الأخيرة، اذ ازداد عدد الأسر العربية الفقيرة بـ 26 % بين الأعوام 2000 و 2005 بينما ارتفعت النسبة لدى الأسر اليهودية 8% فقط.

وعلى الرغم أن معدلات البطالة العامة انخفض. في الدولة في العام المنصرم إلى نسبة 6.7% وهي أدنى نسبة منذ العام 1997 إلا أن معدلات البطالة لدى المجتمع العربي ما زالت تفوق الـ 10%، ونسبة المشاركة في أسواق العمل لا تتعدى ال 40% بينما تصل لدى المجتمع اليهودي الى نحو 60 %، ونجد انه في 25% من الأسر العربية لا يوجد أي معيل. ونجد ان معظم العائلات العربية تقع في ادنى 5 درجات من سلم الدخل في الدولة. ونسبتها في الدرجات العليا لا تتعدى 1 %- 2 %.

في هذا الواقع وعلى ضوء أهمية الجانب الاقتصادي والصناعي لتنمية وتطوير اي مجتمع، وفي ظل السياسة المعتمدة تجاه الأقلية العربية، على المجتمع العربي تحفيز عمل ذاتي جماعي، وبقدراتنا وطاقاتنا الذاتية، او على الاقل المحاولة، والبحث عن وسائل تطوير وتنمية الاقتصاد رغم العوائق القائمة، والعمل بالتوازي على الحد من تأثير العوائق القائمة بل إزالتها قدر الإمكان، بالتوازي للمطالبة بتغيير السياسات الحكـــومية.

تشمل العوائق الأساسية لتطوير الاقتصاد العربي:

* لكي ينمو ويتطوّر الاقتصاد، يجب توفير إمكانيات عمل للمبادرين- وعلى وجه الخصوص المبادرات الصغيرة والمتوسطة الحجم-، ومنحهم قدرة لخلق الفرص لزيادة الناتج والقيام بالاستثمارات المناسبة. يحتاج المبادرون إلى بيئة داعمة تمكّنهم من اغتنام الفرص بطريقة مجدية. الأمر الذي يتطلب (1) إزالة القيود عن المبادرات الخاصّة؛ (2) توفير قدرة على تشخيص وخلق الفرص؛ (3) منحهم آليات في التعلم والاستفادة.

ويشكّل انعدام البنى التحتيّة في أغلب الأحيان العقبة الأولى أمام المبادرين وقد تكون مدمّرة للأنشطة الإنتاجية الحديثة. انعدام البنى التحتية لإنشاء صناعات تقليدية او متطورة، تطوير وتحديث الزراعة، التجارة، والاستثمارات، الدعم المالي وتقليل مخاطر الاستثمارات، جميع هذه النواحي تحد من النمو الاقتصادي.

على المجتمع العربي ايضا العمل على:

1.تحسين وتطوير وتحديث الصناعات التقليدية القائمة، فتح مجالات تسويق جديدة للمنتجات وتطوير الإدارة والقوى العاملة (رأس المال البشري) وهي أبرز العوائق أمام تطوير وتحديث الصناعات القائمة.

2. العمل على جلب رؤوس أموال واستثمارات جادة إلى البلدات العربية.

3. تشجيع الاستثمار في إقامة صناعات في المناطق العربية تتوافق مع احتياجات السوق وتتناسب مع الأفضلية النسبية لعوامل الإنتاج المتواجدة في المناطق العربية.

4. دعم تطوير الزراعة العربية؛ تنويع المحاصيل الزراعية العربية وإدخال التقنيات الحديثة والمتطورة على الزراعة العربية؛ توصيل شبكة الكهرباء بطاقات تسمح لاستعمال التقنية المتطورة في الأراضي الزراعية؛ تطوير وتحسين شبكة المياه؛ توفير التدريب وتأهيل المزارعين العرب لأساليب الزراعة الحديثة؛ الاستثمار في المباني الزراعية والدفيئات؛ ومسـاواة المزارعين العرب في مخصّـصات الري وحصص الإنتاج والتسويق والإرشاد الزراعي، وتنفيذ مشاريع التطوير الزراعي واستـصلاح الأراضي وتوفير الدعم المادي اللازم لتطوير زراعي مستديم.

5. الاستثمار وتطوير فروع منتجات الحليب، اللحوم والدواجن. إقامة مزارع حديثة للمواشي في الأراضي الزراعية.

6. إقامة صندوق استثمار ودعم لمبادرات صغيرة ومتوسّطة الحجم، يقوم أيضا بتوفير التدريب ومتابعة تطبيق البرامج المقترحة وتوفير الاستشارة في مجالات الإدارة والتسويق.
قد لا يكون تطبيق هذه المشاريع على أرض الواقع بالأمر السهل، ويحتاج الى نوع من التحدّي للسياسات الحكومية. إلا أن استمرار سياسة الإهمال وإبقاء موانع الإنماء للمناطق العربية، يضمن استمرار دونية الاقتصاد العربي وتبعية المجتمع العربي لمصادر دخل تأتي من الدولة او الاقتصاد اليهودي؛ من هنا ضرورة البدء في التخطيط والعمل بشكل جماعي في المجال الاقتصادي الإنمائي بغية منع هدر الموارد ولكي لا تكون عملية "التقليد" هي دراسة "الجدوى الاقتصادية" الأكثر شيوعًا بين المبادرين العرب. قد يُدْخِلُ بناء المؤسسات الاقتصادية والشركات ثقافةً ووعيًا اقتصاديّين جماعيّين للأقلية الفلسطينية، ويساهم في مبادرات الإنماء والتطوير والتحديث، فهو واجب وطني وأخلاقي، قبل أن يكون مبادرات تبتغي الربح الماديّ فقط.

التعليقات