19/07/2007 - 15:56

لعنة الديمقراطية../ د.جمال زحالقة

لعنة الديمقراطية../ د.جمال زحالقة
بأغلبية مطلقة بلغت 64 عضو كنيست مقابل 16 فقط، مررت الكنيست بالقراءة التمهيدية مشروع قانون ينص على أن أراضي منظمة "الكيرن كييمت" هي لليهود فقط، ويمكن تسويقها أو تأجيرها لليهود فقط.

جاء هذا القرار بعد أن أوصى الجهاز القضائي الإسرائيلي بالسماح للعرب بالمشاركة في أي مناقصة تعلن عنها المؤسسة الرسمية دائرة أراضي اسرائيل، المسؤول المباشر عن كل الأراضي العامة، بما في ذلك أراضي "الكيرن كييمت"، التي أسست عام 1901 لشراء الأرض من الفلسطينيين لصالح "الشعب اليهودي". ومما يزيد من خطورة القانون الجديد هو أن قسماً كبيراً مما يسمى "أراضي الكيرن كييمت" يحتل مناطق متاخمة للقرى والمدن العربية، ويشكل حاجزاً مادياً وقانونياً أمام تطورها وتوسعها المستقبلي.

تسيطر منظمة "الكيرن كييمت" على حوالي 13% من الأراضي، أي خمسة أضعاف ما يملكه المواطنون العرب اليوم، بعد مصادرة أكثر من 80% من أراضيهم. وتتكون أراضي "الكيرن كييمت" من أراضي اشترتها قبل النكبة وأخرى منحتها إياها الدولة العبرية بعد قيامها، وتأتي معظم ميزانية هذه المنظمة من الحكومة الإسرائيلية.

وما من شك بأن "الكيرن كييمت"، ليست منظمة يهودية مستقلة كما يدعون، بل هي ذراع للسلطة، لها مكانتها القانونية وتقوم اليوم بمهام مكملة ومنسجمة مع سياسة مصادرة الأراضي من خلال شركة "هيمنوتا"، التابعة لها، والتي تعمل في الخفاء لشراء الأرض في الجليل والمثلث والنقب والقدس والضفة الغربية. ومن واجبنا، وواجب كل وطني غيور، أن نشن حملة ضد نشاط هذه الشركة وإغراءاتها وضد عملائها من المحتالين والخونة العرب. نشاط "الكيرن كييمت" في السر لا يقل خطورة عن القانون العلني الجديد.

تدل نتائج التصويت على هذا القانون أن هناك أغلبية عنصرية في الكنيست الإسرائيلي، قابلة لتمرير أي قانون أو إجراء ضد المواطنين العرب، وقد أقرت هذه الأغلبية في الفترة الأخيرة سلسلة قوانين تميز بين العرب واليهود، تنجح هي وأصحابها في امتحان العنصرية وتسقط سقوطاً مدوياً في امتحان جوهر الديمقراطية والمساواة بين المواطنين.

ويفضح هذا القانون ومثيلاته، خدعة ما يسمى بالديمقراطية الإسرائيلية، حيث تمرر القوانين والقرارات العنصرية بالأغلبية في تصويت "ديمقراطي" لمنتخبين وصلوا إلى البرلمان بانتخابات "ديمقراطية". لقد استولت الدولة اليهودية على معظم أراضينا من خلال قوانين مصادرة، سنت بطريقة "ديمقراطية".

من هنا فنحن لسنا ضحايا الصهيونية وسياسات الدولة اليهودية فحسب، بل إن لعنة الديمقراطية الإسرائيلية تلاحقنا منذ عقود طويلة، وهي الأداة الأساس لمصادرة حقوقنا اليومية والقومية. إن الديمقراطية الإسرائيلية هي مصنع سحري، ينتج العنصرية محلياً ويصدر الديمقراطية للعالم. ولعل من مهامنا الأهم في المرحلة المقبلة هي أن يعرف العالم ما هو الناتج المحلي وليس فقط مواد التصدير المزيفة..

التعليقات