10/06/2009 - 18:40

حل «الدولة والمسخ» المسمى زورا «حل الدولتين» / حسن عبد الحليم

-

حل «الدولة والمسخ» المسمى زورا «حل الدولتين» / حسن عبد الحليم
ينتظر المراهنون على التسوية مع إسرائيل والذين يعتبرونها خيارهم الاستراتيجي، بشغف، الكلمة السحرية من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في خطابه المزمع يوم الأحد المقبل: «حل الدولتين».

هذا الشعار الفارغ من مضمونه لا يتعدى كونه تلاعبا لفظيا لأن رؤية الإسرائيليين للدولة الفلسطينية تنزع عنها هذا التعريف بشكل كلي، ولا تشمل الانسحاب إلى حدود 1967، ولا القدس. وتحتفظ بالمستوطنات. ولا تشمل سيطرة الفلسطينيين على أجوائهم او معابرهم البرية والبحرية. كيان قريب من سلطة الحكم الذاتي ليس له معالم، منزوع السلاح وذو صلاحيات سيادية محدودة. هذا إلى جانب الحديث عن ترتيبات أمنية خاصة في منطقة الأغوار. وكل ذلك مع تغييب كلي لفلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948. ورفض حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، في الوقت الذي يُستقدم فيه المهاجرون من كافة أصقاع الأرض ويحصلون على امتيازات ليحلوا مكان أصحاب البلاد الأصليين.

اصطلاح «حل الدولتين» الذي أصبح على كل لسان، ويضيف إليه الإسرائيليون كلمة «للشعبين» للتأكيد على يهودية القائمة على أنقاض الأولى، بات مثيرا للاشمئزاز، لأنه يرسخ الخطاب الإسرائيلي الديماغوغي والمراوغ، والذي يطالب العرب والفلسطينيين دوما بالمزيد من التنازلات، ولا ينتظر إقرارهم بتلك التنازلات بل يعمل على فرضها واقعا على الأرض لتكون حقيقة قائمة يجب التعامل معها.

مع ذلك قد ترتسم ابتسامة صفراء على وجوه المراهنين على التسوية إذا ما نطق نتنياهو بجواهره الثمينة في خطاب الأحد وأتى على ذكر الدولتين حتى لو بصياغة مبهمة وغير مباشرة، لأن ذلك يعني بالنسبة لهم إعادة النبض إلى خيارهم الذي يصارع الموت في غرفة العناية الفائقة وبعث الروح فيه ولو لحين لأن وفاته ونعيه رسميا سيبقيهم بدون خيارات.
هذه الهرولة العربية نحو التسوية لا تعني إلا أنهم في عجلة من أمرهم لإلقاء عبء القضية الفلسطينية عن كاهلهم، بعد أن أصبحت شأنا فلسطينيا. أما أصحاب «الخيار الاستراتيجي» في السلطة الفلسطينية فإن «عجلة التسوية» المربعة باتت جهاز التنفس الاصطناعي لهم، بل ولا نبالغ إذا قلنا أنها المبرر الوحيد لوجودهم ووجود سلطتهم.

يدور الحديث مرة أخرى عن «مبادرة للتسوية»، ومن المرجح أن تعتمد على خطة خارطة الطريق، التي تدأب السلطة الفلسطينية على تذكيرنا بكرة وأصيلا بأنها طرف في معادلة وأنها تقوم بالتزاماتها على أكمل وجه دون أن تنتظر التزام إسرائيل( التي تمسك بكل الأوراق)، ودون أن يكون ذلك مرتبط بالتطورات السياسية. وها هي تلاحق «مليشيا حماس» و «الخارجين عن القانون»، وتطبق الجانب الأمني من اتفاق يداس يوميا تحت أقدام السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. وتتحول «السلطة الوطنية الفلسطينية» إلى «سلطة فلسطينية» تلعب دور المتعهد الأمني للاحتلال الجاثم فوق صدور شعبها. روابط القرى في ثمانينات القرن الماضي كانت تقوم بنفس المهمة، وكان يسمى دورها حينذاك خيانة. ولكن السلطة الفلسطينية تقوم بنفس الدور ويسمي ذلك «الالتزام بالاتفاقات». الخطأ إذن يكمن في الاتفاقات، وآن الأوان لأن يخرج من بين رماد الواقع الفلسطيني عنقاء بحجم التحدي، قادة وطنيون، يلقون بتلك الاتفاقات عرض جدار الفصل العنصري.

لا يعول على خطاب نتنياهو، ولا على إرادة أوباما، طالما أن الإرادة العربية مسلوبة وغائبة عن صنع الحدث، والإرادة الفلسطينية رهينة لأوهام مجموعة تريد الحفاظ على امتيازاتها على حساب قضية عادلة، مجموعة لم يخولها أحد بالقيام بأدوارها. لا يعول على كل ذلك طالما أن العرب والفلسطينيين لا يملكون وسائل الضغط، ولا سبل القوة، وليس أمامهم سوى الاستجداء على موائد اللئام.

لا يعني اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحل الدولتين أي شيء. لن يقدم ولن يؤخر، وفي أفضل الحالات سيدخل الفلسطينيين إلى فصل جديد من فصول المفاوضات العبثية. لأن ببساطة إسرائيل غير ناضجة للحل ولم تصل بعد إلى مرحلة تقيّم فيها مسيرتها وتتوصل إلى نتيجة بأنها يجب أن تعترف بالحقوق الفلسطينية وبمسؤوليتها عن معاناتهم منذ قيامها. وأن تبدي استعدادها لمصالحة تاريخية. لم تصل إلى ذلك ولا يبدو أن ذلك في الأفق المنظور.

للقضية الفلسطينية تفوق أخلاقي، والمطلوب فلسطينيا إستراتيجية نضال طويلة الأمد. ما زال ممكنا تغيير المسار والعودة من طريق التيه ومن الجري خلف السراب. وإعادة النظر في كمائن العقد ونصف الماضيين.

التعليقات