06/10/2017 - 22:37

هل ينجح الاستقلال الكردي ضمن الأجواء السياسية المحيطة؟

أيد أكراد شمال العراق فكرة بناء دولة مستقلة بنسبة تصويت وصلت لـ ٩٢,٧٪ في الاستفتاء الذي عُقِدَ في ٢٥ أيلول/ سبتمبر. كانت هذه نتيجة متوقعة ولم يكن فارق الأصوات مفاجئاً حتى. ولكنها لا زالت خطوة خطيرة لأن التصويت على الاستقلال،

هل ينجح الاستقلال الكردي ضمن الأجواء السياسية المحيطة؟

(أ ف ب)

(ترجمة: عرب 48)

أيد أكراد شمال العراق فكرة بناء دولة مستقلة بنسبة تصويت وصلت لـ ٩٢,٧٪ في الاستفتاء الذي عُقِدَ في ٢٥ أيلول/ سبتمبر. كانت هذه نتيجة متوقعة ولم يكن فارق الأصوات مفاجئاً حتى. ولكنها لا زالت خطوة خطيرة لأن التصويت على الاستقلال، وإن كان غير ملزم، قد تلقى معارضة قوية من جميع جيران الحكومة الكردستانية المحلية – العراق، تركيا، إيران، سورية– التي تحظى بمجموعات كردية في أراضيها بالإضافة لمعارضة الولايات المتحدة وروسيا. هذا يعني أن الحكومة الكردستانية المحلية قد باتت معزولة في الداخل ومن القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، والتي أعطتها أغلبية الدعم منذ غزو صدام للكويت في عام ١٩٩٠.

لا يصعب سبر أغوار الأسباب الظاهرة لعقد الاستقلال ونتيجته، فقد كان الأكراد ينتظرون بكل صبر لإنشاء دولتهم، والتي كانت ضمن وعود معاهدة سيفر (١٩٢٠) في القرن الماضي. لكن معاهدة لوزان التي جاءت بعد الحرب التركية الاستقلالية لم تنكر حق الأكراد في الحصول على دولة لأنفسهم فحسب بل قدمت أيضاً شرعية دولية لتقسيم الشعب الكردي، الذي يقدر عددهم اليوم بثلاثين مليون تقريباً، موزعين بين تركيا والعراق وسورية وإيران.

كانت تركيا، وهي موطن لحوالي ثلث الأكراد، في مخاض حرب الانفصاليين الأكراد منذ عام ١٩٨٤. وبعد فترة ركود وجيزة خلال العقد الماضي، عاد هذا الصراع إلى الأجواء مرة أخرى خلال السنتين الماضيتين. كان ذلك نتيجة لتبني الرئيس إردوغان لتوجه متشدد اتجاه القضية الكردية من أجل الحصول على دعم القوميين الأتراك لتدعيم سلطته وإجراء التغييرات على الدستور التركي.

وعلى نحو متناقض، كانت تركيا منذ التسعينات حبل النجاة الأساسي للحكومة الكردستانية المحلية فيما يتعلق بتقديم البضائع والخدمات، خاصة في قطاع البناء. وفوق كل ذلك، كانت هي قناة تصدير النفط عبر الأنبوب الذي تملكه تركيا من الحكومة الكردستانية المحلية، والذي كان يحدث كتحد لرغبات بغداد. أغضب الاستفتاء، وتأثيراته المحتملة في تحفيز أكراد تركيا، إلى درجة إعلانها أن تركيا ستتعامل من الآن مع الحكومة العراقية حصرياً فيما يتعلق بتصدير النفط الخام من شمالي العراق، وبالتالي التهديد بقطع منافذ الحكومة الكردستانية المحلية للأنابيب التركية. تصل صادرات الحكومة الكردستانية المحلية إلى حوالي ستة مائة ألف صندوق من النفط الخام عبر تركيا. إن الاعتماد الاقتصادي للحكومة الكردستانية المحلية على تركيا يعطي أنقرة نفوذاً على اقتصاد أربيل، وهو ما ستحاول التحرك نحو خلال الأيام القادمة. وهو ما يُنذر ببداية تفكك دولة تعيش أصلاً في ظروف هشة.

وازدادت المشكلة تعقيداً مع قرار الحكومة الكردستانية المحلية بعقد الاستفتاء ليس على المساحات المحددة للأكراد فحسب بل إلى خارج الحدود في المناطق المجاورة ذات الأغلبية الكردية التي سيطر عليها الجيش العراقي عندما انسحب من اعتداء تنظيم الدولة في عام ٢٠١٤.

تقع مدينة كركوك وما حولها في قلب هذه المشكلة، لأن كركوك مدينة متعددة الأعراق وبسبب امتلاء المنطقة بالنفط، والتي كانت تسيطر عليها بغداد حتى احتلتها قوات البشمركة الكردية. ورفضت الحكومة الكردستانية المحلية تخليها عن كركوك لأنها تعتبرها في قلب الأراضي الكردية. كما أنها لن تتخلى عن النفط الذي حصلت عليه في المنطقة. وبالرغم من إبداء بغداد لاستعدادها للتعامل مع الاستفتاء، خاصة بحكم كونه غير إلزامي، ومع ورقة المساومة الخاصة بالحكومة الكردستانية المحلية لاقناع الحكومة المركزية للتنازل عن بعض المطالب الاقتصادية والسياسية، إلا أنها ليست مستعدةً أبداً للقبول بسيطرة البرلمان الكردساني على كركوك ونفطها، وهو ما أشار إليه الاستفتاء.

وهددت بغداد بالدخول في حرب على هذه القضية وأغلقت الفضاء الجوي العراقي أمام الرحلات من وإلى الحكومة الكردستانية المحلية. إن قدرة بغداد على توفير قوات أخرى لإخراج قوات البشمركة من كركوك لهي قضية أخرى، خاصة مع انخراطها في معركة ضد تنظيم الدولة بدعم أميركي لإخراجه من الأراضي العراقية التي يسيطر عليها. ولكن القوات المدربة إيرانياً والمنخرطة أيضاً في المعركة ضد تنظيم الدولة تتلقى الأوامر من طهران بدلاً من بغداد. فقوات الحشد الشعبي العراقية، أعلنت عن عدم قبول استقلال الأكراد عن العراق، وحذر زعماء قوات الحشد الشعبي من أن محافظة كركوك ستكون نقطة اشتعال بين قواتهم والبشمركة الكردية في المستقبل القريب.

التعليقات