17/05/2017 - 20:51

نظرية الأوتار الفائقة: ما لا نعرفه عن قوانين الكون

هل تشدُّك نظرية الأوتار؟ إنها مثيرة على المستوى الرياضي. فهي نظرية تشير وجود العديد من الأبعاد المختلفة، بعضها ما زال مخفياً عنا، ولكن قد نكون متفاعلين مع بعضها في جميع الأوقات، ومن دون وعيٍ منا. إذا كان هذا صحيحاً، كيف تبدو هذه الأبعاد

نظرية الأوتار الفائقة: ما لا نعرفه عن قوانين الكون

ترجمة خاصة: عرب 48

هل تشدُّك نظرية الأوتار؟ إنها مثيرة على المستوى الرياضي. فهي نظرية تشير وجود العديد من الأبعاد المختلفة، بعضها ما زال مخفياً عنا، ولكن قد نكون متفاعلين مع بعضها في جميع الأوقات، ومن دون وعيٍ منا. إذا كان هذا صحيحاً، كيف تبدو هذه الأبعاد وكيف يمكن أن تؤثر بنا؟ وما هي هذه الأبعاد أصلاً؟

يمثِّل البعدان نقطة مجرَّدة. قد نتذكَّر من حصة الرياضيات المستوى الديكارتي ذو البعدين س و ص. ثم يأتي البعد الثالث، والذي يمثِّل العمق (المحور ع). ويمكن النظر إلى ذلك كتمثيل لخط العرض وخط الطول والارتفاع، وهي التي تحدد موقع أي جسم على الأرض. ويتبع ذلك البعد الرابع، وهو الزمان-المكان، فكل شيء لا بد أن يوجد في مكان ما وفي وقت محدد. ولكن بعد ذلك تصبح الأمور غريبة بعض الشيء.

تأتي نظرية الأوتار الفائقة كنظرية رائدة اليوم لتفسر طبيعة عالمنا، مؤكِّدةً على وجود 10 أبعاد، تمثل 9 أبعاد منها المكان ويمثل البعد الأخير الزمن. خلال القرن العشرين، صاغ الفيزيائيون نموذجاً معيارياً للفيزياء. يفسِّر هذا النموذج حركة الجسيمات بطريقة ممتازة، بالإضافة لجميع القوى في العالم، كالمجال الكهرومغناطيسي، وأقوى وأضعف القوى النووية، والجاذبية. ولكن يعجز هذا النموذج الفيزيائي عن تفسير الجاذبية.

ومع ذلك، قدَّم لنا هذا النموذج إمكانيات مذهلة للالتفات لللحظات التي تلت حدث الانفجار العظيم. قبل ذلك، يعتقد العلماء أن الكون كان متمركزاً في نقطة واحدة لا متناهية الكثافة والحرارة، تُعرف بنقطة الأصل، والتي انفجرت لتشكِّل كل ما هو موجودٌ في عالمنا اليوم. ولكن تكمن المشكلة في أننا لا نستطيع الإطلال على ما قبل تلك النقطة، ومن هنا تبرز نظرية الأوتار الفائقة. فالابتكار الذي قدَّمته هذه النظرية يمكن أن يُطبَّق على الجاذبية ويساعدنا على توضيح ما كان موجوداً قبل الانفجار العظيم.

إذن ما هي هذه الأبعاد الأخرى وكيف يمكن أن نجربها؟ هذا سؤال معقَّد، ولكن لدى علماء الفيزياء بعض التصورات عن ما يمكن أن يبدو عليه ذلك. في الحقيقة، ترتبط الأبعاد الأخرى بوجود إمكانيات أخرى. يصعب تفسير كيفية تفاعلنا مع هذه الأبعاد. ففي البعد الخامس تتبدَّى لنا إمكانيات أخرى لعالمنا هذا.

حيث سيصبح بإمكانك التحرك إلى الأمام والوراء في الزمن، كما تتحرك في المكان، أي وكأنك تتحرك في رِواق ما. كما سيمكنك إدراك التشابهات والاختلافات بين العالم الذي نعيش فيه والعوالم الأخرى الممكنة. وفي البعد السادس، سيصبح بإمكانك التحرك لا على محور واحد بل على مستوى من الإمكانيات، حيث يمكنك المقارنة بينها وإدراك اختلافاتها. في البعدين الخامس والسادس، وبغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه، سيصبح بإمكانك أن تشهد جميع البدائل الممكنة لما يمكن أن يحدث في الماضي والحاضر والمستقبل.

في البعد السابع والثامن والتاسع، تتبدى الإمكانيات أمام العوالم الأخرى، حيث تتبدل طبيعة القوى الفيزيائية، وتختلف فيها طبيعة الجاذبية وسرعة الضوء أيضاً. وكما هو الحال في البعدين الخامس والسادس، حيث تظهر جميع البدائل الممكنة للعالم أمامك، تصبح جميع الإمكانات لهذه العوالم الأخرى في البعد السابع واضحة وتتحرك ضمن قوانين جديدة.

ونصل في البعد الثامن إلى المستوى الذي تتبدَّى فيه جميع الإمكانيات التاريخية والمستقبلية لكل عالم، وحتى مالا نهاية. أما في البعد التاسع، تصبح القوانين الفيزيائية والظروف جلية في كل عالم من العوالم. وفي النهاية، يأتي البعد العاشر، حيث يصبح كل شيءٍ ممكناً وقابلاً للتصور.

حتى تعمل نظرية الأوتار، سيكون من المطلوب توافر ستة أبعاد لكي تتحرك بطريقة متلائمة مع الطبيعة. وبحكم أن هذه الأبعاد تتواجد ضمن مقاييس صغيرة، ينبغي أن نجد طريقة أخرى لإثبات وجودها. أحد هذه الطرق هي الإطلال على الماضي باستخدام تلسكوبات قوية قادرة على مطاردة أشعة الضوء التي تبعد عنا مليارات السنين، أي منذ ولادة هذا العالم.

تمتلك نظرية الأوتار إجابة عن ما حدث قبل الانفجار العظيم. لقد كان العالم مكوناً من تسعة أبعاد متماثلة بشكل كامل، وكان الزمن عاشر هذه الأبعاد. وفي الوقت ذاته، توحَّدت القوى الأربعة الأساسية ضمن درجة حراراة عالية جداً، بحيث تعرَّض البناء لضغط كبير. إلى أن وصل لمرحلة من عدم الاستقرار لينكسر لجزئين. ومن هنا صار يوجد شكلان مختلفان من الزمن وأدَّى لتشكل العالم ثلاثي الأبعاد الذي نعرفه اليوم. وفي تلك الأثناء، تقلَّصت الأبعاد الستة الأخرى لتصل لحجم الجسيمات.

وبالنسبة للجاذبية، تؤكد نظرية الأوتار على أن الوحدات الأساسية المكوِّنة للعالم هي الأوتار، وهي خيوط اهتزازية من الطاقة متناهية الصغر. إنها ضئيلة إلى حد يمكن قياسه بمقياس بلانك، وهو أصغر مقياس معروف في الفيزياء. يهتز كل وتر على تردد معين ويمثل قوةً محددة. وتعتبر الجاذبية وجميع القوى الأخرى نتاجاً لاهتزازات أوتار محددة.

وتكمن مشكلتنا في صعوبة اختبار هذه النظرية خارج إطار المعادلات الرياضية المعقَّدة. تم عمل بعض التجارب باستخدام معدات حاسوبية متطورة، والتي تقوم بعمل تجارب محاكاة وتصوغ التوقعات، ولكن هذا ليس كافياً لإثبات صحتها، إلا أنه أمر مساعد ويقدم بعض الدعم. وبالإضافة للمشاهدات الفلكية، يأمل علماء الفيزياء أن تقدم التجارب في مصادم الهدرونات الكبير في سيرن -  تحت إشراف فرنسي سويسري - بعض الدلائل حول أبعاد إضافية، مما يمكن أن يعطي نظرية الأوتار مصداقية أكبر.

التعليقات