14/06/2017 - 19:42

نظرية ثورية تُسقط التصور القديم حول كيفية تشكُّل المشاعر

يقوم التصور التقليدي عن المشاعر على الفكرة التالية: وهي أنك تولد بمجموعة من المشاعر الغريزية، كالسعادة والحزن والغضب والخوف. وأن شعورك بهذه المشاعر يبدأ عند تفاعلك مع المثيرات الخارجية.

نظرية ثورية تُسقط التصور القديم حول كيفية تشكُّل المشاعر

(ترجمة خاصة: عرب 48)

يقوم التصور التقليدي عن المشاعر على الفكرة التالية: وهي أنك تولد بمجموعة من المشاعر الغريزية، كالسعادة والحزن والغضب والخوف. وأن شعورك بهذه المشاعر يبدأ عند تفاعلك مع المثيرات الخارجية، والذي يحفز دورة كهربائية داخل دماغك، وهو ما يُحدث استجابة من قِبَل جسدك، تؤدي لأن تتبنى سلوكًا ما فيما بعد.

أي أن المشاعر أشبه ما تكون بشيء يحدث لك وتواجهه.

ولكن بحسب المؤلفة وأستاذة علم النفس في جامعة نورث إيسترن، ليسا فيلدمان باريت، فإن هذا كلام خاطئ. ففي كتابها الأخير "كيف تتشكل المشاعر"، تجمع باريت أبحاثًا من العلوم العصبية والأحياء والأنثروبولوجيا لتصوغ نظرية ثوريةٍ جديدة عن المشاعر.

لا تعتبر باريت المشاعر مجرد استجابات للعالم الخارجي، بل المشاعر هي التي تبني العالم من حولنا، فالمشاعر تحدثُ بفعل الحس الباطني.

والحس الباطني هو شعورنا بالأوضاع النفسية الموجودة داخل أجسادنا. يقوم هذا الشعور بمراقبة عملياتنا الداخلية ويقدم للدماغ تحديثاتٍ مستمرة عن حالتها. تأتي هذه التحديثات على أربعة أشكال من الإشارات الأوَّلية، وهي: البهجة والبُغض والإثارة والطمأنينة. وتَعتَبِرُ باريت أن المشاعر تتشكل من محاولة الدماغ لفهم هذه الإشارات الخام، ويقوم الدماغ بذلك عن طريق استلام الإشارات الخام وتصفيتها عبر خبراتنا السابقة، أي من خلال مفاهيمنا المُتَعلَّمة.

يعني هذا أن المشاعر ليست انعكاسات موضوعية للأحداث في العالم الخارجي، وتفصِّل باريت ذلك في حلقة سابقة من برنامج "إنفيزيبيليا"، الذي يبث عبر الراديو الوطني العام، حيث قالت:

"بالنسبة لجميع أنواع المشاعر التي نمتلكها في الولايات المتحدة، والتي نعتقد أنها ذات أصول بيولوجية وكونية، فإن هناك ثقافة واحدة على الأقل في هذا العالم لا تمتلك تصورًا عن تلك المشاعر ولا يشعر الناس ضمنها بهذا النوع من المشاعر".

ذات الشيء ينطبق على الرؤية، بحسب ما تقوله باريت، مشيرة إلى حالات الأشخاص المصابين بالعمى جراء تضرر القرنية منذ الولادة، حيث أنهم يبقون عميانًا حتى بعد فترة وجيزة من إعادة زراعة القرنية.

"إنهم لا يتمكنون من النظر لأيام بل وأسابيع أحيانًا، وقد يصل الأمر إلى مضي سنوات وهم لا يتمكنون من رؤية بعض الأشياء بسبب عدم امتلاكهم لمفهوم عنها. فدماغهم لا يمتلك خبرة بصرية سابقة تمكنهم من إدراك معنى الإحساسات البصرية التي يتلقونها.

... إذا ما بقينا على التصور الكلاسيكي فسنعتقد أنه سيتمكنون من رؤية كل شيء، ولكن هذا لا يحصل".

إن الفكرة الرئيسية في نظرية باريت تتضمن منظورًا مدهشًا وتحريريًا أيضًا، فما تقوله يعني أننا نمتلك سيطرة ومسؤولية أكثر على مشاعرنا على نحو أكبر مما كنا نعتقده في السابق. فالمفاهيم التي أصبحت جزءًا منا، بوعي منا أم بغير وعي، سيكون بإمكاننا أن نتعلمها وألا نتعلمها أيضًا. فبحسب هذه النظرية، فإنك تمتلك القدرة على إقامة تغيير جذري في خبرتك مع المشاعر.

اقرأ/ي أيضًا | دماغك كآلة زمنية

ولكن هناك ثغرة في نظرية باريت، فإذا ما كان كلامها صحيحًا، فما الذي ينبغي أن يقوله المجتمع للأشخاص الذين يعانون من إضطراب ما بعد الصدمة مثلًا؟ فلتذهبوا لتتعلموا مفاهيم جديد؟ وتقول باريت في هذا السياق:

"أنا مدركة لمخاطر ما أقول، حسنًا؟ - ولكن العلم هو العلم، ويتوجَّب علينا تصديق ذلك –  بل أشعر بأنه من الضروري أن نلفت انتباه الناس لما يقوله العلم. ويمكن للناس أن يتجادلوا حول نتائج ذلك ضمن السياقات المناسبة في المجتمع والثقافة. ولكني أعتقد أنه من الخطير التعامل مع الأشياء على أنها موضوعية في حين أنها ليست كذلك".

التعليقات