مجلة «جدل» تطرح «مسألة الاقتصاد الفلسطيني في إسرائيل»

وفي محور السياسات الاقتصاديّة الأنسب للفلسطينيّين في إسرائيل، يرى بروفيسور عزيز حيدر أنّ نظام الاقتصاد المركزيّ ودولة الرفاه الذي ساد إسرائيل حتّى أواسط الثمانينيّات سلب المواطنين العربَ فُرصَ المنافسة واستخدام مواردهم المادّيّة والبشريّة الضروريّة لتطوير اقتصادهم. لذا، يرى حيدر أنه من الأفضل للعرب في إسرائيل الاندماجُ في النظام الجديد واستغلال الفرص التي يوفّرها، والعمل في الوقت نفسه من أجل تطبيق نظام رفاه اجتماعيّ شموليّ يضمن الحدّ الأدنى من الخدمات ومستوى الحياة للشرائح الفقيرة.

مجلة «جدل» تطرح «مسألة الاقتصاد الفلسطيني في إسرائيل»

أصدر مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة في حيفا، العدد الرابع عشر من دورية „جدل” الإلكترونية. ويتناول العدد „مسألة الاقتصاد الفلسطيني في إسرائيل”،  آليّات وإمكانيات تطويره، من تحرير الباحث في مدى الكرمل امطانس شحادة.

وجاء في كلمة المحرّر الضيف لها العدد „يرمي هذا العدد الى فتح نقاش حول مسألة الاقتصاد الفلسطيني في إسرائيل، الذي بات يحتل في السنوات الأخيرة، مكانة هامة في النقاش السياسي والحزبي داخل المجتمع الفلسطيني، وفي تعامل الدولة مع الفلسطينيين في إسرائيل”. ويضيف المحرر، „على الرغم من التحوّل في تعريف وتفسير الحالة الاقتصاديّة للفلسطينيّين في إسرائيل، وبداية الحديث عن الحاجة إلى تطوير الاقتصاد العربيّ وإزالة عوائق التنمية، فإنّه حتّى الآن لا رؤيا اقتصاديّة جماعيّة للفلسطينيّين في إسرائيل، ولا نقاش جِدّيّ حول المطالب الاقتصاديّة ولا حول تعريف المشاكل الاقتصاديّة للفلسطينيّين في إسرائيل، ولا حول السياسات الاقتصاديّة الأفضل لهم”.

ويتضمّن العدد الحالي اضافة الى كلمة المحرر الضيف مقالة تحليليّة بقلمه واربع وجهات نظر.

في مقالة التحليلي يرى امطانس شحادة أنّ السياسة الاقتصاديّة المنتهَجة حِيال مجموعة الأقلّـيّة العربيّة تعبّر عن خليط مركّب بين احتياجات الدولة لاستغلال „مساهمة” الأقلّـيّة العربيّة في تطوير الاقتصاد الإسرائيليّ، وفي المقابل تعبّر عن الرغبة في الحفاظ على طابع إسرائيل كدولة يهوديّة.
ويقترح شحادة إعادة تعريف الضائقة والدونيّة الاقتصاديّتين للفلسطينيّين في الداخل ووضعهما في إطارهما السياسيّ القوميّ الأوسع، والتعامل معهما كجزء من عمليّة إقصاء سياسيّ اجتماعيّ شامل. ويرى أنّ تغيير الحالة الاقتصاديّة لدى الفلسطينيّين في إسرائيل مرتبط على نحوٍ مباشر بإنهاء الإقصاء الاجتماعيّ السياسيّ، وتغيير المكانة السياسيّة والمدنيّة للفلسطينيّين.

وفي محور السياسات الاقتصاديّة الأنسب للفلسطينيّين في إسرائيل، يرى بروفيسور عزيز حيدر أنّ نظام الاقتصاد المركزيّ ودولة الرفاه الذي ساد إسرائيل حتّى أواسط الثمانينيّات سلب المواطنين العربَ فُرصَ المنافسة واستخدام مواردهم المادّيّة والبشريّة الضروريّة لتطوير اقتصادهم. لذا، يرى حيدر أنه من الأفضل للعرب في إسرائيل الاندماجُ في النظام الجديد واستغلال الفرص التي يوفّرها، والعمل في الوقت نفسه من أجل تطبيق نظام رفاه اجتماعيّ شموليّ يضمن الحدّ الأدنى من الخدمات ومستوى الحياة للشرائح الفقيرة.

أمّا د. ماجد خمرة، فيرى أنّ الإمكانيّة الأنسب هي الدمج بين نظام اشتراكيّ ورأسماليّ يناسب احتياجات وطاقات المواطنين العرب. ويضيف „من الأنسب لنا السيرُ قُدُمًا في بناء المؤسّسات الاقتصاديّة ذات الطابع الاجتماعيّ الواسع، إلى جانب المبادرات الفرديّة والدخول في مسيرة مراحليّة تحوي في طيّاتها مسألة الوحدة والاتّحاد، التي لا تنفي القفز من نجاحات فرديّة متفرّقة”.

أمّا في ما يتعلّق بإمكانيّات وأدوات تطوير الاقتصاد العربيّ، فيرى د. رجا الخالدي أنّه على الفلسطينيّين عدم التمسّك بتجارب ومشاريع التعاون والشراكة والتبادل والاستثمار المشترك (مع أطراف إسرائيليّة) التي أثبتت فشلها في السابق. ومن جهة أخرى، يرفض خالدي الطرحَ الذي يعتقد باستحالة تحقيق المساواة وتنمية مماثلة لتلك التي لدى اليهود، ويكتفي (اي الطرح) بمحاولة اللحاق بالاقتصاد الصهيونيّ حسب شروطه. وبدل هذه الطروحات، يقول خالدي ان على الفلسطينيين استذكار نقاط القوّة الاقتصاديّة العربيّة التي يمكن جعلها سلاحًا قويًّا لا لمقاومة „نكوص التنمية” فحسب، وإنّما كذلك لإعادة بناء اقتصاد عربيّ في فلسطين.

أمّا د. باسل غطّاس، فيعتقد أنّ تطوير وتنمية الاقتصاد العربيّ يكونان عبْر إيجاد معادلة تعايُش بين ضرورة الاندماج في الاقتصاد الإسرائيليّ والتكامل معه كشرط لتحقيق النموّ الاقتصاديّ ومحاربة الفقر وتحقيق المساواة بصورة عامّة، والاستفادة من المشاريع والخطط الحكوميّة المقترَحة لتنمية الاقتصاد العربيّ، دون أن يكون ذلك على حساب الهُويّة القوميّة والتنازل عن ثوابت سياسيّة. ومن جهة ثانية، من الضروريّ التكاملُ الاقتصاديُّ مع العالم العربيّ، وإيلاءُ نسج الوشائج والعلاقات الاقتصاديّة العمليّة المثمرة أهمّـيّةً خاصّة، وذلك كإستراتيجيّة مهمّة للنموّ الاقتصاديّ والبقاء والتطوّر في الوطن ومواجهة هجرة العقول إلى الغرب، والقيام بذلك دون الوقوع في مطبّات التطبيع. ويرى غطّاس أنّ إيجاد صيغة يتعايش داخلها هذان النقيضان ليس بالأمر السهل بتاتًا، بَيْدَ أنّه ليس بمستحيل كذلك.

التعليقات