31/10/2010 - 11:02

الأحزاب العربية في البرلمان وميزانية إسرائيل/ مراقب

الأحزاب العربية في البرلمان وميزانية إسرائيل/ مراقب
بحجة إنقاذ حكومة شارون من السقوط ومعها خطة فك الارتباط يطرح سؤال حول الانفتاح العربي البرلماني للحوار مع شارون ومساومته على التصويت على الميزانية بامتناع او تأييد. ويبدو التبرير مقنعا، فهو يمسك "المجد" من طرفيه: تنقذ حكومة فك الارتباط من ناحية، ويتم تحصيل مطلب او اثنين للجماهير العربية. ولكن هذا التبرير الذي يقتفي أثر بعض الأنظمة العربية في علاقتها مع أمريكا يخرج الجماهير العربية بلا موقف ولا حقوق، أو "بطلعها من المولد بلا حمص". ومن الضروري التوقف هنا لكي لا ينجح من يريد تعميم حالة الانهيار المعنوي.

فميزانية الدولة هي مجمل سياسة الدولة بالأرقام، بما فيها من تمييز ضد الجماهير العربية، وضد الطبقات الفقيرة، وبما فيها من سياسة حرب وعدوان واستيطان. ولا يجوز لقوة خارج الائتلاف ان تؤيد مجمل سياسة الدولة، فكم بالحري عندما تكون قوة عربية. يجوز أن يلتقي حزب سياسي معارض مع الحكومة في تصويت أو اثنين خلال العام ضد اليمين المتطرف مثلا، ولكن الالتقاء مع مجمل سياستها يسحب البساط من تحت اقدامه كحزب. فما الحاجة لوجوده خارج الحكومة اذا كان يوافق بالتصويت على مجمل سياستها؟ والحديث هو طبعا عن حكومة شارون. لماذا لا ينضم الى الائتلاف؟ يستطيع أي حزب عربي بنفس هذا المنطق أن يضغط من أجل مطلب هنا ومطلب هناك من داخل الائتلاف، او حتى الانضمام الى الحزب الحاكم نفسه ما دام قد صوت بالموافقة على مجمل سياسته للعام القادم مترجمة الى ارقام.

هذا أمر خطير. فهذا السلوك لن يقابل بالامتنان من قبل الجماهير العربية لانه حصل مطلبا واحدا أو اثنين، بل سيشجع مجتمعيا على طرح علامة سؤال حول الحاجة لأحزاب عربية ويعيدنا خمسين عاما الى الوراء. هذا سلوك من يحفر تحت أقدامه، أو من ينشر غصنا يانعا من أجل تحويله الى حطب يدفئ مرة واحدة، ولا ينتبه إضافة الى ذلك أنه ينشر الغصن الذي يجلس عليه.

ولكن الأدهى أن هذه السابقة سوف تشجع الحكومات على رهن كل مطلب عربي في المستقبل بدعم مجمل سياسة الحكومة فعليا أي بالتصويت. يتم التسامح مع الخطابات ضد تهويد القدس بشرط توفير الدعم له عندما يرد كأرقام في ميزانية الدولة، التسامح مع الخطابات ضد التمييز وتهويد النقب، وطلب دعمها بالتصويت للميزانية، التسامح مع التصريحات ضد التسلح واشتراط دعمه في الميزانية لتحقيق أي مطلب مهما كان مفروغا منه. وتستطيع الحكومة الاسرائيلية في المستقبل ان تؤجل بنداً في الميزانية يخص المواطنين العرب كان سيرد في الميزانية على أي حال وتأجيله للتفاوض حوله مقابل دعم الميزانية كلها. هذه سابقة خطيرة. هنالك حقوق لا ترتبط بالموقف السياسي، ويجب رفض ربطها به. والتمييز قائم في الميزانية، واستعادة بند هنا وبند هناك بالتصويت على مجمل الميزانية يعمق التمييز ويخرج مفهوم المساواة كمبدأ من التداول.

إضافة الى هذا كله يتضمن هذا السلوك مصيبة حقيقية. من يحدد ما هو المطلب الاساسي الذي من أجل حله يضحى بكافة المطالب الأخرى؟ كل قطاع اجتماعي في الوسط العربي يحظر على النواب العرب ان يصوتوا على مجمل سياسة الحكومة وان ينقذوا الحكومة دون حل قضيته، وسوف يعتبر عدم تلبيته تجاهلا لمطالبه وتضييعا لفرصة، وستلام على ذلك الأحزاب العربية لا الحكومة. هنا ينشأ وضع تتصارع فيه الأولويات كأنها خصوم يتنافسون على الصدارة، مع تجاهل تام للموقف السياسي والاحتلال والتمييز. ينزع هذا السلوك السياسة والتسييس من مزاج المواطنين العرب ويدفع باتجاه "اللوبيات"، مجموعات الضغط، بدل الأحزاب. والتناقض ان العرب دون أحزاب لا يملكون أية قوة على الضغط، هذا ما اثبتته القوائم العربية المرتبطة بحزب العمل طيلة الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات. وقائمة المطالب كبيرة ويفترض ان يتم العمل على حلها طيلة العام، وهنالك نجاحات في حل بعضها، اما الفشل فينجم فقط عن رفض الحكومة تلبية طلب او باسقاطها اقتراح قانون أو مطلب عربي بأغلبية ائتلافية في البرلمان، ولذلك يجب ان تلام الحكومة على سياسة التمييز العنصري، ومن أجل ذلك توجد أحزاب عربية في المعارضة، للعمل على حل قضايا المواطنين العرب ولمناهضة سياسة الحكومة في الوقت ذاته.

هل نخشى سقوط حكومة شارون؟ لا، فلتسقط...هدف المعارضة هو إسقاط حكومة من هذا النوع.

هل بالضرورة أن تسقط معها خطة فك الارتباط؟ يخطئ من يعتقد ذلك. لم يعد بالإمكان إسقاط الخطة، وسوف تضطر أي حكومة مقبلة الى تنفيذها. وعلى كل حال لسنا من مؤيديها المتحمسين، فهي في النهاية خطة شارون لفك الارتباط مع غزة مقابل إحكام القبضة على مناطق أخرى في الضفة الغربية.

التعليقات