المرشح د. جبارين لـ"عرب 48": إقامة القائمة المشتركة إنجاز تاريخي

مسؤوليتنا جميعا استعادة الثقة بين الجماهير والأحزاب وهي مهمة وطنية من الدرجة الأولى، لأن التغيير السياسي يأتي بالأساس من خلال النضالات الجماهيرية التي تقودها الأحزاب القوية والمنظمة

المرشح د. جبارين لـ

يخوض المرشح العاشر في القائمة المشتركة عن الجبهة د. يوسف جبارين (42 عاما) وهو متزوج وأب لأربعة أولاد ويقطن في مدينة أم الفحم، الانتخابات البرلمانية لأول مرة، وهو أخصائي حقوقي، ومحاضر في كلية الحقوق في جامعة حيفا، وفي الكلية الأكاديمية تل حاي ويرأس قسم دراسات التربية الاجتماعية، والمدير التأسيسي لمركز 'دراسات'، المركز العربي للحقوق والسياسات.

عمل جبارين لعدة سنوات مستشارا قضائيا لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل، ومثل العديد من المؤسسات والهيئات العربية (مثل اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي) في عدة التماسات هامة للمحكمة العليا، مثل قضية مكانة اللغة العربية على اللافتات والتمثيل الملائم للعرب في الهيئات العامة في الدولة وقضايا المساواة في تخصيص الميزانيات.

خلال سنوات دراسته الجامعية كان رئيسا للجنة الطلاب العرب في الجامعة العبرية بالقدس وللاتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب. حصل على اللقب الثالث من جامعة 'جورج تاون' في واشنطن في مجال حقوق الإنسان بدرجة بامتياز.

'عرب  48' أجرى هذا اللقاء مع د. جبارين:
 

*كيف تصف المشهد السياسي العام في البلاد؟ وكيف ترى سبل تنجيع العمل والأداء؟

شهدت البلاد في السنوات الأخيرة ذروة جديدة من التحريض على المواطنين العرب ومن الهجوم المتواصل على مكانتهم وحقوقهم بدءً من التشريعات العنصرية على أنواعها، مرورًا بسياسات الإقصاء والإجحاف ضد البلدات العربية، وصولا إلى العنف الشرطوي الدامي، ويمكن القول أن اقتراح قانون القومية جاء كتعبير لعنوان المرحلة حيث يهدف إلى تعميق يهودية وصهيونية الدولة مما يؤدي إلى توسيع دائرة التمييز ضد الأقلية العربية، هذا بالإضافة إلى المحاولات المستمرة لسحب الشرعية من القيادات العربية المنتخبة ومن أحزابها بغية إضعاف الحراك السياسي في صفوف المجتمع العربي.

هذا التحريض يتغلغل في هذه الأيام إلى معركة الانتخابات حيث نرى كيف بدأ ليبرمان حملته الانتخابية بطرح مشروع 'ترانسفير' لأهلنا في المثلث وأم الفحم خاصةً من خلال شعاره 'أريئيل إلى إسرائيل وأم الفحم إلى فلسطين'. بالإضافة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تآكلا خطيرًا في مكانة المواطنة للفلسطينيين في البلاد الأمر الذي يرسخ من جديد دونية المواطنين العرب ويعزز من التفوق القومي والعرقي للأغلبية اليهودية، وكل ذلك بحسب قوانين رسمية وتعريفات جلية غير مبطنة.

علاوة على ذلك، فإن الممارسات العنصرية لحكومات اليمين المتعاقبة والتشريعات القانونية العنصرية وغير الديمقراطية تتنافى مع تطور الخطاب الدولي بشأن حقوق الأقليات نصا وروحا كما جاء في المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إضافة إلى التناقض الجوهري بين القوانين التي تسنها حكومات اليمين المتطرف والإعلان العالمي لحقوق الأقليات من العام 1992، الذي ينص على توفير الحماية القانونية للأقليات ويتم انتهاكه والتنكر له عبر الممارسات الاقصائية والتمييزية بحق المواطنين العرب. كما جاء الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية من العام 2007 ليشكل نقطة تحول هامة في الخطاب الدولي لحقوق المجموعات الأصلية، وبرأيي فإن حالة الأقلية الفلسطينية في البلاد هي حالة نموذجية لأقلية قومية وأصلية يوفر لها الإعلان العالمي أسس حقوقية واضحة لحماية هويتها وضمان تطورها.

*ماذا يمكن أن تضيف القائمة المشتركة للعمل السياسي والوضعية الخاصة لعرب الداخل؟

إقامة القائمة المشتركة هي بحد ذاتها إنجاز تاريخي للفعاليات السياسية التي يعتمد عليها المجتمع العربي، لكن هذا الإنجاز بحد ذاته لا يكفي، فهناك ضرورة لتحويل مسألة القائمة المشتركة من وحدة انتخابية على الصعيد البرلماني إلى مشروع وطني متكامل واستراتيجي يضع العمل الوطني المشترك في رأس سلم أولوياتنا ويترجم فكرة التشارك من تشارك تقني إلى تشارك جوهري بحيث يضع الأسس لبناء وتعزيز مؤسسات وطنية جامعة للأقلية الفلسطينية ولبناء وحدة صف كفاحية في العمل الميداني والجماهيري.

عند الحديث عن القائمة المشتركة يجب علينا الفصل والتمييز بين مستويين مركزيين، الأول يتمحور بالتحديات الخارجية التي تواجه جماهيرنا العربية في كل ما يتعلق بتعاظم العنصرية والفاشية في البلاد واستهداف كل من هو عربي لكونه كذلك من خلال التشريعات القانونية، العنصرية في الملاعب، حملات تدفيع الثمن، عنف الشرطة والاعتداء على المواطنين العرب في الشارع لأنهم يتحدثون اللغة العربية. بمعنى أن الفضاء السياسي والاجتماعي ضاق بمن لا يلتئم مع مشروع الدولة اليهودية الصهيونية. وعليه بعد رفع نسبة الحسم في الانتخابات، ومحاولة تشريع قانون القومية إضافة إلى الجمود في العملية السلمية وتعميق الفجوات بين المواطنين العرب واليهود يتطلب منّا  فعلًا توحيد أحزابنا وفعاليّاتنا ومؤسساتنا في صف واحد مع القوى الديمقراطية اليهودية في مواجهة العنصريّة المتصاعدة والفاشيّة التي ترفع رأسها من حين لآخر، وعليه فإن القائمة المشتركة هي جواب لتحديات المرحلة نهدف من خلاله عزل اليمين وإسقاطه من الحكم.

ثانيًا: إن موضوع القائمة المشتركة، يتمحور حول التحديات الداخلية وهو أولًا وأخيرًا نتاج الضغط الجماهيري والشعبي الذي لمسناه بشكل واضح في الفترة الأخيرة، وهو رسالة لكل أبناء شعبنا أننا موحدون في مواجهة مخططات التفتيت والشرذمة والصراع الداخلي التي تمر عبر الهويات العضوية والجزئية، الطائفية والحمائلية، ونهدف من خلال القائمة المشتركة  إلى ترتيب مؤسساتنا الوطنية والعمل السياسي داخل مجتمعنا من أجل مواجهة الآفات الدخيلة مثل: العنف، فوضى السلاح والعديد من الظواهر التي تفتك بنا وتقوض انتمائنا الجماعي وتكافلنا الاجتماعي، فمعنى القائمة المشتركة هو نجاح رسالة الانتماء إلى مشروع وطني ديمقراطي يوحّد مجتمعنا الباقي على أرض آبائه وأجداده.

*ما هي أهم الإسهامات على المستوى الشخصي التي قد تدلي بها من موقعك المهني والسياسي للمشهد السياسي والاجتماعي؟

آتي إلى العمل البرلماني بعد سنواتٍ طويلة في العمل الجماهيري وفي العمل الحقوقي الذي تمحور كل الوقت حول حقوق الأقلية الفلسطينية في البلاد، ولا شك أن موضوع الدفاع عن الحقوق الجماعية لمجتمعنا وخاصة في مجال اللغة، الثقافة، الهوية، التربية، التمثيل الملائم وتخصيص الموارد وتطوير سيكون في صلب اهتماماتي البرلمانية والجماهيرية بالتعاون مع باقي الزملاء في القائمة المشتركة.

*ماذا تقول للناخب العربي بعد تحقيق مطلبه بالوحدة؟

أود أن أوجه رسالة لأبناء شعبي بأن الوحدة كانت مطلب الشارع العربي الفلسطيني منذ سنوات، وها نحن قد حققنا الوحدة ولبينا نداء الجماهير. وعليه علينا جميعًا التحلي بقدر كبيرة من المسئولية ورؤية الفرصة الكامنة من خلال الوحدة من أجل زيادة التمثيل العربي في البرلمان وإسقاط اليمين المتطرف الذي جلب الويلات لشعبنا ومجتمعنا، ولذلك يجب اعتبار أنّ القائمة المشتركة هي البيت الوطني الدافئ لنا جميعًا وهي عنوان قضايانا وهمومنا وهي من تمثل آمالنا وتطلعاتنا بصدق وإخلاص، ومن هذا المنطلق يجب علينا حشد الجهود الفردية والجماعية من أجل إحقاق هذا الهدف وإيصال 15 عضوًا وأكثر من القائمة المشتركة إلى البرلمان لضمان أكبر تمثيل لكافة قطاعات شعبنا ومجتمعنا.

*كيف تقيم برؤية نقدية مستوى الأداء السياسي للأحزاب العربية وأهم ما تريد تغييره؟

من الواضح أن الأجواء اليمينية التي تسود البلاد في الآونة الأخيرة أدت إلى التراجع في قدرة التأثير على المستوى البرلماني مما أثر سلبيًا على قدرة الأحزاب في إحراز إنجازات برلمانية الأمر الذي يؤدي أيضًا إلى عزوف الجمهور عن التنظيمات الحزبية لصالح أصعدة عمل أخرى مثل مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات المحلية. هذا بالإضافة إلى بعض العوامل الداخلية والخارجية التي تمر  بها التنظيمات السياسية في تاريخها وسيرورة تطورها.

من خلال وجودي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وفي القائمة المشتركة أريد أن أطور العمل البرلماني وأرفع من مستوى العمل السياسي من خلال تسخير القدرات الذاتية، المهنية والمعرفية في سبيل تطوير عمل الأحزاب وزيادة قدرتها على التأثير  والمساهمة في جسر الهوة بين الناس وبين الأحزاب الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، أعتقد أن هناك أهمية بناء إستراتيجية عمل جماعية، مهنية ووطنية ليس فقط على مستوى الأحزاب، إنما على مستوى مؤسساتنا الوطنية وفعاليتنا السياسية وتوحيد الجهود الحزبية وغير الحزبية من أجل هذا الهدف.

 مسؤوليتنا جميعا هي استعادة الثقة بين الجماهير والأحزاب السياسية وهي مهمة وطنية من الدرجة الأولى، لأن التغيير السياسي يأتي بالأساس من خلال النضالات الجماهيرية التي تقودها الأحزاب القوية والمنظمة. 

ومن هذا المنطلق هناك حاجة لبناء علاقات عمل تكاملية بين الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والأكاديميين والمثقفين بغية السعي إلى تحول إستراتيجي في أساليب نضالنا، وهذا التحول بمثابة شرط أساسي لصناعة التغيير نحو مستقبل أفضل.

التعليقات