05/09/2017 - 17:35

عن الطرق المتعددة التي نخدع بها أنفسنا

لعنصر الأساسي في هذه الأكاذيب هو أن الناس يتعاملون (أو يبحثون) مع الدلائل من منطلقات متحيزة. يمكن لخداع الذات أن يعمل كالمخدر الذي يخدرك عن الواقع الصعب، أو يحجبك عن العملية الصعبة في البحث عن الدلائل والتفكير.

عن الطرق المتعددة التي نخدع بها أنفسنا

(pixabay) توضيحية

(ترجمة خاصة: عرب 48)

كل شخص يتنكر لشيءٍ ما عن ذاته. يعدُّ خداع الذات (أو الكذب على النفس)، ببساطة، اعتقادًا خاطئًا ومحفِّزًا، حيث يمكن للمعتقدات الخاطئة أن ترضي أهم الحاجات النفسية بالنسبة للفرد (كالثقة بالقدرات الشخصية على سبيل المثال). وهذه بعض الأكاذيب التي نُقنِعُ أنفسنا بها.

1) نعيم الجهل. أحد أصعب المشاكل في المحافظة على الأهداف، هو كيفية الاستمرار عند مواجهة الاستجابات السلبية. قد يساعد الجهل الإستراتيجي في الحفاظ على الاستمرارية، كيف ذلك؟ عن طريق تجنب مصادر المعلومات التي قد تثبِّطك. على سبيل المثال، فالشخص الذي ينطُق بـ"حتى يفرقنا الموت" (الرباط المقدس في الزواج الكاثوليكي) خلال مراسم الزفاف، فهو يحتاج أن يتجاهل الإحصاءات المتعلقة بنسب الطلاق.

2) إنكار الواقع. يعد الإنكار أحد الأساليب النفسية الدفاعية التي نستخدمها ضد الواقع الخارجي كي نخلق شعورًا زائفًا بالأمان. يمكن للإنكار أن يكون أسلوبًا دفاعيًا في مواجهة الأخبار الصعبة (مثل تشخيص مرض السرطان). يقول الناس لأنفسهم في لحظة الإنكار: "لن يحدث ذلك". مثلما يصر مدمنو الكحوليات على أنه لا يعانون من مشكلة الإفراط بالشرب.

3) الثقة الزائدة بالنفس. يظن الأفراد الذين لديهم ثقة زائدة بأنفسهم أنهم محظوظون، وأنهم محبوبون من الآخرين وأنهم سيتصدرون القمة (كملصقات السيارات التي تقول "المسيح يحبك، ولكني أنا محبوبه الأول"). فعلى سبيل المثال، يعتقد 90% من السائقين أنهم أذكى من الآخرين عندما يكونون خلف المقود، وقد وُجِدَ أن 94% من الأساتذة في كبار الجامعات يعتقدون أنهم أفضل من الأساتذة الجامعيين العاديين. يمكن أن يتضمن التفاؤل غير الواقعي انعكاسات صحية حقيقية، حيث وجد عالم النفس، لورين نوردغرين، عندما بحث ضمن مجموعة من الأشخاص الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين، أن الأشخاص الذين يبالغون بالثقة بإرادتهم كان فشلهم في ذلك راجحًا.

4) الإعاقة الذاتية. يمكن اعتبار هذا سلوكًا معاكسًا للثقة الزائدة بالنفس. فإذا كانت إحداهن متشكِّكة بقدراتها الحقيقية ومتخوفة من انكشاف قدراتها الحقيقية، فقد تمتنع عن أداء العمل الذي قد يظهرها بقدراتٍ ضعيفة. فعلى سبيل المثال، قد يُعزا الأداء الناجح لوجود المهارات العالية، ولكن يمكن أن يعتبر سبب الأداء غير الناجح هو غياب التحضير المسبق الجيد.

5. كيف أحب أن يراني الآخرين. يحب الناس أن يُنظر لهم بمنظر الإعجاب، من قِبَل أنفسهم والآخرين، ولكن بعض السمات الشخصية التي تتضمن قيمة اجتماعية عالية (كالإيثار أو العقلية الموضوعية) لا يتمكن الآخرون من إدراكها بوضوح. ولكن أفعالنا تقدم إطلالةً على شخصياتنا وأذواقنا. مثل إعطاء المال لأحد المتسولين، أو تغيير الصورة الشخصية على حساب "فيسبوك"، كتعبير عن وقوفك بجانب ضحايا إحدى الكوارث الجديدة.

6) انتقاء المعلومات. يميل الناس للاحتفاء بالمعلومات التي تدعم معتقداتهم ورفض المعلومات التي تتعارض معها. فعلى سبيل المثال، يحتاج الناس للمزيد من المعلومات كي يتقبلوا الأفكار غير المرغوبة في مقابل الأفكار المرغوبة.

7) الاستنكار غير النزيه. في حكاية إيسوب، يبذل الثعلب قصارى جهده كي يحصل على عنقود عنب لذيذ، ولكنه يفشل في جميع محاولاته في ذلك، إلى أن وصل لمرحلة إقناع نفسه بعدم رغبته أصلًا بالحصول على هذه العنبات. فعند وجود الأشياء المتنافرة (أي الوعي بالمعتقدات المختلفة) يشعر الفرد بعدم الارتياح النفسي ويحاول أن يخفف منه، ويكون الدافع وراء ذلك هو الحفاظ على ماء الوجه.

8) أنا والآخرين. يستعمل علماء النفس مصطلح الإحالات (أو العوامل) للتفسيرات التي يضعها البشر لأحداث حياتهم. نميل نحن لأن نعزو نجاحنا لسماتنا الشخصية الثابتة، بينما نعزو فشلنا للظروف السيئة. كما هو الحال عندما نقول: "لقد فشلت لأنك لم تبذل جهدًا كافيًا؛ لقد فشلت بسبب الصداع الذي جاءني من مضي الوقت مساءً مع ابني". وقد يرتاح مدمن الكحوليات عندما يقول لنفسه إنه "ما من جدوى"، وذلك كي يحصل على مبرر لاستمراره.

الخلاصة

العنصر الأساسي في هذه الأكاذيب هو أن الناس يتعاملون (أو يبحثون) مع الدلائل من منطلقات متحيزة. يمكن لخداع الذات أن يعمل كالمخدر الذي يخدرك عن الواقع الصعب، أو يحجبك عن العملية الصعبة في البحث عن الدلائل والتفكير. وكما علَّق فولتير قبل مدة طويلة "الوهم هو السعادة".

 

ولكن عندما نمارس خداع الذات جميعًا، يتضخم أثره ويؤدي إلى مخاطر جمة. فكي يعززوا من قناعاتهم، يختار الناس التعامل مع الأفراد المشابهين لهم أو التلقي من مصدر إعلامي واحد.

التعليقات