31/10/2010 - 11:02

البحث عن جسيم هيغس../ محمد يوسف جبارين*

-

البحث عن جسيم هيغس../ محمد يوسف جبارين*
الهدف الأساسي من هذه التجربة التي طال انتظارها، هو التحقق تجريبيا من وجود مجال هيغس (Higgs fields)، ومعرفة فيما إذا كان هناك جسيم واحد لهذا المجال، أو أكثر من جسيم واحد.

وقد ظل هذا المعروف نظريا هو الغائب عن المعرفة تجريبيا منذ مطلع الستينات من القرن الماضي. لقد استند العالم الباكستاني محمد عبد السلام (Abdus Salam) وايضا العالم جلاشو على افتراض وجود مجال هيغس، في أبحاثهما التي أدت بكل منهما على انفراد إلى أكتشاف القوى الضعيفة (weak force).

ومنذ ذلك الوقت بقي المجهول الوحيد تجريبيا والذي يلح على معرفته هو جسيم هيغس ( Higgs particle)، ومن هنا كان الدافع إلى بناء معجل الجسيمات الكبير هذا الذي يتيح التوثق من نظرية لم تجد إلى الآن ما يؤيدها تجريبيا. فإما يثبت وجود مجال هيغيس كما هو معروف نظريا، أو يتم نفيه، أو يظل هذا المجهول يفتقر إلى تجربة تدل على يؤيده في الواقع العملي.

واذا ثبت وجود مجال هيغس وبأن له جسيم أو أكثر، فسوف يكون لذلك أثر كبير على مجرى البحث العلمي في الفيزياء، ويكون له أبلغ الأثر على فهمنا لأصل المادة. فمجال هيغس لا مادة فيه من هذه التي نعرفها من مثل بروتون أو إلكترون أو نيوترون وهي التي منها تتكون الذرة، لا وجود لهذه في مجال كهذا، وإنما هو الفراغ الذي ليس فراغا، بمعنى خلوه من أي شيء، وإنما هناك في هذا الفراغ شيء ما، جسيم يحمل صفات المجال، لكنه ليس مادة من التي نقصدها عندما نقول كلمة مادة.

وهذا الجسيم أثقل بكثير من البروتون، وبمعرفة هذا الجسيم سوف يكون بالإمكان تفسير الكيفية التي يكتسب بها جسيم ما كتلة له، فمثلا فوتون الضوء لا كتلة له (هكذا تم الاتفاق)، ولكن البروتون له كتلة، فلماذا هذا ليس له كتلة وذاك له كتلة؟ كيف أصبح لهذا كتله؟

هنا المعرفة المطلوبة، كيف يكون لهذا أن يكتسب كتلة، فهنا نقلة فائقة التطور في المعرفة البشرية، فيما لو ثبت وجود جسيم هيغس بالتجربة. أي أننا سوف نخطو خطوة هائلة إلى القول بأن أصلا ما كانت علية المادة قبل أن تصبح مادة، كان الفراغ (الذي ليس بالمعنى الحرفي فراغا وإنما ثمة شيء فيه) ومن هنا جاءت المادة، وهذه نقطة فاصلة في فهمنا لبداية نشوء الكون. فمن هذا النوع من الفراغ تكونت المادة الأولى للكون، فماذا هناك في الفراغ؟ هذا هو السؤال الذي سوف يبعث بعثا علميا مركبا ومعقد وجديدا.

وبالطبع فهنا آفاق رحبة للفيزياء والفلسفة، والفيزياء الفلكية على وجه الخصوص. وبالضرورة فإن كل ذلك سوف يكون له انعكاسات مهمة على جوانب كثيرة، ما زلنا نريد فهما أعمق لها ومن تلك الثقوب السوداء، فمجاهيلها واسعة وأكثر مما نعرفه عنها، وغيرها كثير.

التعليقات