26/10/2010 - 00:29

نساء عربيّات(1): د. عائشة راتب

-

نساء عربيّات(1): د. عائشة راتب

 

عائشة راتب: لم تصبح قاضية، لكنّها صارت ثاني وزيرة وأوّل سفيرة مصريّة

أبصرت عائشة راتب النّور في 22 شباط من العام 1928 بمدينة القاهرة، وقد أنهت تعليمها موضوعة الحقوقِ في جامعة القاهرة عام 1949، وتخرجت منها أولى على دفعتها، وانتقلت بعدها إلى باريس لتواصل مشوارها التعليمي، وتفوقت في الغرب أيضًا، إذ حصلت على دبلوم القانون العام سنة 1950، وعلى دبلوم القانون الخاص سنة سنة 1951، ثم عادت إلى القاهرة ونالت الدكتوراة في القانون من جامعة القاهرة عام 1955.

بعد عودة عائشة راتب من باريس، رأت أنه لا بد وأن يتحقق المساواة بين الرجال والنساء في السلك القضائي المصري، واحتجت على أنه لا يوجد أي امرأة في هذا السلك، خصوصا وأنها رأت بأن القضاء يقلون عنها كفاءة وعلما، فرفعت قضية أمام مجلس الدولة تطالب فيه بحقها الدستوري والقانوني لتكون قاضية في مجلس الدولة، وهو أول طلب من نوعه في تاريخ مصر الحديث.

وعندما رفض طلبها ذلك وتمّ إبعادها، طعنت في قرار إبعادها أمام مجلس الدولة نفسه، وأصدر الدكتور عبد الرّازق السنهوريّ، رئيس مجلس الدولة في ذلك الوقت، حكمًا يؤكد أنه لا مانع دستوريًّا أو شرعيًّا أو قانونيَّا، يحول دون تعيين المرأة في سلك القضاء، إنما هي اعتبارات الملاءمة التي تقدرها الدولة، فهي التي تحدد الوقت المناسب الذي تصبح فيه المرأة قاضية.

تولّت عائشة راتب أرقى المناصب في مصر؛ فكانت ثاني امرأة تعيّن في الوزارة المصرية عام 1971، وأصحبت وزيرة للشؤون الاجتماعية والتأمين الاجتماعي مدة 7 سنوات.

د. عائشة راتب

شعورٌ بالاستغراب والدهشة سيطر على أستاذة القانون الدولي حين نشرت الصحف المصرية في صفحتها الأولى في 12 تشرين ثانٍ من العام ١٩٧١م خبر تعيينها وزيرة، وقد كانت آنذاك في الثالثة والأربعين من العمر.

ففي أعقاب انتخابها لعضوية اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، شاركت في المؤتمر العام، وكان النقاش دائرًا حول الدستور، ولأنها كانت قانونية، فقد ذهبت لزملائها في الكلية وسألتهم عن اعتراضاتهم على مواد الدستور، وجمعت آراءهم.

كان النقاش حول اختصاصات رئيس الجمهورية حين اعترضت د. عائشة راتب على توسيع اختصاصات رئيس الجمهورية، وظلت تقول " لا يجوز " و" لا يليق " وفق ما هو مدون في محاضر الجلسة الرسمية؛ استمرت الجلسة ثلاث ساعات وهي مصرة على الرفض، فأرسل لها البعض ورقة قالوا لها فيها " ارحمينا يا دكتورة عائشة" .

تقول د. عائشة راتب: " وكان الرئيس أنور السادات موجودًا في الجلسة في الطابق العلوي، إذ كان يرأس اجتماعات اللجنة المركزية وقتها، وقد سمعت بعد ذلك منه شخصيًا في اجتماع لجنة السياسات واللجنة الوزارية، أنه قال للوزراء " إنتو عارفين أنا جبت الدكتورة عائشة وزيرة ليه؟ لأنها في اللجنة المركزية وأنا موجود، قعدت تناقش اختصاصات رئيس الجمهورية، فقررت تعيينها وزيرة."

أما عن معرفتها بنبأ تعيينها وزيرة، فقد أخبروها في المنزل أنّ مكتب وزير الداخلية اتصل بها، وكانت وقتها تلقي محاضرةً في المؤتمر العماليّ التابع لجامعة الدّول العربيّة، وقد اعتقدت أنّ الحكومة لم يعجبها كلامها فاستدعتها، وذهبت إلى ممدوح سالم، وكان وزيرًا للداخلية، فأخبرها بضرورة الذهاب إلى مجلس الوزراء، فذهبت وقابلت د. محمود فوزي الذي قال لها: " يا دكتورة نحن يسعدنا ويشرفنا أن تكوني وزيرةً معنا "، فقالت: " وزيرة إيه؟ "، قال: " شؤون اجتماعية "، قالت: " أنا أستاذة قانون، مالي ومال الشؤون الاجتماعية!"، فقال: " الشؤون الاجتماعية كلها قوانين ونحن نريدك لذلك."

واشترطت د. عائشة راتب أن تكمل العام الدراسي مع اطلبتها في الجامعة، وأن ترجع للكلية بعد خروجها من الوزارة. وفي حجرة الوزراء جاءها صوت د. محمد حافظ سالم من آخر الغرفة يقول: " كمان بتتشرطي "، فقالت: " أنا لا أشترط، إنما لابد أن أنهي التزاماتي تجاه الطلبة." ، بعد ذلك حلفت اليمين أمام الرئيس محمد أنور السادات وأصبحت ثاني وزيرة للشؤون الاجتماعية في مصر. 

و بعد ذلك أصبحت أول امرأة مصرية تعين سفيرًا، فعينت عام 1979 سفيرةً لمصر في الدّينمارك مدة عامين، وفي عام 1981، كانت سفيرًا لمصر إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية حتى عام 1984.

مثّل حلم عائشة بأن تصبح قاضيةً، إلهامًا للكثيرات ممّن جئن بعدها؛ وبالفعل، كان طلب عائشة هو شرارة البدء، فمنذ أن تقدّمت بطلبها، أقدم عددٌ هائل من المحاميات النساء على تقديم طلب للانضمام إلى السلطة القضائيّة، لكنهن قوبلن بالرّفض أيضا من المجلس الأعلى للقضاة؛ أحيانًا بدون ذكر أسباب، وأحيانًا بذكر السبب الذي ينحصر في أنّ جنس المتقدم هو السبب الرئيسي للرفض.

ومرت السنون على هذا الحال، 50 عامًا حتى أضاءت الشرارة التي بدأتها عائشة شعلة لتضيء الطريق، فجاءت تهاني الجبالي لتكون أوّل قاضية مصرية، والتي قالت معلّقةً على تعيينها عن الدكتورة عائشة راتب: " وكأني أجني ثمار ما بدأت."

للدكتورة عائشة راتب خبرة 30 سنة في العمل السياسي في عهدي الرئيسين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات، وقد كانت أول معيدة في كلية الحقوق، وأول أستاذ للقانون الدوليّ، وشغلت منصب رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة.

عرفت د. عائشة راتب بمعارضتها لقانون الانفتاح أثناء توليها وزارة الشؤون الاجتماعيّة عام 1974، واستقالت في أعقاب أحداث يناير 1977 المعروفة بثورة الجياع، وذلك لأنها رفضت أي زيادة في الأسعار ولو بتعريشة أو قرش، كما عرفت فترة توليها منصب الوزارة بمد كبير لمظلة التأمينات.

مؤلّفات د. عائشة راتب:


1. الفرد والقانون الدولي.
2. المنظمات الإقليمية والمتخصصة.
3. التنظيم الدبلوماسيّ والقنصليّ.
4. النظرية المعاصرة للحياد.
5. ثورة 23 يوليو 1952.

6. العلاقات الدولية.
7. العلاقات الدولية العربية. 

8. المناطق المنزوعة السلاح.
9. بعض الجوانب القانونية للنزاع العربي – الإسرائيلي.
10. التنظيم الدولي.

 11.القانون الدولي العام.

الجوائز والأوسمة:

1. جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعيّة من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1995.

التعليقات