31/10/2010 - 11:02

استنكار شديد لاعمال التدنيس المتواصلة لمقبرة "مأمن الله"

موقع "عرب 48" يستعرض تاريخ المقبرة وما تعرضت له من اعمال تدمير وتدنيس من قبل السلطات الاسرائيلية

استنكار شديد لاعمال التدنيس المتواصلة لمقبرة
أعلنت جهات عربية في الداخل، تعنى بالمقدسات الإسلامية، من بينها مؤسسة الأقصى، عن استنكارها الشديد لنية السلطات الإسرائيلية إقامة متحف على الأرض المتبقية من مقبرة "مأمن الله" في القدس".

جاء ذلك بعد إعلان، صدر الاسبوع الماضي، حول نية الحكومة الإسرائيلية افتتاح مقر ما يسمى بمركز "الكرامة الإنساني - متحف التسامح في مدينة القدس" على أرض مقبرة "مأمن الله " بمشاركة حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية. ولاقى هذا الإعلان ردود فعل واستنكارات، كونه يأتي "استمراراً للاعتداء الإسرائيلي على هذه المقبرة وتواصل تدنيسها"، حسب البيان.

تقع مقبرة "مأمن الله"، والتي يسميها البعض "ماملا"، بمعنى ماء من الله أو بركة من الله، غربي مدينة القدس القديمة وعلى بعد كيلومترين من باب الخليل، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس وتقدر مساحتها بمائتي دونم بينما قدرها المهندسون مساحتها في الثلاثينات بنحو 137 دونما ونصف، علما أنه استثنى منها بناية الأوقاف التي كانت مبنية على جزء من أرض وقفها، ومقبرة الجبالية التي كانت على القندرية، والتي يفصلها عن المقبرة الشارع. وعندما سجلت المقبرة في سجلات دائرة الأراضي – الطابو- بتاريخ 22/3/1938 سجلت مساحتها (134.560) من الدونمات واستصدر بها وثيقة تسجيل أراضي " كوشان " ضمن أراضي الوقف الإسلامي.

وتعتبر هذه المقبرة من أقدم مقابر القدس عهدا وأوسعها حجما، وأكبرها شهرة ولقد ساير تاريخها تاريخ المدينة، وذكر معه مرارا، ففيها دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي (636 ب.م) وفيها عسكر صلاح الدين يوم جاء ليسترد القدس من الصليبيين (1187 ب.م).

وقد بدأت الاعتداءات على هذه المقبرة أبان الإنتداب البريطاني، خاصة بداية سنوات الثلاثين حيث تعرضت لانتهاكات متكررة، وفي ظل مخطط وضع سنة 1933 م للمقبرة وهو في جوهره يقتطع جزءا للبناء السكني وآخر للبناء التجاري، وثالث يكون حديقة عامة ورابعا يبقى مقبرة، إلا أن الجزء الأكبر من هذا المخطط نفذ في أواخر سنوات الستين وما بعدها.
في عام 1948 احتلت القوات الإسرائيلية الجزء الغربي من القدس، فسقطت من ضمنها مقبرة الشهداء والعلماء والصالحين و "مأمن الله".

وفي نفس العام أقرت إسرائيل قانونا بموجبه "يعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامي وما فيها من مقابر وأضرحة ومقامات ومساجد – بعد الحرب – بأراضي تدعى أملاك الغائبين، وأن المسؤول عنها يسمى "حارس أملاك الغائبين" وله حق التصرف بها. بذلك دخلت مقبرة "مأمن الله" ضمن أملاك حارس أملاك الغائبين لدى "دائرة أراضي إسرائيل".
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت إسرائيل تقوم بتغيير معالم المقبرة وطمس كل أثر فيها، حتى لم يتبقَ فيها أقل من 5% من القبور التي كانت موجودة فيها، وقدرت المساحة المتبقية منها بحوالي ثمن المساحة الأصلية أي حوالي 19 دونما.

وفي عام 1967 حولت السلطات الإسرائيلية جزءا كبيرا من المقبرة الى حديقة عامة، دعيت بحديقة الاستقلال، بعد أن جرفت القبور ونبشت العظام البشرية وقامت بزرع الأشجار والحشائش فيها، وشقت الطرقات في بعض أقسامها، كما بني على قسم آخر واشتهرت الحديقة باستعمالها وكرا لممارسة أعمال الرذيلة خاصة من الشاذين اليهود. وفي أواخر عام 1985م انشأت وزارة المواصلات موقفا للسيارات على قسم كبير منها

وفي أعوام 1987،1986،1985 نفذت عمليات جديدة من الحفر لتمديد شبكات مجاري، وتوسيع موقف السيارات فدمرت عشرات القبور وبعثرت عظام الموتى في كل مكان ورغم احتجاجات المؤسسات الإسلامية، فان البلدية نفذت مخططها وأجرت الحفريات.

وفي تاريخ 15/1/2000 قامت شركة الكهرباء الإسرائيلية بأعمال حفريات في المقبرة، في الجهة المقابلة للشارع الرئيسي، وهو ما تسبب في تناثر عظام الموتى على سطح الأرض، وذلك بحجة تمديد أسلاك كهرباء في باطن الأرض.

ويستخدم جزء من المقبرة أيضا كمقر رئيس لوزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية.

وجدير بالذكر أن من بين الذين كانوا على رأس تغيير معالم مقبرة "مأمن الله" وساهموا في تحويلها الى موقف للسيارات وحديقة عامة وغيرها وما نتج عن ذلك من نبش للقبور وإزالة لها كان رئيس بلدية "القدس"، الاسبق تيدي كوليك، المحسوب على "اليسار" الإسرائيلي.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية، في سبتمير-أيلول 2002م، نيتها إقامة مبنى للمحاكم الإسرائيلية في منطقة مقبرة "مأمن الله" وأكد حينها سماحة الشيخ عكرمة صبري – المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية – أن هذه الخطوة تعتبر حلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية معتبراً الأمر انتهاكا لحرمة المقبرة وأن المشروع المعلن عنه يمثل امتدادا للاعتداءات التي شملت أجزاء كبيرة من هذه المقبرة، وأن السلطات الإسرائيلية تسعى لمسح المقبرة نهائيا.

ولم تتوقف الإنتهاكات عند هذا الحد. ففي الأسبوع الأخير أعلنت الصحف الإسرائيلية نية الحكومة الإسرائيلية افتتاح مقر ما يسمى "مركز الكرامة الإنساني - متحف التسامح في مدينة القدس" على ما تبقى من أرض مقبرة "مأمن الله" الأمر الذي يؤكد التصميم على إنهاء وجود مقبرة "مأمن الله".

وفي هذا السياق، قال الباحث الفلسطيني سعيد يقين، من جامعة بير زيت، في دراسة بعنوان "الحكومة الصهيونية وخطر التضييق والتزوير الحضاري والتاريخي في منطقة القدس"، ان الاعتداءات الإسرائيلية لم تمس الأحياء وحدهم بل طالت الأموات في قبورهم، حيث عرض أمثلة حية لطمس مقابر المسلمين وإزالة عظامهم.

وكان الكاتب الصحفي ميرون بنفنيسي، كتب في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "إن هدم المقابر الإسلامية لم ينبع من ضغوط إحتياجات التنمية والمصلحة العامة، وإنما بهدف مقصده عملية تطهير عرقي للموتى لأن وجود المقابر تلك دليل على ملكية الأقصى".

التعليقات