11/09/2017 - 21:49

هل يتزايد عدد الكوارث الطبيعية؟

لم يتراجع سجل الأمطار الذي تسبب به إعصار هارفي عن مدينة هيوستن والمدن المجاورة حتى بدأ سكان فلوريدا بالاستعداد للهرب من عاصفة أكثر قوة، ويبدو أن موجة الأعاصير لم تبلغ أوجها بعد.

هل يتزايد عدد الكوارث الطبيعية؟

(ترجمة: عرب 48)

لم يتراجع سجل الأمطار الذي تسبب به إعصار هارفي عن مدينة هيوستن والمدن المجاورة حتى بدأ سكان فلوريدا بالاستعداد للهرب من عاصفة أكثر قوة، ويبدو أن موجة الأعاصير لم تبلغ أوجها بعد.

هذا يستدعي سؤالًا: هل يزداد عدد الكوارث الطبيعية الكبيرة في الولايات المتحدة، أم أن الميل الإعلامي الطبيعي لتضخيم الأزمة هو ما يجعل الأمر يبدو كذلك؟

تمتلك المؤسسة الحكومية "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" موقعًا قد يساعد في الإجابة على هذا السؤال. فقائمتها للكوارث التي كلَّفت مليارات الدولارات تعود لعام 1980، وتسجل التاريخ والموقع وعدد القتلى وتكلفة كل حدث.

وكشخص متخصص في الاقتصاد، فإني أتبنى توجهًا مختلفًا عن الكيفية التي سيجيب بها عالم الطقس أو البيئة عن هذا السؤال. يمكن أن تُحدِث الكوارث الكبرى أضرارًا هائلة، مثل تدمير الأماكن البرية وتغيير مسارات الأنهار وقتل الأشخاص الأبرياء. ولكن يصعب تحديد قيمة هذه الأضرار بدقة.

ولكن تقييم الأضرار الاقصادية المباشرة لكارثة معينة يعد أمرًا أسهل نسبيًا، فشركات التأمين والوكالات الحكومية تتلقى طلبات الأضرار والخسارة بكميات محددة. ثم يتم تعديل هذه المؤشرات لتأخذ بالحسبان الأشياء غير المؤمَّن عليها ليُحسب المجموع.

وفي تحليلاتي الخاصة، سوف أبدأ بهذه المؤشرات ولكن مع إجراء تعديلات إضافية لما أعتقد أنه إجابات أدق، لكي نعرف ما إذا كانت الكوارث الطبيعية تحدث بمعدلات أكبر حقًا.

كيف ترصد الحكومات الكوارث الطبيعية

بذلت الحكومة جهودًا عظيمة لضمان موثوقية بيانات الكوارث عن طريق دمج المعلومات الصادرة عن الوكالات للحكومية مثل الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ FEMA ووزارة الزراعة بالإضافة للمطالبات الموجَّهة لشركات التأمين الخاصة.

ولا تقوم بتتبع الأعاصير التي تتصدر عناواين الأخبار الآن وحسب، بل جميع أنواع الكوارث الكبرى، من عواصف الشتاء والموجات الحارة وحتى الجفاف والفيضانات. كما تتضمن البيانات أجواء الشتاء عندما تصل درجات الحرار لما دون التجمد وتدمر ملايين الدولارات من المحاصيل وتقتل أعدادًا كبيرةً من المواشي.

تضمن الحكومة حساب التكاليف بدقة عالية، حيث تحتوي على التكلفة الكاملة لكل الخسارات التي تمت تغطيتها أو لم تتم تغطيتها بالتأمين. تتضمن الخسارات الأضرار الموجهة على المباني والشوارع والبنية التحتية، بالإضافة للعناصر المتضررة داخل المباني عندما تحدث ضربة كارثية كبرى. وتتضمن المؤشرات أيضًا بعض الكميات التي خسرها قطاع الأعمال التي أُجبِرَت على التوقف عن العمل.

ولكن لا تحدد المؤشرات أي قيمة لخسارة الأرواح البشرية. فحتى لو قتلت عاصفة ما مئات الضحايا، فلا يتم إدخالهم ضمنها.

وفي النهاية، يتم صياغة المؤشرات بناءً على معدلات التضخم، وهذا أمر مهم، لأن قيمة مليار دولار في عام 1980 تعادل اليوم 3.15 مليار دولار بعد مقارنتها بتغير الأسعار. تقوم أفلام هوليوود بتجاوز سجلات أسعار التذاكر باستمرار لأن هذا القطاع لا يقوم بتحديد مبيعات التذاكر بناءً على معدلات التضخم. وبدون ذلك، ستبدو الكوارث باستمرار أكثر تكلفةً مع مرور الوقت، مثل أفلام هوليوود، والتي تبدو أنها تحطم أرقامها باستمرار، حتى لم يحدث ذلك حقًا.

ما الذي تظهره البيانات

كانت هناك 212 كارثة منذ عام 1980، والتي تحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي قيمة أضرارها بأكثر من 1.2 ترليون دولار.

يبين تحليلي لبيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن عدد الكوارث التي كلَّفت مليارات الدولارات قد ازدادت مع مرور الوقت. فخلال الثمانينات واجهت الولايات المتحدة معدَّل 2.7 مليار دولار ضمن هذه الكوارث. وفي التسعينات وبداية الألفية، ارتفع هذا المعدل لـ 4.6 مليار دولار و5.4 مليار دولار لكل عام على التوالي.

ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت معدلات الكوارث المكلفة بشكل كبير. وخلال هذا العقد، شهدت كل سنة معدل 10.5 مليار دولار من هذه الكوارث. وقيمة هذه الزيادة تعادل كارثة بمليار دولار إضافية لكل أربع سنوات.

ارتفاع معدلات الكوارث

يبين هذا الرسم عدد الكوارث التي تسببت بأضرار تقدر بمليار دولار على الأقل

المصدر: الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي

هل تعبِّر الأرقام عن شيء حقيقي؟

حتى مع إضافة معدل التضخم، فإن السبب الرئيسي لازدياد الكوارث المكلفة هو أن الاقتصاد اليوم قد أصبح أكبر بكثير مما كان عليه في الثمانينات.

فعندما كان الاقتصاد أصغر، كانت تُحدثُ الكوارث أضرارًا اقتصادية أقل. لقد كان هناك منازل ومصانع ومكاتب أقل لكي تتدمر، لذا كان يصعب على الكوارث الطبيعية أن تتسبب بكوارث تقدر بمليارات الدولارات.

فمنذ عام 1980، تجاوز الاقتصاد الأميركي ضعف قيمته. حيث نما الاقتصاد منذ ذلك الحين من ترليون دولار ليصل لـ 17 ترليون دولار كما هو محسوب بإجمالي الناتج المحلي مع أخذ معامل التضخم بالحسبان. وكي نأخذ ذلك بعين الاعتبار، ينبغي أن أن تتم ملاءمة بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي مع حجم الاقتصاد. وبكلمات أخرى، فإن عاصفة تحدث اليوم ستُحدث ضررًا أكبر من ذات العاصفة لو حدثت قبل عقود بحكم وجود أشياء أكثر لتتدمر بكل بساطة.

إن معادلة بسيطة تحسب النمو الاقتصادي وتقسم مؤشر إجمالي الناتج المحلي لكل سنة على قيمة عام 1980 تُضاعِف الإجابة بمليار دولار، وهكذا ستكون النتيجة لكل عام تعادل أدنى قيمة للضرر المطلوب كي يكون معادلًا اقتصاديًا لواحد مليار دولار من الدمار الحاصل في عام 1980.

فعلى سبيل المثال، نتيجة الدمار في عام 2010 هي 2.3 مليار دولار. أو لنقل ذلك بطريقة أخرى، فإن عاصفة تسببت بمليار دولار من الأضرار في عام 1980 ستحدث أضرارًا تتكلف حوالي 2.3 مليار دولار في عام 2010.

وفي حين لا يعد ذلك مقياسًا كاملًا يأخذ جميع أجزاء النمو الاقتصادي بمعدل متشابه تقريبًا، فإنها تصوغ مقياسًا أدق لكوارث المليار دولار في مقابل البيانات الرسمية.

باستبعاد العواصف خارج المقياس التي لم تؤد لمثل هذه التكاليف، ومع إعادة إجراء التحاليل الإحصائية، يتبين أننا نحصل على كارثة إضافية من فئة المليار دولار كل 25 سنة، لا كل 4 سنوات. لذا فإن معدلات هذه الكوارث الطبيعية في ازدياد، ولكن ليس بالسرعة التي تشير إليها بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

خسارة اليانصيب

بشكل عام، يميل الناس للمبالغة في تقدير أثر الأحداث الاستثنائية. فعلى سبيل المثال، يجب أن يفكر الكثير من الناس بأنهم يمتلكون فرصةً قوية في الفوز بورقة اليانصيب، وإلا فإنهم لن يشتروا الورقة من الأصل.

والكوارث تشبه مسابقات اليانصيب باستثناء أن الناس يخسرون عندما تصدر أرقامهم. ففي حين تضرر ملايين الناس من هارفي، كان هناك أكثر من 100 مليون شخص خارج مجرى الإعصار. ولكن تؤدي الأخبار والتغطية الإعلامية الدرامية إلى إثارة قلقنا وإشعارنا بالخطر.

ومع ذلك، وبحكم ازدياد عدد الكوارث المكلفة – وإن كان بطيئًا – ينبغي على المشرعين والسياسيين أن يفكروا بكيفية تقوية قوانين البناء وأن يقوموا بتغييرات أخرى لضمان استعداد أفضل وتقليل المخاطر. فإذا تم تصميم المباني التجارية والسكنية بحيث تصبح قادرة على تحمل فرص أعلى أمام الانغمار بالمياه والرياح والنيران، ستقل تكلفة ومدة التعافي المطلوبة لتجاوز أزمات الكوارث الطبيعية.

وماذا نستطيع أن نفعل؟ كن مستعدًا، فأنت لا تعرف متى يمكن أن تأتي الكارثة. أرسم خطة، وأحفظ لديك مصادر مياه بديلة ومصابيح يدوية وبعض الطعام، وسهِّل طريقة وصولك للأوراق الهامة في مكان واحد في حال اضطررت للهرب.

التعليقات