31/10/2010 - 11:02

التطبيع أولا../ حسن عبد الحليم

التطبيع أولا../ حسن عبد الحليم
تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لمجلة "تايم" الأمريكية حول رغبته بلقاء العاهل السعودي، وأنه أي العاهل السعودي "سيُفاجأ" مما سيسمعه من أولمرت، هي "كلاكيت ثاني مرة" بتغيير الممثل الذي يقف بالمقابل لأنه على ما يبدو لم يتقن الدور المنوط به، نفس التصريح تماما الذي كان يستدرج فيه أولمرت رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس للقائه. ونتائج لقاءاتهما باتت معروفة ولا حاجة لإفراد حيز لها هنا.. ولا يعول عليها..

يعتقد أولمرت أن "الدول العربية صاحبة القرار في العالم العربي بدأت تدرك أن إسرائيل ليست المصيبة الكبرى، من مصائب العالم العربي".. هآرتس 30/03/2007 . وفي نفس اللقاء مع مجلة "التايم" كرر أولمرت نفس التصريحات التي نشرتها الصحف الإسرائيلية يوم الجمعة في لقاءاتها مع أولمرت ضمن تقليد يدعى مقابلات عشية عيد الفصح، وتحدث فيها عن تقديره لأهمية الدور السعودي في المنطقة. وقوله أن المبادرة السعودية "تتضمن نقاطا إيجابية"، ليس جديدا إلا أن النص هنا تغير ليصبح "توجها إيجابيا". ولا فرق في الصياغات طالما أنه لم يتبنى المبادرة، بل أعلن عن اعتراضه ورفضه للبنود الرئيسية التي جاءت فيها.

أولمرت مهتم ببند واحد من المبادرة العربية، ذلك المتعلق بالتطبيع. هذا البند جاء في المبادرة العربية كنتيجة لإحلال السلام وحل القضية الفلسطينية حلا مقبولا على الفلسطينيين، ولن أقول عادلا كما هو دارج لأن الفرق بينهما شاسع، إلا أن أولمرت يرى أن هذا البند هو المدخل لإقامة علاقات مع الدول العربية كجزء من لعبة المحاور وهي التسمية الزور للصراع، وأصبحت النتيجة بالنسبة له هدفا. ومع تغييب الهدف ألا وهو حل القضية الفلسطينية، لا يتواني عن وصف رئيس الوزراء الفلسطيني، اسماعيل هنية في نفس اللقاء بـ"الإرهابي".

رايس عملت خلال زيارتها على تهيئ الأجواء لعقد لقاء بين العرب وإسرائيل، معتبرة أن "إسرائيل أيضا تستحق أفقا سياسيا"، وأنه ينبغي على العرب “الانفتاح على إسرائيل.. ليُظهروا لها أنهم قبلوا بأن يكون لها مكانها في الشرق الأوسط”. وترى وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، أن "التطبيع مع العرب يجب أن يكون جسرا للحل النهائي مع الفلسطينيين. وتوجهت للقادة العرب قائلة: " طبعوا العلاقات الآن. فالتطبيع قادر على تغيير الأوضاع على أرض الواقع. إسرائيل تبنت خارطة الطريق التي تتحدث عن دولة فلسطينية في نهاية الطريق ولكن ذلك يبدأ بوقف الإرهاب والعنف". لا تُرى نهاية لطريق خارطة الطريق!

لا يفهم من استعداد أولمرت للمشاركة في قمة إقليمية تدعم إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، كما قال في اللقاء، أنه يدعو إلى مؤتمر إقليمي لحل الصراع. إذ يعلن أولمرت تمسكه بخارطة الطريق. وإذا جمعنا مركبات الصورة سنجد أن أولمرت يسعى إلى عقد لقاءات مع العرب، وخاصة السعودية وإلى إقامة علاقات معها بل ومحاولة دفعها إلى التطبيع، كي تقوم تلك الدول العربية المصنفة "اعتدالية" بالضغط وحث الفلسطينيين على تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى من خارطة الطريق، التي تلخصها إسرائيل بـ "وقف الإرهاب" وملاحقة "المتطرفين والإرهابيين" والتنسيق الأمني، كشرط للتقدم في المفاوضات نحو المرحلة الثانية من خارطة الطريق..

خارطة الطريق هي السقوط الفلسطيني في الشرك، في حالة تردي عربي. وتحول العرب إلى ضامن لهذه الخطة وإلى ضاغط على الفلسطينيين للعمل على تطبيق استحقاقات المرحلة الأولى من الخطة.

يذكر أن الراحل عرفات اضطر إلى التنسيق الأمني مع إسرائيل وإلى زج المناضلين الفلسطينيين في السجون الفلسطينية، في مشهد عبثي لا يقوى العقل على استيعابه. وتوفي عرفات محاصرا وهو يناشد العالم بالضغط على إسرائيل لاحترام تعهداتها في خارطة الطريق ووقف ممارساتها التي لا تعتبر فقط خرقا لخارطة الطريق بل تنسفها نسفا من الأساس.. وإذا استمر حال العرب على حاله سيطلق الرئيس العشرون للسلطة الوطنية الفلسطينية نفس المناشدة على فراش موته..

خارطة الطريق التي يتمسك بها أولمرت مصيدة وفخ للفلسطينيين، وآن الأوان لإلقائها في أقرب بحر. كان يتوقع من القمة العربية أن تشترط تفعيل المبادرة العربية بأن تعلن إسرائيل عن استعدادها لزوال الاحتلال والانسحاب إلى حدود 4 حزيران عام 67 وقبولها لقرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين.. لم يحدث ذلك ولا تقبل إسرائيل ما جاء به العرب ولكنها تريد لقاء المبادرين إلى المبادرة دون أن تبادر إلى قبول مبادرتهم...

التعليقات