31/10/2010 - 11:02

ما وراء تعيين حالوتس قائدا عاما للجيش الاسرائيلي/وليد ياسين

-

ما وراء تعيين حالوتس قائدا عاما للجيش الاسرائيلي/وليد ياسين
بعد أسبوع من تضارب الأنباء حول ميل وزير الأمن الاسرائيلي، شاؤول موفاز، تعيين اللواء جابي اشكنازي، خلفا لقائد أركان الجيش الاسرائيلي، موشي بوغي يعلون، اعلن موفاز، مساء اليوم (الثلاثاء 22.2.05)، قراره تعيين اللواء دان حالوتس، ممتنعا بذلك عن الدخول في مواجهة مع شارون الذي يعتبر حالوتس احد المقربين جداً منه ويتوافق مع توجهاته العسكرية والسياسية، و"اكثر الشخصيات التي ستضمن لشارون الطرق الانجح لتنفيذ خطة الانسحاب احادية الجانب من قطاع غزة" حسب ما تراه جهات عسكرية اسرائيلية.

ويأتي تعيين حالوتس لقيادة الجيش الاسرائيلي خلفاً للقائد الحالي للجيش، موشيه بوغي يعلون، الذي وجه إليه شارون وموفاز صفعة مدوية، حسب ما يراه قادة في الجيش، الاسبوع الماضي، عندما قررا وخلافا للنهج المتبع في الجيش منذ تأسيسه، الامتناع عن تمديد ولاية حالوتس لسنة أخر.

واللافت، حسب ما يقوله سياسيون وعسكريون اسرائيليون، ان شارون قرر عزل يعلون من منصبه بسبب تفوهاته ضد خطة فك الارتباط، وعزل مدير جهاز المخابرات العامة (الشاباك الاسرائيلي)، آفي ديختر من منصبه بسبب تصريحه القائل ان الانسحاب الاسرائيلي من القطاع سيحول المنطقة الي جنوب لبنان بالنسبة لاسرائيل! وما تجدر الاشارة اليه في التعيينات الجديدة هو ان شارون يحيط نفسه بضابطين لهما علاقة مباشرة بجرائم الاغتيالات التي اتبعها شارون ضد الفلسطينيين خلال سنوات الانتفاضة. فالى جانب الجنرال حالوتس الذي كان المسؤول المباشر عن تنفيذ الاغتيالات قرر شارون استبدال ديختر بيوفال ديسكين، الذي ابتكر خطة الاغتيالات، والذي ينعت في اسرائيل بالرجل الذي يتحرك والسكين في فمه. ولعل هذا يفسر التحذير الذي تضمنه تقرير اعدته وزارة الخارجية الاسرائيلية والذي يتوقع وصول العلاقات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية الى "انفجار" بعد تنفيذ خطة فك الارتباط. فالمحللون يتفقون على ان شارون لن يقدم للفلسطينيين اكثر ما تتضمنه خطة فك الارتباط، وسيحافظ في الضفة الغربية على اكبر مساحة من المستوطنات، وسيرفض حق العودة وتقسيم القدس وغيرها من القضايا الجوهرية التي يفترض مناقشتها في مفاوضات الحل الدائم. من هنا يسعى شارون الى احاطة نفسه بدائرة عسكرية استخبارية قوية، عمدتها موفاز، حالوتس، ديسكين ومئير دغان في رئاسة الموساد.

وحسب ما تقوله صحيفة هارتس الاسرائيلية، تكثف اسرائيل هذه الايام الاجتماعات السياسية والعسكرية لدراسة الاوضاع الامنية. فاليوم يشغل الاوساط العسكرية والامنية قضايا في اكثر من ساحة: فمن الجهة الفلسطينية يجري بحث مسألة مستقبل العلاقة مع السلطة الفلسطينية وامكانية العودة الي المواجهات. ومن الجهة الشمالية، القريبة من سورية ولبنان ثمة امكانية لتصعيد الوضع الامني.

واما الساحة الاكثر قلقا لاسرائيل هذه الايام فتتركز في ما يصفه الاسرائيليون، التهديد الايراني المتمثل في سعي ايران الي حيازة سلاح نووي، وامام هذه الابحاث دعمت الاكثرية اتجاه شارون بتعيين حالوتس.

الجنرال حالوتس يوافق شارون في مواقفه وسياسته العسكرية، ويعتبر أن "إسرائيل" ستظل بحاجة إلى جيش قوي‏، برغم تحسن موقفها الأمني بعد احتلال العراق، حسب رأيه‏.‏ وهو مثل شارون وموفاز يعتبر ما يسمى التهديد النووي الايراني وتنفيذ خطة فك الارتباط احادي الجانب، بمثابة التحدي الكبير الذي سيواجهه الجيش الاسرائيلي في السنوات المقبلة. لكنه يرى أن الخطر الأكبر يكمن في الإرهاب‏، والجيوش العربية هي آخر ما يخشى منه‏.‏ وقد دعا إلى استغلال الفرصة وإحداث تغييرات أساسية في المبنى وتنظيم القوات‏، مع إجراء تقليص جزء كبير من القوة المدرعة‏.‏ واقترح تطوير قوات برية خفيفة ومتحركة‏، تعتمد قوتها الأساسية الضاربة، على سلاح الجو.

يشار الى ان حالوتس بادر حين كان قائدا لسلاح الجو، فور احتلال العراق الى تشكيل عشر مجموعات عمل لدراسة ما جرى‏، واستخلاص الدروس التي يمكن الإفادة منها في "إسرائيل"‏، وحين أشار دان حالوتس إلى ما خلصت إليه مجموعات العمل العشر قال: إنها انتهت إلى توصيات عدة‏، منها أن القوة الجوية إذا أحسن استخدامها يمكن أن تكون حاسمة في أي معركة‏، وأن إدماجها مع القوة البرية من شأنه أن يولد قوة مضاعفة‏، شديدة التأثير والفعالية‏.‏


لقد كان حالوتس مرشحا لمنصب رئاسة الاركان العامة في الدورة السابقة، لكن موفاز فضل يعلون عليه. ومع اختيار حالوتس لهذا المنصب، يصبح أول رئيس هيئة أركان يأتي من صفوف سلاح الجو الاسرائيلي، بعد حاييم لاسكوف الذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان وقائدا لسلاح الجو، لكنه لم يكن طياراً مثل حالوتس.

اثر قرار تعيين حالوتس نائبا لرئيس هيئة الاركان، التمست الجمعية الاسرائيلية المناهضة للتعذيب الى المحكمة العليا الاسرائيلية ضد القرار على خلفية جريمة اغتيال صلاح شحادة في غزة والتي اعتبرها حالوتس عملا بطولياً رغم ما اودت به من أرواح الابرياء.

ولا شك أن تعيين حالوتس سيدخل الجيش الاسرائيلي في مرحلة جديدة، ستكون أكثر تطرفاً ودموية في ضوء مواقفه شديدة التطرف في كل ما يتعلق بالفلسطينيين وبقتل الأبرياء. تلمك المواقف التي وصلت ذروتها بعد مذبحة غزة التي استهدفت صلاح شحادة أحد قادة حركة حماس. في حينه القى سلاح الجو الاسرائيلي قنبلة تزن نصف طن على بناية سكنية مكتظة بالمدنيين الفلسطينيين، بعد منتصف الليل، ما أدى الى استشهاد 24 فلسطينيا ً بينهم عدد كبير من الأطفال، وثارت في البلاد زوبعة ضد جرائم سلاح الجو، وصلت، ولأول مرة في تاريخ سلاح الجو الاسرائيلي الى خروج ضباط في سلاح الطيران برسالة يعلنون فيها رفضهم تنفيذ جرائم الاغتيالات التي امتاز بها حالوتس. لكن حالوتس وبمواقفه الدموية التي انعكست في كل جرائم الاغتيالات خرج بتصريحات صحفية آنذاك، اعلن فيها وبأعصاب باردة، انه "لا يشعر بأكثر من ضربة طفيفة في جناح الطائرة"، بل توجه الى جنوده آنذاك، داعيا إياهم الى عدم الشعور بتعذيب الضمير اثر قيامهم بجرائم الاغتيال والنوم نوما هانئا في الليل تماما كما يفعل هو.

وتؤكد الافادة التي أدلى بها النقيب يونتان شبيرا، الطيار السابق بسلاح الجو، دموية مواقف حالوتس وتعامله المتدني والعنصري واللا اخلاقي مع كل ما هو ليس يهوديا. ففي افادته امام المحكمة العليا الاسرائيلية، خلال نظرها في التماس جمعية مناهضة قال شبيرا انه استمع إلى تصريحات للواء دان حالوتس ش تفيد بأن لديه "نظاما تسلسليا حول قيمة الإنسان" يضع المدني الإسرائيلي بقمة الهرم ومن ثم الجندي ومن ثم المدني الفلسطيني وفي الحضيض المسلح الفلسطيني.
واعتبرت اللجنة في التماسها الجنرال حالوتس وديسكين قد نفذا جرائم حرب حسب القانون الدولي ومعاهدة جنيف الرابعة، لكن المحكمة العليا رفضت الالتماس وزعم القضاة في قرارهم ان المحكمة العليا لا تتدخل في تعيينات الجيش والشاباك، خصوصا وان المستويين الامني والسياسي قررا هذه التعيينات.

وملف جرائم حالوتس لا يتوقف على مذبحة غزة. ففي سجله نجد المذبحة التي اسفرت عنها عملية قصف سيارة في شارع مكتظ في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، في اكتوبر 2004 والتي اوقعت 14 شهيدا غالبيتهم من المدنيين.

كما يتحمل حالوتس مسؤولية قتل الابرياء في جرائم الاغتيال التي استهدفت محمد سدر في الخليل في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2001، حيث فشل طيارو حالوتس باغتيال سدر، لكنهم قتلوا طفلا (10 اعوام) وفتى (16 عاما). وهكذا حدث، أيضاً، في عملية اغتيال قادة حماس في نابلس، جمال منصور وجمال داموني، في يونيو/ تموز من عام 2001، حيث قتل طفل في الثامنة وطفل في العاشرة، كانا يسيران في الشارع وأصيبا بشظايا الزجاج المتطاير من شبابيك مقر قيادة حماس.

وحدث ذلك ايضا في طوباس، في نهاية اب 2002، عندما حاول سلاح الجو اغتيال شخصية فلسطينية من المقاومة، فقتل خمسة فلسطينيين ابرياء، بينهم طفلان.

بعد عملية قصف دامية في مخيم النصيرات في قطاع غزة، وجهت الى حالوتس تهمة استخدام صواريخ فتاكة، ادت الى قتل الابرياء . واتهم حالوتس، ايضا، باخفاء معلومات والكذب على الجمهور. الا انه حظي بمساندة من رئيس هيئة الاركان ووزير الامن، حيث ادعيا ان الجيش لم يستخدم صواريخ فتاكة وان المعلومات التي ادلى بها حالوتس، في حينه، حول نوع السلاح المستخدم، جاء لغايات عملياتية فقط.

مع مواقف كهذه يطرح السؤال: اي اخلاقيات سيتحلي بها جيش الثلاثي شارون- موفاز- حالوتس، في تعامله مع الفلسطينيين؟

لعل الجواب يكمن في رد حالوتس عندما سأله أعضاء لجنة الخارجية والامن البرلمانية، مؤخراً عن ماهية وقف إطلاق النار الجديد مع الفلسطينيين، حيث أجاب: "اذا وصلت الينا معلومات مؤكدة عن انطلاق ارهابي فلسطيني لتنفيذ عملية انتحارية ضد اسرائيل، نخبر قوات الأمن الفلسطينية. فاذا عملت كما يجب، لا نتدخل. أما اذا لم تتحرك ولم تمنع العملية فسنمنعها نحن بطرقنا الخاصة بما في ذلك مطاردة الارهابيين حتى المخدع". مع قائد كهذا لا شك ان العودة الى ملاحقة الفلسطينيين في مخدعهم ستتواصل، عاجلا آم آجلاً، وهو ما يحتاط له شارون بتعيين حالوتس.

التعليقات