عدن: عاصمة أخرى "للشرعية اليمنيّة" تسقط.. بيد "حلفائها" هذه المرّة

سيطر انفصاليّون موالون للإمارات، مساء السبت، على القصر الرئاسي في العاصمة المؤقتّة للبلاد، عدن، بعد أربعة أيام من المعارك الضارية.

عدن: عاصمة أخرى

من معارك سابقة في عدن (أ ب)

سيطر انفصاليّون موالون للإمارات، مساء السبت، على القصر الرئاسي في عدن، التي أعلنتها حكومة الرئيس، عبد ربه منصور هادي، عاصمة مؤقّتة للبلاد بعد سيطرة الحوثيين، في العام 2014 على العاصمة، صنعاء.

ورغم المعارك التي شهدتها عدن، قال مسؤول في قوات الحزام الأمني لوكالة فرانس برس "تسلمنا قصر المعاشيق من القوات الرئاسية بدون مواجهات"، وأكد شهود عيان أن قوات الحرس الرئاسي سلمت قصر المعاشيق بدون معارك، بعد خروج "أكثر من 200 جندي من القصر يتبعون ألوية الحراسة الرئاسية".

وفي حديث مع التلفزيون "العربي"، اعتبر المستشار الإعلامي للسفارة اليمنيّة في الرياض أن السعوديّة "مشاركة في انقلاب عدن" وأن هادي "مُنع أكثر من مرة من تسجيل كلمة للشعب اليمني" موضحا أن ضباطا سعوديين كانوا يمنعونه.

وتدور منذ أيام معارك ضارية في عدن بين انفصاليين تدعمهم الإمارات، التي أعلنت انسحابها من اليمن، وبين قوات "الشرعية" التابعة لهادي المدعوم سعوديًا والموجود حاليًا في الرياض.

خطوة فعلية نحو تقسيم اليمن

وبسيطرة الانفصاليين على القصر الرئاسي وعلى المقرّات العسكريّة في عدن، يكون "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يملك أذرعا عسكريّة وسياسية في كافة محافظات الجنوب اليمني، قد حقّق خطوة فعلية كبيرة لها رمزيّتها في مسعاه نحو الانفصال. ويخضع الجنوب اليمني لسيطرة الإمارات والسعوديّة، بينما يخضع الشمال لسيطرة الحوثيين، والشرق (مهرة) لسيطرة قوات قبليّة موالية لسلطة عُمان.

وشكّلت السعودية والإمارات تحالفًا في العام 2015، أطلق عمليّة "عاصفة الحزم" وحدّدت هدفها بـ"إعادة الشرعية" قبل أن تنقلب على هذا الهدف قوات الانفصاليين الموالية للإمارات، التي يطلق عليها اسم "الحزام الأمني".

انقلاب آخر على الشرعية

من جانبه، كتب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، في تغريدة على حسابه على موقع تويتر "ما حدث في العاصمة المؤقتة عدن من سيطرة على المقار الحكومية والمعسكرات واقتحام ونهب لمنازل قيادات الدولة والمواطنين انقلاب آخر على الشرعية الدستورية يهدد أمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه".

وكان مصدر أمني أفاد أن قوات الانفصاليين حاصرت، السبت، القصر الرئاسي في عدن، وبحسب المصدر فإن بعض التشكيلات الأمنية التابعة لحكومة هادي أعلنت انضمامها بدون قتال إلى قوات الحزام الأمني.

وأكد نائب وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، السبت، في تغريدة على حساب موقع وزارة الخارجية اليمنية على تويتر أن "ما يحصل في العاصمة الموقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي هو انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية"، وتابع "لا شرعية بدون الشرعية" في إشارة إلى حكومة الرئيس المعترف به دوليًا.

من جهتها، دعت الإمارات، الشريك الرئيسي للسعودية في قيادة التحالف العسكري، السبت إلى "التهدئة وعدم التصعيد".

وقال وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، في بيان، إنّ بلاده "وكشريك فاعل في التحالف العربي، تقوم ببذل كافة الجهود للتهدئة وعدم التصعيد في عدن وفي الحث على حشد الجهود تجاه التصدي للانقلاب الحوثي وتداعياته".

وشدد عبد الله على "ضرورة تركيز جهود جميع الأطراف على الجبهة الأساسية ومواجهة ميليشيا الحوثي الانقلابية والجماعات الإرهابية الأخرى والقضاء عليها".

وتحظى قوات "الحزام الأمني" التي تتمتع بنفوذ في الجنوب اليمني وتقاتل الحوثيين ضمن صفوف القوات الحكومية، بدعم الإمارات العربية المتحدة، العضو الرئيسي في تحالف عسكري تقوده السعودية في هذا البلد ضد الحوثيين، وتتألّف هذه القوات أساسا من الانفصاليين الجنوبيين الذين يرغبون في استقلال الجنوب اليمني، وينتمون للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وكان الجنوب دولة مستقلة حتى الوحدة مع الشمال عام 1990.

ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين الحوثيين المقرّبين من إيران، والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به، وقد تصاعدت حدّة المعارك في آذار/مارس 2015 مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للقوات الحكومية.

وتعكس هذه الاشتباكات الانقسامات العميقة في المعسكر المناهض للمتمردين الحوثيين، وتقوض التحالف بقيادة الرياض وأبو ظبي، بحسب خبراء.

وحذرت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الجمعة أن الاشتباكات "تهدد بإدخال جنوب اليمن في حرب أهلية داخل الحرب الأهلية" الدائرة حاليا، وأضافت أنّ أي نزاع مماثل "سيعمق ما هو بالفعل الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم وسيصعب من تحقيق تسوية وطنية سياسية".

وليست هذه المرة الأولى التي يتواجه فيها الطرفان.

ففي كانون الأول/يناير 2018، شهدت عدن قتالا عنيفا بين الانفصاليين والقوات الحكومية أدى إلى مقتل 38 شخصا وإصابة أكثر من 220 آخرين بجروح.

وأوقعت الحرب نحو 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2015 بحسب منظمة الصحة العالمية، غير أنّ عددًا من المسؤولين في المجال الإنساني يعتبرون أن الحصيلة الفعلية أكبر بكثير.

ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، الى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليًا.

 

التعليقات