مأزق تونس: اقتصاد رهين فيروس كورونا

ينحدرُ مسار الاقتصاد التونسي بنحو أكبر من الأعوام السابقة، مدفوعًا بتحديّات اقتصادية وتجارية ومالية تواجهها الحكومة، وأخرى سياسية، ويزيدُ الوضع سوءًا ظهور فيروس كورونا ليضاعف أعباء الاقتصاد العالمي والاقتصاد المحلي، بحسب ما أدلاه الخبراء.

مأزق تونس: اقتصاد رهين فيروس كورونا

(أ ب)

يشهد مسار الاقتصاد التونسي انحدارًا أكبر من الأعوام السابقة، مدفوعًا بتحديّات اقتصادية وتجارية ومالية تواجهها الحكومة، وأخرى سياسية، ويزيدُ الوضع سوءًا ظهور فيروس كورونا ليضاعف أعباء الاقتصاد العالمي والاقتصاد المحلي، بحسب ما أدلاه الخبراء.

ويعتبر خبراء الاقتصاد أن تحسن الوضع الاقتصادي يبقى رهن تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، التي تشهد تحولات ديموقراطية منذ الثورة عام 2011؛ فيما يرون أن الحكومة الحالية غير قادرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية جرّاء تفشّي فيروس كورونا، التي تعيشها تونس، خاصة مع غياب الحزام السياسي الداعم لها.

وقال الخبير الاقتصادي ووزير التجارة الأسبق محسن حسن إن "تحسن الوضع الاقتصادي يبقى رهين الاستقرار السياسي".

صعوبة الإصلاحات

لا يحتمل الوضع الحالي، القيام بإصلاحات اقتصادية، وأحسنُ مثال على ذلك، أن البرلمان التونسي لم يصادق مؤخرًا على دخول تونس منطقة التبادل الحر الإفريقية وفقًا لتصريحات حسن.

وأشار حسن "لا أرى مؤشرات إيجابية لتحسن الوضع السياسي، كما أن الحزام السياسي للحكومة هش، وهناك اختلافات جوهرية بين الأحزاب المكونة للحكومة، وهي النهضة والتيار والشعب حول مسائل اقتصادية هامة".

مُضيفًا أن "المطلوب هو استقرار العامل الأمني والاجتماعي، وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية الكبرى؛ الإصلاح الجبائي، المؤسسات العمومية، منظومة الدعم، تطوير مناخ الأعمال، وخيارات واضحة تهدف إلى التحكم في التوازنات المالية ودفع الاستثمار وتطوير المنظومات الإنتاجية وخاصة الفلاحية، والعمل على الإصلاح المؤسساتي للدولة".

وبالنسبة إلى علاقات تونس مع المؤسسات المالية الدولية، يرى حسن أن شرط دعم تونس خاصة من صندوق النقد الدولي، منوط بـ تقدم الإصلاحات ووضوح الرؤية للخيارات الاقتصادية؛ فيما صرّح رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، أن "حكومته ليس لديها خيار الآن غير التعامل مع صندوق النقد الدولي".

وقال الفخفاخ إن حكومته تجري مشاورات مع النقد الدولي من أجل ضبط بعض النقاط، في ظل ضغط الوقت، كاشفًا أنه "لو يتم تجاوز موعد 20 آذار/ مارس الجاري دون زيارة وفد الصندوق، فـتونس ستخسر الكثير". مُتابعًا "أننا سنشرع في برنامج جديد مع الصندوق، لكن سندافع في مفاوضاتنا معه على مصلحة البلاد، ولن نقبل بشروط لا تراعي هذه المصلحة".

رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ (أ ب)

وأعلن رئيس الحكومة عن تراجع نسبة النمو المتوقعة للعام الحالي من 2.7 في المئة إلى 1 في المئة، نتيجة الوضع الاقتصادي المحلي والدولي، وأزمة فيروس كورونا. والجدير بالذكر أن نسبة النمو المسجلة في كامل عام 2019، لم تتجاوز 1 في المئة.

المشهد السياسي

واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي أنه "لا يمكن تحقيق تحسن اقتصادي في ظل المشهد السياسي الحالي، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار سياسي في ظل الوضع الاقتصادي".

ويمرّ الوضع الاقتصادي التونسي بأزمة صعبة، ولا تستطيع الحكومة الحفاظ على ما هو موجود الآن. وأضاف البدوي أنه "لا بد من إقرار إجراءات قصيرة المدى استثنائية، من خلال مواجهة تغول القطاع الموازي، الذي أصبح يستحوذ على نصيب متصاعد من الثروة".

والمقصود بالقطاع الموازي الاقتصاد غير المدرج في الناتج المحلي والدخل القومي وغير الواقع تحت مظلّة الدولة.

وتتمثل هذه الإجراءات الاستثنائية، حسب البدوي، بالقيام بمصادرة أملاك المهربين، وتجميد أرصدتهم وإرجاع الأموال المهربة، والكشف عن حجم الأموال غير البنكية، والعمل على تبديل العملة للكشف عن الثروات المخفية واسترجاعها لفائدة الدولة. بالمُقابل العمل إدارة سليمة للاقتصاد ومُعاقبة جميع الفاسدين.

وشدّد على "ضرورة أن تعطي الأحزاب السياسية الحد الأدنى من الاستقلالية للحكومة كي تستطيع العمل براحة. لأن الحكومة ليس لديها حزام سياسي متناغم وحزام إداري وتنفيذي، وبالتالي لا يمكن أن تنجز أي شيء خاصة في غياب مشروع اقتصادي واضح".

التعليقات