31/10/2010 - 11:02

"اشقاء" وكنيسة وجدار/ بلال ظاهر

اقرت حكومة اريئيل شارون مطلع هذا الاسبوع مسار جدار الفصل العنصري الذي تبنيه على اراضي الفلسطينيين وتنهب من خلاله مساحات واسعة من الضفة الغربية. كذلك اعلنت اسرائيل هذا الاسبوع موقفها الرسمي من الجدار من خلال رد النيابة العامة على التماس في المحكمة العليا الاسرائيلية بانها ستواصل بناء الجدار زاعمة ان قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي لا يلزمها بادعاء انها، اي اسرائيل، لم توافق على ان تبحث المحكمة الدولية في قانونية مسألة الجدار! واضافت النيابة الاسرائيلية ان اسرائيل لن توقف بناء الجدار مع انطلاق المفاوضات التي تجريها مع السلطة الفلسطينية.

لكن هذا الموقف الاسرائيلي العدواني الذي يصر على نهب الارض مع اعلان شارون الاسبوع الماضي بان ما يضمه الجدار من اراض فلسطينية "سوف تصبح جزءا من دولة اسرائيل في المستقبل" لم يخفف من هرولة بعض العرب الى اعادة العلاقات الحميمة مع اسرائيل. وفي اليوم نفسه الذي صادقت حكومة شارون فيه على مسار جدار الفصل العنصري وضم اراضي فلسطينية فعليا الى اسرائيل، ارسل الاردن سفيره الجديد الى اسرائيل، وفي مساء اليوم ذاته اعلنت مصر اسم سفيرها الجديد لدى اسرائيل وطالبت مصر وزارة الخارجية الاسرائيلية بتسريع المصادقة على اوراق اعتماده. وفي الغداة سافر مسؤول اسرائيلي الى قطر حاملا رسالة من شارون الى المسؤولين في قطر. والحديث يطول عن اتفاقيات مع دول عربية اخرى تنتظر دورها لدخول "نادي السفارات" في تل ابيب.

ان هرولة بعض العرب باتجاه اسرائيل غير مبررة. فسحب السفراء "ووقف الاتصالات" من جانب دول عربية اخرى كان سببه تصعيد عدوان اسرائيل وفتكها. وكان يتوجب ان يكون لانبعاث الدفء في العلاقات الاسرائيلية العربية ما يبرره. ورغم ان الفلسطينيين يلتزمون بـ"التهدئة" ووقف اطلاق النار الا ان اسرائيلية ماضية في عدوانها ومطاردة "المطلوبين" وتشديد الخناق على الشعب الفلسطيني من خلال ابشع حصار داخل اكبر "غيتو" عرفه التاريخ. لكن مبدأ التسوية وفقا لمفاهيم البشر تحتم على الطرفين المتنازعين ان يقدما تنازلا ما. الا ان ما هو حاصل فعلا الان، هو ان بعض العرب غيروا موقفهم وقدموا التنازلات ووافقوا على الواقع الذي تفرضه اسرائيل دون ان تتنازل الاخيرة قيد انملة عن موقفها وسعيها الى التوسع وتصعيد عدوانها على الفلسطينيين.

ولان الموقف بالموقف يذكر، فانه في مقابل تنازل "الاشقاء" عن الارض الفلسطينية المتبقية لصالح سياسة التوسع الاسرائيلية جاء الدعم للفلسطينيين، في الموقف الثابت طبعا وربما اكثر بقليل، من جانب مجلس الكنائس العالمي وهو اكبر هيئة عالمية تجمع المسيحيين غير الكاثوليك. فقد اصدر مجلس الكنائس العالمي قرارا مبدئيا طالب فيه اعضاءه بتصفية استثماراتهم في الشركات التي تجني ارباحا من استمرار اسرائيل في احتلالها وبناء الجدار. بل اكثر من ذلك، فقد شبه مجلس الكنائس سياسة اسرائيل في الاراضي المحتلة بسياسة نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا. وبحسب ما افادت به الانباء فان مجلس الكنائس لم يرضخ ولم يأبه للغضب الذي عبر عنه زعماء اليهود الامريكيين من موقفه المبدئي.

التعليقات