الصراع التجاري الأميركي الصيني هو حرب نفسية أيضا

تخوض الصين فترة صعبة يغلب عليها تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ تلهب السلطات المشاعر الوطنية بأفلام عن الحرب الكورية، وأغنية انتشرت بشكل واسع عن النزاع التجاري ومقالات تندد بواشنطن.

الصراع التجاري الأميركي الصيني هو حرب نفسية أيضا

توضيحية (Pixabay)

تخوض الصين فترة صعبة يغلب عليها تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ تلهب السلطات المشاعر الوطنية بأفلام عن الحرب الكورية، وأغنية انتشرت بشكل واسع عن النزاع التجاري ومقالات تندد بواشنطن.

ويتصاعد النزاع التجاري إلى حرب كلامية منذ أدرج الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مجموعة "هواوي" للاتصالات على القائمة السوداء، الأسبوع الماضي.

وأتت الخطوة التي تحظر على الشركات الأميركية تقديم التكنولوجيا التي تحتاجها هواوي، في وقت لا يزال على الطرفين استئناف المفاوضات التجارية بعدما تبادلا فرض زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية.

ونشرت كالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" الرسمية، أمس الجمعة، أنه بات لدى الصين الآن "فهما أعمق" "لتقلبات" الولايات المتحدة وأنها تستعد للقتال بروح "المسيرة الطويلة".

وتعتبر هذه إشارة إلى حدث تاريخي كرس زعامة ماوتسي تونغ خلال الحرب الأهلية الصينية، عندما تراجع جيش التحرير الشعبي وناشطون في الحزب الشيوعي في مسيرة لمدة عام بين 1934 و1935 للإفلات من الجيش الثوري.

ويعكس مقال الوكالة موقف الرئيس الصيني، شي جينبينغ، المتشدد عندما دعا هذا الأسبوع للاستعداد لـ"مسيرة طويلة جديدة" في استذكار لإستراتيجية الانسحاب الأسطورية التي نفذها الثوريون الشيوعيون في ثلاثينات القرن الماضي، قبل أن يعاودوا تجميع صفوفهم ويحققوا النصر عام 1949.

وقد حذّر شي المسؤولين المحليين من "التداعيات المعقدة وطويلة الأمد" للتأثيرات الخارجية.

وصرّح كبير الباحثين لدى مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، جانغ يانشينغ، في مؤتمر نظمته الحكومة، الأربعاء الماضي، أن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم "تمرّان بمرحلة طويلة من النزاع غير العقلاني".

وتابع أنهما "في خضم هذه العملية وخطوة بخطوة، ستفهمان بعضهما البعض وتقاومان بعضهما البعض للتعاون معا" في نهاية المطاف.

وقد ترك ترامب الباب مفتوحا للمصالحة، إذ قد يلتقي الرئيس شي على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان، الشهر المقبل.

ولكن وسائل الإعلام الصينية صعّدت لهجة خطابها.

ووصف مقال في "شينخوا" الخميس الحكومة الأميركية بأنها "أنانية ومتغطرسة".

وأضاف أن "الولايات المتحدة تتحدى القواعد الدولية وتتخلى عن اتفاقيات التعاون وتعزف على وتر أميركا أولا والتميّز والاستثناء الأميركيين".

ومنذ أن زاد ترامب الرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار، في منتصف أيار/مايو، تنشر صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي عامودا يوميا تحت وسم "جرس إنذار" لتفنيد حجة ترامب بأن صعود الصين يتسبب بخسائر للأميركيين.

وقد عرض التلفزيون الرسمي على ستة أيام متتالية منذ 16 أيار/ مايو أفلاما عن الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي، تثير المشاعر المعادية للولايات المتحدة، لتذكير الجماهير بالفترة التي وصلت فيها الحرب الباردة إلى عتبة الصين عندما قاتلت إلى جانب كوريا الشمالية، ضد قوات الأمم المتحدة بقيادة واشنطن التي كانت تدافع عن الشطر الجنوبي.

وفي ظل هذه الأحداث، انتشرت هذا الأسبوع أغنية تحمل اسم "الحرب التجارية" كتبها مسؤول حكومي صيني سابق تتعهد بإلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة في هذا النزاع، قبل أن تحذفها منصات التواصل الاجتماعي الشعبية "وي تشات" و"ويبو".

وأفاد كاتب الأغنية تشاو لينغتيان لوكالة "فرانس برس" أن "الأمة الصينية تواجه تهديدا خطيرا الآن يشبه الأوقات الصعبة التي تطرق إليها الفيلم".

وتابع "أريد أن استغل هذه الأغنية لإيقاظ الحشود. علينا أن نتحد كشخص واحد من أجل التنمية والقتال".

وعبّر مستخدمو الإنترنت الصينيون عن دعمهم لـ"هواوي" بعد تهديد ترامب بتركيع الشركة، وهو ما ينظر إليه بشكل واسع على أنه محاولة للقضاء على طموحات الصين في مجال التكنولوجيا المتطورة.

وجرت مقابلة الأسبوع الماضي مع مؤسس المجموعة العملاقة، رين زينغفي، وكانت بين المواضيع الأكثر تداولا على "ويبو"النظير الصيني لـ"تويتر".

وعلّق مئات المستخدمين أنهم لن يتخلوا عن الشركة، بينما دعا البعض لمقاطعة هواتف "آيفون".

واعتبر آخرون أن فكرة مقاطعة "آيفون" "مجرد وطنيات زائفة"، بعدما قال رين نفسه أن عائلته تستخدم منتجات شركة "آبل" الأميركية.

وقال مدير قسم الدراسات الأميركية في جامعة "رينمين" شي ينهونغ إن "محاولات الولايات المتحدة إيذاء هواوي هي مجرد تكتيك للتأخير، لن يؤدي إلى طريق مسدود".

ولكن قال إنه سيكون على قطاع التكنولوجيا الصيني تحضير نفسه لفترة صعبة، يتوقع أن تطول، إذ أنه يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأميركية.

وأضاف أن "الباب الأميركي يغلق وتبقى الصين من دون خطة بديلة".

التعليقات