ثلاث سنوات على حصار قطر... عززت صناعتها للاكتفاء الذاتي

سعت قطر خلال ثلاث سنوات من الأزمة الخليجية، إلى تطوير صناعتها لتؤمن اكتفاء ذاتيًا يعوضها مقاطعة جيرانها لها. وآخر ما فعلته في هذا الإطار مع تفشي فيروس كورونا المستجد، تحويل مصنع لإنتاج الأسلحة جزئيًا إلى مصنع لأجهزة التنفس الاصطناعي.

ثلاث سنوات على حصار قطر... عززت صناعتها للاكتفاء الذاتي

الدوحة (Pixabay)

سعت قطر خلال ثلاث سنوات من الأزمة الخليجية، إلى تطوير صناعتها لتؤمن اكتفاء ذاتيًا يعوضها مقاطعة جيرانها لها. وآخر ما فعلته في هذا الإطار مع تفشي فيروس كورونا المستجد، تحويل مصنع لإنتاج الأسلحة جزئيًا إلى مصنع لأجهزة التنفس الاصطناعي.

ويظهر هذا الطموح القطري جليًا لدى زيارة منشأة "برزان" حيث ترتفع ملصقات ضخمة لجنود يحملون بنادق محلية الصنع مع شعار "السيادة". وبالإضافة إلى إنتاج الأسلحة وقاذفات القنابل ونظارات الرؤية الليلية، يقوم المصنع أيضًا حاليا بإنتاج أجهزة تنفس بسبب ارتفاع الطلب عليها محليا وعالميا بعد انتشار وباء كوفيد-19.

وتندرج هذه الخطوة في إطار خطوات أخرى مماثلة تقوم بها قطر منذ بدء مقاطعة دول إقليمية لها، وبالتعاون مع شركة "ويلكوكس" الأميركية للصناعات الدفاعية، يسعى المصنع القطري إلى صناعة ألفي جهاز تنفس اصطناعي أسبوعيًا، مع تخصيص العديد منها للتصدير إلى دول تعتبرها الدوحة بمثابة "دول صديقة".

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حزيران/ يونيو في عام 2017، علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، متهمة إياها بدعم جماعة الإخوان المسلمين وإسلاميين متطرفين، وبالتقرّب من إيران المتهمة بدورها من السعودية وحلفائها بالتدخل في شؤون عدد من الدول العربية.

وتقدّمت الدول الأربع في حزيران/ يونيو 2017 بلائحة من 13 مطلبًا كشرط لإعادة علاقاتها مع الدوحة تضمّنت إغلاق القاعدة العسكرية التركية الموجودة على الأراضي القطرية وخفض العلاقات مع إيران وإغلاق قناة "الجزيرة". ورفضت قطر الاتهامات، كما أكّدت أنها لن تنصاع لشروط الدول الأربع.

قمة مجلس التعاون الخليجي التاسعة والثلاثون قبيل حصار قطر في 2017 (أ ب)

وأشرف مدير عام شركة "برزان" القابضة، ناصر النعيمي، على جسر جوي للإتيان من الولايات المتحدة بآلات ومعدات لإنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي، في عملية تذكّر بالجسر الجوي الذي قام بنقل مئات من المواشي والأبقار لتلبية الطلب على منتجات الحليب والألبان بعد أيام من اندلاع الأزمة في الخليج.

وقال النعيمي في مقر المصنع في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا إنه "كانت هناك استراتيجية لخمس سنوات لإحضار هذه الآلات إلى هنا مع مرور الوقت، ولكن الآن تم الحصول عليها دفعة واحدة".

وأضاف أنه "كان الوقت المناسب لاغتنام الفرصة والعمل على تعزيز احتياجات الإنتاج".

وتصف قطر مقاطعة الدول الأربع لها بـ"حصار اقتصادي"، لا سيما أن العديد من عمليات النقل التجارية والاقتصادية والتبادل كانت تمر عبر جيرانها الثلاثة؛ السعودية والبحرين والإمارات.

وأمنّت قطر مخزونًا غذائيًا، وأنشأت مزارع خضار في بلد لطالما اعتمد على الاستيراد من الخارج.

وتعثّرت المحادثات الرامية إلى وضع حد للخلاف في منطقة الخليج بعد أن أثارت موجة من الجهود الدبلوماسية في أواخر العام الماضي آمالا بحدوث انفراج.

ولفت النعيمي إلى أن المقاطعة كانت بمثابة "عامل محفز أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم". مضيفًا أنه "كان بمثابة نقمة تحولت إلى نعمة، إذ سمح لنا بتحقيق إمكاناتنا وضمان أن كل شيء نحتاجه بشكل استراتيجي.. يتم صنعه هنا".

وعلى الرغم من الصدمة الأولى بعد اندلاع الأزمة، أثبت اقتصاد قطر أنه أكثر مرونة من منافسيه الخليجيين مع توقع صندوق النقد الدولي أن تكون الإمارة الخليجية واحدة من الدول القليلة في العالم التي ستحقق فائضا في الميزانية في عام 2020.

وتكتم المسؤولون حول تكلفة مشروع "برزان" الذي يرجّح الخبير الإقليمي ديفيد روبرتس "أن يكون باهظ الثمن بشكل مخيف".

وأشار المصنع إلى أن خمس دول أعربت عن اهتمامها في أجهزة التنفس الاصطناعي التي يقوم بصنعها.

وذكر روبرتس أنه "في زمن كوفيد-19، نرى جميعا أن الحصول على الإمدادات من معدات رئيسية قد يكون صعبا. ولذا فإن قدرة محلية محدودة تبدو أمرا منطقيا".

عمّال بناء في قطر(أ ب)

وبالإضافة إلى استخدام قدرات التصنيع الدفاعية التي تم تطويرها خلال المقاطعة للاستجابة لتداعيات كوفيد-19، ركزت الدوحة أيضا على تعزيز خطواتها في مجال الأمن الغذائي. وفي مخازن واسعة في الصحراء، يتم تخزين خمس سلع رئيسية بشكل كبير لمنع تكرر مشهد خلو رفوف المتاجر الذي حدث في عام 2017 بعد قطع العلاقات مع قطر.

وقال المسؤول في وزارة التجارة، جاسم بن جبر آل ثاني، إنه "في ما يتعلق بالسلع التي لا يمكن استنباتها في دولة قطر، حرصنا على أن نزيد المخزون منها لمواجهة أي تحديات سواء وبائية مثل أزمة كورونا أو غيرها".

وأضاف أنه "لدينا مخزون من الأرز يكفي لثمانية أشهر والسكر لسبعة أشهر والزيت لثلاثة". وأعلنت الدوحة أواخر العام الماضي عزمها على زيادة مخزونها الاستراتيجي من 22 سلعة رئيسية لثلاثة مليون شخص، ليمتد على ستة أشهر.

وجاءت قطر في المركز الأول من ناحية الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وفي المركز الثالث عشر عالميا في آخر تصنيف لمؤشر الأمن الغذائي العالمي.

التعليقات