31/10/2010 - 11:02

"مي زيادة" والطريق إلى الخدمة الوطنية الصهيونية/ رافض للخدمة

-

حدثني صديقي أن أحد المعلمين في إحدى المدارس، بادر إلى تنظيم زيارة إطلق عليها إسم "فعالية ثقافية"، وتشمل الفعالية زيارة إلى المدرسة التي تعلمت فيها الأديبة مي زيادة.

ولمن لا يعرف أين تعلمت زيادة فقد يعتقد أن الزيارة هي فعلاً ثقافية تربوية هادفة، لولا أن المدرسة قد حوّلت إلى سجن ومركز للشرطة الإسرائيلية! وهي نفسها معتقل المسكوبية في الناصرة، وهذا الأمر دفع صاحبنا إلى التساؤل لماذا مي زيادة تحديداً؟ خاصة وأن هناك الكثير من الأدباء المحليين، على سبيل المثال، من الذين لا زالوا على قيد الحياة، وندعو لهم بطول العمر، وبالإمكان زيارتهم ولقاؤهم والتحدث إليهم مباشرة!!

وللحظة إعتقد صاحبنا، وبحسن نية، أن الهدف من الزيارة هو توجيه رسالة سياسية إلى الطلاب تفيد أن واحة الديمقراطية تقوم بتحويل المدارس إلى "مدارس" من نوع آخر تسمى عادة سجون، في حين أن أعتى الأنظمة وإن لم تبادر إلى بناء مدرسة جديدة، إلا أنها تمتنع عن تحويل المدارس القائمة إلى سجون! وبهذا المعنى فإن هذه الزيارة تؤدي رسالة سامية ولفتة عظيمة من المعلم إلى هذا الجانب، بيد أن هذا لم يحصل، وإتضح لصاحبنا بعد أن ألح في تساؤلاته بأن الهدف من الزيارة هو التعرف على أقسام مركز الشرطة!

ولما أصر صاحبنا على أنه من غير المعقول أن يتم تعريف الطالب العربي على مراكز الشرطة وأقسامها، ليس من منطلق أنه سيزورها إن عاجلاً أم أجلاً للتحقيق أو الإعتقال أو عرض التجنيد أو التحذير أو التهديد وما إلى ذلك، وإنما من منطلق أنه يتوجب أولاً تنظيم آلاف الزيارات للتعرف على قرى ومدن وأماكن ومراكز ومؤسسات تقع في رأس سلم الأولويات، وهو سلم أولويات كبير إلا أنه من المؤكد أن التعرف على أقسام الشرطة هو "أولوية" لن تجد لها مكاناً حتى في أسفله!

ولما ألح صاحبنا لمعرفة لماذا وضع مركز الشرطة على رأس سلم الأولويات، قيل له أن هذا البرنامج قد وضع ضمن سلسلة من الفعاليات في إطار مكافحة العنف!!

وأصر صاحبنا على أن الشرطة هي أحد أهم مصادر العنف وهي التي تتحمل المسؤولية عن إنتشاره، وأشار صاحبنا إلى الإعتداءات التي وقعت في قرية المغار دون أن تتدخل الشرطة لوقفها، وإنتشار أعمال السرقة والقتل التي تقع يومياً تحت ناظري الشرطة، وهي التي تطلق النار على المتظاهرين فتوقع القتلى والجرحى، وهي التي تمارس العنف ضد المعتقلين، وهي التي تلجأ إلى العنف ضد الحركات السياسية والوطنية وهي التي تشجع الجريمة وتجارة المخدرات، وهي التي تجند عملاء لها بين الشباب فيعيثون فساداً في قراهم ومدنهم. وهي التي تتحمل المسؤولية عن إنتشار ثقافة العنف، هذا إذا لم نشأ الحديث عن البيروقراطية والفساد الذي يصيب أي جهاز شرطة في الظروف العادية والأمر أسوأ بكثير في الحالات المشابهة لحالتنا. وكم بالحري عندما نقول أنها جهاز لدولة إحتلال تتحمل مسؤولية تشريد شعبنا وإحتلال أراضيه وارتكاب المجازر بحقه ويتجاوز عدد ضحاياها مئات آلاف الشهداء..

نقول وأمام إصرار صاحبنا، فقد أبلغ أن هذه الزيارة هي الجزء الثاني من مشروع قد بدئ العمل به، وكان الجزء الأول من المشروع هو إستدعاء بعض رجال الشرطة إلى المدرسة وتقديم محاضرات حول العنف وآثاره!

ربما قد يبدو للبعض هذا الكلام معقولاً إذ لا يوجد هناك من يمانع أن ينشأ ولده على التسامح ونبذ العنف. إلا أنه وعندما استمع صاحبنا لولده حول ما جاء في "محاضرة" الشرطي عن التسامح والعنف فوجئ بولده يقول له: " لقد قال لنا أن وظيفته هي إزالة الحاجز النفسي بين الطلاب العرب والشرطة، ثم وبخنا توبيخاً شديداً وقال لنا ألا تخجلون من أنفسكم ومن بلدكم، أنتم تسكنون في بلدة يزيد تعداد سكانها عن 20 ألف نسمة وليس فيها سوى متطوع واحد في الشرطة الجماهيرية!!

بقي أن نقول أن صاحبنا قد استشاط غضباً، وأمام غضبه اضطر المعلم إلى إلغاء مثل هذا النوع من الفعاليات "الثقافية" خشية إفتضاح أمره!!!

التعليقات