31/10/2010 - 11:02

أكاذيب تبريرية / عزمي بشارة

أكاذيب تبريرية / عزمي بشارة
دارت محادثات بوش وشارون حول محورين اساسيين : المحور الأول هو اقناع الولايات المتحدة بتبني خطط شارون دون قيد او شرط. وقد أثبتت التجربة حتى الآن انّ شارون نجح في تحويل خطة فك الارتباط من إملاء اسرائيلي من طرف واحد الى مشروع امريكي تحاول الولايات المتحدة تمريره كأنه جزء من خارطة الطريق واسكات كل الأصوات التي تنتقد سياسات اسرائيل من قضية استيطان وتهويد القدس وغيرها، في سبيل انجاح خطة شارون، «اللعبة الوحيدة في المدينة». وتتوجت هذه السياسة الامريكية برسالة الضمانات من بوش الى شارون ثم باستقبال شارون في شرم الشيخ وتحول الاملاء من طرف واحد الى عملية «سلام»، قبضت اسرائيل ثمنها في رسالة الضمانات التي تتبنى فيها الولايات المتحدة اللاءات الاسرائيلية المتعلقة بالحل الدائم.

أما المحور الثاني فهو محور السياسات الاقليمية، وهنا عاد شارون وأكد من جديد السياسات العدوانية الاسرائيلية فقط بزيادة انّه يأمل ان تمنحها خطة فك الارتباط شرعية أكبر.

من هنا سربت المصادر الاسرائيلية لوسائل الاعلام بشكلٍ مكثف طيلة الاسبوع المنصرم «قلقًا اسرائيليًا» و»مخاوف اسرائيلية» من مشاريع الطاقة النووية في إيران. ووصلت الأمور حدًا جعل صحيفة مثل نيويورك تايمز تدعي ان المعلومات التي طرحها شارون أمام بوش ليست جديدة وأنّه ساد خلاف حول تفسيره هذه المعلومات. فإسرائيل تميل الى التفسير انّ ايران باتت قاب قوسين من انتاج القنبلة النووية في حين تستبعد الولايات المتحدة ذلك الى مرحلة أخرى تقاس بالسنوات.

لا بدّ من قراءة الموقف الاسرائيلي كنيّة مبيّتة للقيام بعمل عسكري ضد ايران ، اذا لم تفعل الولايات المتحدة ذلك. فعناصر التمهيد لذلك حاضرة لا يمكن حتى للساذج ان يتجاهلها: التحريض المستمر ضد ايران وسوريا وحزب الله، نشر التقارير المغرضة على المستوى الرسمي وفي لقاءات على أعلى مستوى، تصوير اسرائيل كحمامة سلام وتصوير شارون كرجل سلام في مرحلة فك الارتباط التي تصل حد الصراع الداخلي مع المستوطنين.

هنا تتحول خطة فك الارتباط ويتحول التفاؤل العربي بشأنها الى مجرد أن الأجواء مواتية للقيام بضربة عشية او بعد تنفيذ خطة فك الارتباط.

ومن الجدير ذكره انّ ايران تلتزم بكافة المواثيق والقوانين الدولية وبتعليمات وكالة الطاقة الدولية بحذافيرها بحيث فتحت منشآتها النووية للرقابة في أي وقت تشاء هيئة الطاقة النووية وبدون تنسيق مسبق. هذا يعني انّ الذريعة القانونية والذرائع الرسمية التي تقال في الأروقة الدبلوماسية غير متوفرة لمن يريد توجيه ضربة للنشاط النووي الايراني او لايران عمومًا، وأنّ الطريق تمهَّد لنشر اجواء التحريض، بنشر الأكاذيب وبخلق مزاج في اسرائيل والغرب يتوقع هذه الضربة ويكاد يراها طبيعية ولا يحتاج الى تفسيرات قانونية لإقناع ذاته.

("القول الفصل" عن صحيفة "فصل المقال")

التعليقات