19/10/2008 - 07:22

المشهد المقلوب في عكا / يوسف شرقاوي

-

المشهد المقلوب في عكا /  يوسف شرقاوي
الفاشية والعنصرية موروثان لدى المجتمع الإسرائيلي من الخط الوراثي للعبودية، فلا يوجد على وجه هذه البسيطة مجتمع حر يروق له استعباد مجتمع آخر إلا اذا كان هذا المجتمع المستعبد يعاني من عقدة الاستعباد في الماضي.
ففاشية وعنصرية إسرائيل الصهيونية سعتا في الماضي ولا تزال تسعى الى تغييب الشعب الفلسطيني عن المشهد العالمي من خلال تدمير المجتمع الفلسطيني لإخفاء جريمة العصر المقترفة بحقه من قبل الصهيونية المدعومة من قوى الاستعمار العالمي ، ظنا منها أنها قادرة على ذلك، لأن الفاشية والعنصرية لا تعمي الأعين بل تعمي القلوب التي في الصدور.

اسرائيل لم تستوعب عبر التاريخ بان الاحتلال زائل لا محالة مهما بلغ عتوّه ومهما طال احتلاله لأراضي الغير.

فلا كذب الصحافي الصهيوني يوأف كرني، ولا إفتراء المؤرخ اسحاق بن تسيفي، بمقدورهما أن يثبتا المشهد المقلوب في عكا، ولن يستطيعا أن يعززا دجل من قدم من اوكرانيا ورومانيا والقوقاز من توصيف العكيّين اصحاب الارض الحقيقيّين بانهم مستوطنون في عكا وذلك تمهيدا لطردهم منها، مهما شيدوا المباني الحديثة لخنق الأحياء العربية في المدينة، ومهما حاولوا منع العكيين سكان المدينة منذ الازل من ترميم منازلهم الآيلة إلى السقوط فوق رؤوسهم، بحجة المحافظة على الطابع التاريخي للمدينة، بل يقومون بذلك لتنغيص عيشة العكيّين واجبارهم على ترك منازلهم ومدينتهم، متوهمين بأن الزمن كفيل بإرغام العكيّين على ترك منازلهم ومدينتهم التاريخية والتي لم تنحن رغم تقلّب الغزاة عليها بدءا بالفراعنة والرومان والفرس، مرورا بالفرنجة والفرنسيين والاتراك والانكليز، وصولا الى اليهود الصهاينة، من الغزاة من حاصرها واحتلها، ومنهم من قهر وانهزم لبسالة أهلها ومناعة حصونها، ومنهم من انتحر على اسوارها الشامخة، ومنهم من سيندحر عنها لا محالة مهما بلغت جبروته، لان اهلها متجذرون في أرضهم منذ الأزل فهي عصية على الانكسار والركوع بكفّها تلاطم مخرز المحتلّين الصهاينة فهي باقية والاحتلال الى زوال مهما طال.

ماحدث في عكا من حرق لمنازل وممتلكات العائلات العربية داخل الأحياء اليهودية من المدينة تحت سمع وبصر الشرطة الإسرائيلية والسماح لآلاف من الرعاع المستوطنين باجتياح المدينة والعبث بممتلكات العائلات العربية بحجة ان أحد الشبان العرب قاد سيارتة في عيد كيبور اليهودي هو نموذج مصغّر لما سيحدث في المستقبل إن تركت إسرائيل معفيّة من دفع ثمن احتلالها للأرض العربية من قبل (تنظيمات) ما يسمى العمل الوطني والتي هي في حاله موت سريري بعد أن تحولت من( تنظيمات) تحرر وطني الى تنظيمات مهمتها الإجتهاد لإيجاد الحلول للصهيونية في فلسطين والإعتراف بشرعية احتلالها لفلسطين واسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لبيوتهم وممتلكاتهم الذين طردوا منها بقوة السلاح، (وثيقة جنيف) وإجتراح حلول(خلاّقة) لحق عودة اللاجئين خوفا من إحداث خلل ديمغرافي لصالح العرب في فلسطين هو خير دليل على انتهاء مهمة تلك (التنظيمات) وشرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني، وما دام النظام العربي الرسمي يركع يركع ارضاءا لاميركا، ليمكن سفن الأعداء من الإبحار بهدوء وكما تشتهي لتقاسم العبادة في الأقصى تمهيدا لتهويدة، وتمهيدا لتحقيق حلم بنغوريون يهودية اسرائيل بعرق يهودي صاف خال من العرب

عندما أقدم شارون على نقل مستوطنات غزة الى الجليل كان يراوده حلم طرد العرب من عكا ومن المدن العربية الأخرى في فلسطين المحتلة عام 48، لكن هيهات أن يتحقق حلم هذا البلدوزر) الأرعن الذي يغط في غيبوبة منذ أكثر من عامين ومن هم على شاكلته )

اسرائيل تحلم بأنها قادرة على طرد العرب من عكا مقدمة لطردهم من باقي المدن العربية في فلسطين المحتلة عام 48 لكن لن يتحقق هذا الحلم الأرعن، رغم أن السكان العرب يعانون من ظروف اقتصادية مزرية نتيجة البطالة والفقر، والتمييز العنصري ، سيتصدون لعصابات المستوطنين المنفلتة ، والمدعومة من دولة الاحتلال الصهيوني ، التي تريد إعادة انتاج ما حدث عام 1948 من قتل وطرد وترهيب وتشريد وتطهير عرقي لتحويل الفلسطينيين سكّان البلاد الأصليّين الى لاجئين خارج أرضهم وفي أرضهم، لكن الظروف تغيّرت فهؤلاء العرب المتجذرون في الأرض هم توأم الروح، وهم هوية الروح ، وعكا نشيد البحر



التعليقات