26/04/2019 - 23:49

قاموس ماكرون للسياسات الخارجية: الواقعية تعني دعم الاستبداد

"نهج ماكرون الخام المتمثل بـ’الاستقرار أولًا’ وسياسته الخارجية الموهومة والعمياء، محكوم عليها، في أفضل الأحوال، بالفشل وإبقاء المنطقة في حالتها الحالية العنيفة. على الأرجح، سوف تزيد من تفاقم الوضع".

قاموس ماكرون للسياسات الخارجية: الواقعية تعني دعم الاستبداد

ماكرون خلال تجمّع انتخابي سابق (أ ب)

في ما يلي ترجمة خاصّة بـ"عرب ٤٨" بتصرّف:


قالت مصادر تونسية، يوم الثلاثاء الماضي، لموقع "ميدل إيست آي"، إنها احتجزت 13 مسلحا يمتلكون جوازات سفر دبلوماسية فرنسية الأسبوع الماضي، بعد أن اجتازوا الحدود التونسية الليبية.

وبحسب السلطات التونسية، فإن هؤلاء كانوا يقدمون دعما لوجيستيا لقوات الجنرال الليبي، خليفة حفتر، في تحول للأحداث يكشف، مرّة أخرى، الدعم الغبي الذي يقدمه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لقوات حفتر.

وعلى مدار العقد الأخير، انتقلت السياسة الفرنسية الكارثية في ليبيا، من سحق الدولة، إلى تغيير النظام، والتسبب في اغتيال زعيم البلاد معمر القذافي، ومن ثم إلى خلق فراغ في السلطة ومن ثمّ محاولة معالجة الفوضى التي تبعته، والتي كان لفرنسا دور محوريّ في تفشيها.

كجزء من دورها هذا، تدعم فرنسا أمير حرب، في سبيل أن يقوم هو بانقلاب عسكري آخر من شأنه أن يخلق مزيدًا من الفوضى. ومن الصعب تخيّل حلقة أكثر شراسة من ذلك.

فرنسا تحت قيادة ماكرون

من أجل الإنصاف، فإن الكثير من سياسات ماكرون الخارجية، إيجابية وجديرة بالثناء، على الأقل في ما يتعلق بأوروبا، بدءا من استقامته في الدفاع القوي والحازم عن الاتحاد الأوروبي، والتعددية، والتعاون الدولي.

ماكرون وحفتر... بالأحضان (أ ب)
ماكرون وحفتر... بالأحضان (أ ب)

ويمكن للمرء أن يثني، أيضًا، على جهوده الرامية إلى بناء استقلال إستراتيجي لأوروبا مع تجنب عسكرة العلاقات الدولية، ومحاولاته الدبلوماسية للحفاظ على، أو دمج، أو إعادة دمج، دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، داخل المؤسسات الدولية لتجنب تصاعد الصراعات.

كما تجدر الإشارة إلى استعداده البراغماتي، للتحدث مع جميع الذين سعوا إلى التقليل من شأنه أو إضعافه شخصيًا وتقويض الاتحاد الأوروبي العزيز على قلبه، أو تعطيل مساعيه للتوسط بين الأعداء (إسرائيل، إيران، السعودية، الولايات المتحدة، وغيرها) في إطار تخفيف حدة التوترات بينها، بمن فيهم بوتين وترامب.

ومن الصعب انتقاد ماكرون في مجال هذه السياسات الخارجية وغيرها، خصوصًا أنه يجد نفسه معزولا في هذه الجهود أحيانا.

الإخفاقات والنكسات

ورغم طاقته الدبلوماسية التي يُعبر عنها بطريقة مثيرة للإعجاب، فإن الحقيقة المحضة تكمن في أنّ معظم سياسات ماكرون الخارجية وجهوده، فشلت فشلا ذريعا حتى الآن.

وحظيت سياسات ماكرون الخارجية بقائمة طويلة وعجيبة من الإخفاقات والنكسات على جميع الأصعدة، بما فيها مواضيع عالمية كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، مرورا بانتصار القوى "الشعبية الشعبوية" في إيطاليا والنمسا، وزوال الصفقة النووية الإيرانية ودعواته الركيكة وغير الفعالة لـ"دفع" الرياض من أجل رفع حصارها القاتل عن اليمن، وصولا إلى إخراج فرنسا بشكل شبه كامل من الشرق الأوسط كقوة قادرة على التأثير على اللاعبين المختلفين في القضايا والأزمات الرئيسية في المنطقة.

ومرة أخرى، قد لا يرجع هذا العجز المستمر إلى شخص ماكرون، أو إلى حقيقة أن اللاعبين الأكثر قوة وقسوة مثل ترامب ومحمد بن سلمان وبوتين يرون أنه ضعيف التأثير، ولكن لعوامل خارجة عن إرادته أو إرادة أي رئيس آخر.

وتشمل هذه العوامل أزمة التعددية التي يمثلها ترامب ويفاقمها على أفضل وجه؛ والحقيقة المريرة بأن فرنسا أصبحت في أحسن الأحوال قوة ثانية، بل وثالثة على مستوى العالم؛ وصعود الصين، التي تعد الآن الشريك التجاري الرئيسي لما لا يقل عن 10 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويُضاف ذلك إلى "قوة" ولي العهد السعودي في الشرق الأوسط؛ وتكاثر عدد الدول المضطربة في جميع أنحاء المنطقة، والحروب الأهلية، وجميع أشكال العنف الممكنة، بما في ذلك المستويات المروعة للإرهاب غير الحكومي.

بمعنى آخر، فإن السياق الحالي في العالم، عدواني تجاه طموحات سياسة ماكرون الخارجية.

إفلاس في السياسات الخارجية تجاه الشرق الأوسط

لم تفشل سياسات ماكرون الخارجية، هذا الفشل الذريع، كما هو الحال في الشرق الأوسط.

ورغم فوزه بالانتخابات، الذي ولّد آمالا باتّباع فرنسا نهجًا جديدًا تجاه المنطقة، إلا أن ماكرون لم يفلح في توفير ما وعد به سابقا. ولقد وقع، بدلًا من ذلك، في فخ أسوأ أنواع من "السياسة الواقعية" المتأصلة.

ويتعامل النهج الذي اتبعه ماكرون، مع "البراغماتية" و"الواقعية" ككلمتين مشفرتين تتمثّلان في الدعم المتواصل أو المتجدد للمستبدين الفاشيين، والبلطجيين، والطغاة، والقتلة الجماعيين، وإرهابيي الدولة من مختلف المشارب.

وهي سياسة غير مستدامة وعميقة الجهل، يؤطرها الممثلون التقليديون لمراكز الأبحاث (مؤسسات الفكر) الفرنسية وتلك التابعة للاتحاد الأوروبي، بطريقة سلسلة تحت مسمى عقيدة "الطمأنينة".

فرنسا في عهد ماكرون: أكبر مصّدر للسلاح لمصر (أ ب)
فرنسا في عهد ماكرون: أكبر مصّدر للسلاح لمصر (أ ب)

وتعني هذه العقيدة، وفقًا للتعريف الملخص لهذه السياسة: "تزويد (فرنسا) شركاءها باستجابات مطمئنة لما يعتبرونه قلقا في مواجهة عدم الاستقرار الداخلي، والتغيرات في ميزان القوى الإقليمي، والغموض الدولي. أثبت التعاون في مجال الأمن، لا سيما في ظل خلفية الهجمات الإرهابية الشديدة التي ضربت الأراضي الفرنسية، أنه العنصر الرئيسي الذي لا يزال يعزز العلاقات".

وفي لغة أكثر وضوحا، فإنها سياسة "الرجل العربي القوي" المتذللة والمفلسة ذاتها، التي كانت دائمًا تميز السياسات الفرنسية والغربية عمومًا في الشرق الأوسط. لكن المشكلة الآن، أن نتائجها أسوأ مما كانت عليه في الماضي.

"الرجل العربي القوي"

إن أكثر ما يميز القيم التنويرية التي يحملها هذا البطل المزعوم (ماكرون)، في حالتي شمالي أفريقيا والشرق الأوسط، هو سرعة تخليه عنها.

ويوضح دعم النظام العسكري في مصر، والنظام السعودي قاتل الصحافيين، كيف تصبح أهم حقوق الإنسان غير ذات أهمية بالنسبة لماكرون وزملائه الغربيين، عندما يتعلق الأمر بالعالم العربي.

وبالتالي، لم يكلف ماكرون نفسه عناء الحديث عن حقوق الإنسان والحريات المدنية عندما دعا الديكتاتور المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى قصر الإليزيه وفرش له السجادة الحمراء، بل أنه تبنى خط ترامب بإعلانه صراحة، أن ليس من شأنه "محاضرة مصر عن حقوق الإنسان".

ومع أن رؤساء الدول الغربية يتحدثون عادة على قيم ينافقون بزعمهم تبنيها، ولا يتبعونها، فإن ماكرون قد خفض المستوى إلى مرحلة جديدة عبر عدم القيام بالحديث عن هذه القيم حتى، مشيرًا بسخرية إلى "السيادة الوطنية" كذريعة لما وصفته "هيومن رايتس ووتش" بـ"التساهل" الفرنسي مع السيسي.

ولكن كما هو الحال بالنسبة للحكومات المفلسة أخلاقيا، حيث المال يبقى محور كل شيء، لم ينسَ ماكرون ووزير خارجيته، جان إيف لو دريان، ووزير ماليته، برونو لو مير، مناقشة مبيعات المزيد من مقاتلات "رافال" لمصر.

ويجب ألا ننسى أنه، في ما يتعلق بالسيسي، فإننا ننظر إلى قائد يتنافس مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وبن سلمان، في مدى قمعية ديكتاتوريته.

الرئيس المصري هو الرجل الذي قتل الربيع العربي في انقلابه العسكري في تموز/ يوليو 2013، مطيحا بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا (محمد مرسي)، تحت تهديد السلاح، وأمر بقتل أكثر من ألف أعزل من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في يوم واحد.

ومن ثم انتقل إلى سجن خصومه على الفور، في بيئة تعذيب شبه منهجية، سواء كانوا خصوما حقيقيين أم متخيلين، إسلاميين أم علمانيين ليبراليين، يقدر عددهم بنحو 60 ألف معتقل، دون احتساب 1250 شخصًا "اختفوا" في نظام أشبه إلى نسخة عربية لتشيلي تحت حكم أوغوستو بينوشيه، قبل استبدال الديمقراطية المصرية الناشئة بأكثر الدكتاتوريات عنفا وقمعا وشمولية في تاريخ البلاد الحديث.

وحدث كل هذا وسط تغاضي القوى الغربية. ومع ذلك، لم يحدث أي من هذا، وبالتأكيد لا يُحدث عنف السيسي القمعي المستمر، فرقًا بالنسبة لماكرون خلال زيارته لمصر التي استمرت ثلاثة أيام في كانون الثاني/ يناير الماضي.

وعلى الرغم من أنه تحدّث، في هذه الزيارة، عن حقوق الإنسان بإيجاز، فإن ذلك يندرج تحت عقيدة "الطمأنينة" فقط، حيث أعلن في المؤتمر الصحافي المشترك أن "أمن مصر وازدهارها لهما أهمية قصوى"، قبل أن يتحدث شكليا فقط، عن "الحقوق الفردية وسلطة القانون".

ماكرون ومحمّد بن سلمان... المال أولًا (أ ب)
ماكرون ومحمّد بن سلمان... المال أولًا (أ ب)

لقد أدرك الجميع، بما في ذلك السيسي نفسه، أن الجزء الأول فقط من هذه المعادلة هو ما يهم ماكرون حقًا، في حين أن الجزء الثاني لن يُحدث فرقًا إلى حد يرقى إلى التأثير على مستوى الدعم الفرنسي غير المشروط له.

رعاية إرهاب الدولة

أما في الحالة السعودية، فتسود نفس الديباجة القديمة والدبلوماسية المزدوجة المرتكزة إلى تفضيل تدفق الأموال و"النظام والاستقرار أولًا"، مُبررة بـ"الحرب على الإرهاب"، والتي باتت تشكل، الآن، الحجة الرئيسية التي يستخدمها جميع الديكتاتوريين في جميع أنحاء العالم المدعومين من شركائهم الغربيين، في قمع المعارضة الداخلية.

وهنا، أيضًا، لم يُحدث الاغتيال المروع لجمال خاشقجي، ولا إنشاء أسوأ حكم استبدادي يقوده الزعيم الأكثر قمعا في تاريخ السعودية، ولا حرب الإبادة الجماعية التي يشنها بن سلمان على اليمن الذي يفرض عليها حصارا، ولا حتى سجن وتعذيب لناشطات الحقوق المدنية وناشطي حقوق الإنسان، أي فرق بالنسبة لماكرون.

ولقد كرّر ماكرون تقديم الدعم غير المشروط الذي يمنحه للسيسي على المستوى السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والعسكري، للسعودية، في ازدراء وتجاهل صارخين لنداءات جماعات حقوق الإنسان اليائسة، لوقف مبيعات الأسلحة التي تغذي العدوان السعودي.

المزود الأفضل للأسلحة

أصبحت فرنسا من خلال اتباع هذه السياسات، أكبر مزود للأسلحة العسكرية والشرطية للنظام المصري، بين عامي 2013 و2018، متخطية الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة له. وتحولت لثالث أكبر مورد للأسلحة في العالم، بعد الولايات المتحدة وروسيا مباشرة.

كما احتلت فرنسا المرتبة الثالثة في مبيعات الأسلحة للسعودية، بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، متمسكة بـ "الدبلوماسية الاقتصادية" التي كانت تغذي جميع النزاعات الإقليمية، بدءًا من اليمن.

وفي هذه المرحلة، لا يمكن لأي أحد، وخصوصا ماكرون، التذرع بـ"عدم معرفة" ما يحصل في هذه الدول، نظرا إلى وفرة الوثائق، والتي تظهر على سبيل المثال، استخدام مصر للأسلحة الفرنسية في قمع المواطنين.

الواقعية السياسية

هناك حاجة لتوضيح أمر آخر هنا، يُمكن فهم رغبة رئيس مثل ماكرون في تقديم الدعم للدول التي يعتبرها مهمة لاستقرار المنطقة و"محاربة الإرهاب"، خاصة وأن فرنسا قد تعرضت لهجمات إرهابية شديدة منذ عام 2015.

لكن ذلك يتخلف كليا عن تمويل ودعم وتسليح الدكتاتوريات، مع دراية تامة بوحشيتها ضد مواطنيها أو مواطني دول أخرى، كما هو الحال في اليمن.

وعلى سبيل المثال، يمكن التمعن بالدعم الأحمق الذي يقدمه ماكرون لحفتر، وهو مجرد أمير حرب لا أكثر. إنه يتبع السياسة العمياء والفاشلة ذاتها، فاقدة التبرير الأخلاقي، والتي تأتي بنتائج سياسية عكسية، مؤدها "دعم الرجل القوي من أجل النظام والاستقرار، وليذهب البقية إلى الجحيم"، وهي سياسة أُعيد اتباعها مرة أخرى بعد أن سادت في الماضي.

ويمكننا أن نرى في خضم هجوم حفتر على طرابلس، مرة أخرى، النتيجة الناجمة عن تشجيع قائد ميليشيا متعطش للسلطة وإضفاء شرعية عليه وتمكينه.

ومن الواضح أن فرنسا لم تتعظ بتاتا، من الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وهرعت لمحاكاة سياسات جورج بوش الابن، على نطاق أضيق في ليبيا.

ومثال آخر على هذه السياسة، هو تنصل فرنسا من المواطنين الفرنسيين الذين انضموا إلى "داعش"، بما في ذلك النساء والأطفال الذين اقتيدوا مع أولادهم إلى المناطق التي سيطر عليها التنظيم، أو ولدوا فيها.

وتتحمل الأمة الأوروبية مسؤولية كبيرة، عن الوضع الذي يواجهه المهاجرون الذين يسعون للوصول إلى القارة، بالنظر إلى أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، هو الذي قاد حملة الناتو لقصف ليبيا، والتي دُمر على إثرها نظام القذافي، ما أدى إلى تفاقم أزمة اللاجئين بمجرد سقوط الدولة في هاوية الفوضى لاحقا. 

سياسات ترامب الهجومية لا تترك لماكرون الكثير (أ ب)
سياسات ترامب الهجومية لا تترك لماكرون الكثير (أ ب)

واعتبارًا من أيلول/ سبتمبر 2017، بالكاد استقبلت فرنسا من 4500 لاجئ من بين الحصة المتواضعة التي وافقت على استقبالها وهي 19 ألفا، أي ما يعادل سعة قاعة للحفلات الموسيقية متوسطة الحجم. والآن بعد أن تبنى ماكرون موقفًا صارمًا بشأن المهاجرين واللاجئين لغرض التماهي مع نفس المجال الانتخابي اليميني المتطرف المناهض للهجرة الذي تتبعه السياسية الفرنسية مارين لوبان، فهناك احتمال ضئيل لأن تحترم فرنسا التزامها الأوروبي الأدنى في مجال استقبال اللاجئين.

الاستبداديون وأمراء الحرب

يمكن القول إن ماكرون يتبع النهج القديم ذاته الذي اتبعته فرنسا والغرب على مدار عقود، والذي تسبب بنتائج كارثية في معظم الأحيان. حيث ينظر إلى شمالي أفريقيا والشرق الأوسط كخطر أساسي يجب احتواؤه أولا، من خلال دعم "الحلفاء الأقوياء" من أجل تجنب المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي. فقد استسلم ماكرون، مثل أسلافه، للحاجة المُتصورة، لدعم أنظمة مثل مصر والسعودية بأي ثمن، بغض النظر عن مدى وحشيتها واستبدادها.

وخلال هذه العملية، وانطلاقا من مزيج المخاوف الأمنية والنزعة التجارية الاقتصادية المثيرة للسخرية، تغاضى ماكرون عن مجموعة من جرائم الحرب المروعة وانتهاكات حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية التي ارتكبها حلفاؤه.

بل وأكثر فداحة من ذلك، فلا يزال ماكرون مؤمنا بسذاجة أن دعم عدد كبير من المستبدين وأمراء الحرب يمكن أن يحقق "النظام والاستقرار" في المنطقة، في ظل جهل نقي تام بحقيقة أن كل محلل يفهم الآن جيدًا تمامًا، أن تلك الأنظمة القمعية الوحشية التي تحالفت فرنسا معها بشكل كامل، هي جزء من المشكلة وليست حلا لها.

ونظرًا لأن القمع الذي تمارسه الدولة يولد في معظم الأحيان الإرهاب باعتباره منفذا سياسيا وحيدًا، فإن هذه الأنظمة بحد ذاتها هي الدافع الرئيسي للتطرف السياسي والديني والإرهاب وعدم الاستقرار الذي يأتي معه، على أقل تقدير.

ودون أن يعي ماكرون عواقب سياساته، فإنه يطلق رصاصة على ساقه، من خلال تكريس الموقف والتضاريس والعوامل التي تسبب عدم الاستقرار والتهديدات التي يدعي محاربتها.

ولهذه الأسباب، فإن نهجه الخام المتمثل بـ"الاستقرار أولًا" وسياسته الخارجية الواقعية الموهومة والعمياء، محكوم عليها، في أفضل الأحوال، بالفشل وإبقاء المنطقة في حالتها الحالية العنيفة. على الأرجح، سوف تزيد من تفاقم الوضع.

التعليقات