31/10/2010 - 11:02

خـلاف المـواقع وتـوافق المـواقف../د. جمال زحالقة

-

خـلاف المـواقع وتـوافق المـواقف../د. جمال زحالقة
في الوقت ذاته الذي اتخذ فيه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (كابينيت) قراراً بالإجماع بتصعيد العدوان على قطاع غزة، وتبين أنه لا وجود لخلافات في المواقف، طفت على السطح خلافات ومؤامرات وحرب كراس في ترويكا أولمرط وبيرتس وحالوتس، التي حفرت قبرها السياسي حين شنت حربها العدوانية على لبنان.

يبدو اليوم، وقد يتغير الأمر غداً، أن وزير الأمن الإسرائيلي، عمير بيرتس، هو الحلقة الأضعف، إذ يوجد إجماع بأن عليه أن يخلي كرسي الأمن ليتولى وزارة لا علاقة مباشرة لها بالأمن والسياسة في المجال الاقتصادي الإجتماعي. بيرتس لا يجد من يهب لنصرته، فالرأي العام ضده، والإعلام لا يرحمه، واستطلاعات الرأي العام تهينه، وكل الوزراء يتمنون أن يغير كرسيه على طاولة الحكومة، وحتى حزبه حزب العمل ليس الى جانبه.

لم يعد سراً أن إيهود أولمرط يريد التخلص وبسرعة من عمير بيرتس كوزير للأمن، بشرط أن يؤدي ذلك إلى أنسحاب حزب العمل من الحكومة، ما قد يسبب في انهيار الإئتلاف. يستطيع أولمرط إقالة بيرتس، إلا أن خطوة الإقالة قد تجبر وزراء العمل على الانسحاب من الحكومة، لأن في الإقالة إهانة لحزب العمل وليس فقط لبيرتس شخصياً. لذا يحاول أولمرط إقناع بيرتس أو دفعه إلى الاستقالة، مستعيناً بالمعارضة القوية ضد بيرتس في حزب العمل نفسه، ومُوظفاً انهيار شعبيته وهيبته كوزير لأمن الدولة العبرية. كل يوم تطلع وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات لوزارء ولمسؤولين في حزب العمل تصف وضع بيرتس بأنه «صعب جداً»، وبأنه، أي بيرتس «كالجريح الذي تطلق عليه النار من كل حدب وصوب»، وكذلك يقول مسؤولون كبار إن بقاءه على كرسيه «يشكل خطراً على أمن إسرائيل» ويسبب «أضراراً جسيمة لحزب العمل». استناداً لذلك، فليس غريباً أن 16 عضو كنيست من أصل 19 عضواً لحزب العمل، يؤيدون إزاحة بيرتس عن كرسيه إلى كرسي آخر في الحكومة.
بالنسبة لأولمرط، يعني التخلص من بيرتس، تحميله مسؤولية الفشل في العدوان على لبنان والإخفاق العسكري في قطاع غزة. وحتى يبقى الفشل يتيماً بالمرة، يخطط أولمرط لخطوة ثلاثية: إزاحة بيرتس، والتخلص من حالوتس والإعلان عن براءته الشخصية من الفشل العسكري المزدوج في لبنان وغزة.
ما يجعل أولمرط متردداً في إقالة بيرتس وحالوتس، هو خوفه من أن يؤدي ذلك إلى سقوط حكومته، لذا يحاول دفعهما إلى الاستقالة عوضاً عن الإقالة. هما يرفضان الاستقالة، تمسكاً بالموقع وتملصاً من إعلان المسؤولية عن الفشل. كل من الإثنين يريد أن يرى الآخر وقد تنحى عن منصبه، ويبعث رسالة إلى أولمرط بأن موقعه هو في رئاسة الحكومة في خطر إذا اضطره إلى ترك الوظيفة.

المفارقة التي نشهدها هذه الأيام هي أن الخلاف على المواقع يسهل الاتفاق على المواقف. فكل طرف ترويكا أولمرط وبيرتس وحالوتس، مشغول بالدفاع عن موقعه قبل موقفه، هذا إذا كان له موقف مختلف عن السياسة القائمة. وأسهل ما يمكن أن تتفق عليه القيادة الإسرائيلية المتشرذمة هو تصعيد العدوان ومحاولة ترميم الهيبة السياسية على جثث الفلسطينيين. الخلاف في القيادة الإسرائيلية يزيد خطر الحرب والعدوان ولا يخففه. هذا الخلاف لا يعوّل عليه.

التعليقات