ترجمة خاصّة: عرب٤٨
بدأت صناعة النشر تلاحظ في أوائل العام الماضي أن الكتب التي تحدث عنها القراء بإعجاب على منصة تيك توك، كانت تظهر في قوائم «الأفضل مبيعاً». فوجئ الناشرون، والمؤلفون، وحتى القراء الذين يصنعون مقاطع الفيديو على المنصة؛ وبعد مرور عامٍ، صار هاشتاغ #BookTok من أكثر الأدوات قوة في عالم الكُتب، وساهم في خلق وصناعة أهم العناوين في قائمة الأكثر مبيعاً.
أصبحت كتب الكاتبة كولين هوفر، على سبيل المثال، من أهم الكتاب المقروئين في أواسط التيك توك، وصارت الآن واحدة من أكثر المؤلفين مبيعًا في البلاد. وقالت منظمة NPD BookScan، التي تتعقب بيع معظم الكتب المطبوعة في الولايات المتحدة، إن هوفر كتبت 4 مؤلفات من الكتب العشرة الأكثر مبيعًا حتى الآن هذا العام.
وقالت كريستين ماكلين، المديرة التنفيذية لتطوير الأعمال في «إن پي دي بوكس»، إن تيك توك «انتقل من كونه تطبيق جديد إلى رافعة حقيقية للسوق. ولم تعد السيطرة على أرفف الكتب في المتاجر الكبيرة وفي متاجر المطارات، وفي الطاولات الأمامية في المكتبات كما كانت عليه قبلاً».
صار هاشتاغ #BookTok الآن واحدًا من أقوى المؤثرات في رواج في أدب اليافعين، وقد ساعد المؤلفين على بيع 20 مليون كتاب مطبوع في عام 2021، وفقًا لـ «إن پي دي بوكس»؛ وحتى الآن في هذا العام، ارتفعت تلك المبيعات بنسبة 50% على الرقم الأخير، وأضافت المنظمة إنه لم يكن لأي شكل آخر من وسائل التواصل الاجتماعي هذا النوع من التأثير على المبيعات.
لا تهيمن على #BookTok القوى المعتادة في عالم الكتاب مثل المؤلفين والناشرين، بل القراء العاديين، وكثير منهم من الشباب الذين يشاركون توصيات ومقاطع فيديو لأنفسهم يتحدثون عن الكتب التي يحبونها، وأحيانًا يبكون أو يصرخون أو يرمون الكتب في غرفهم. ولا تقدم مقاطع الفيديو الأكثر شيوعاً بشكل عام معلومات حول مؤلف الكتاب أو عن الكتابة أو حتى عن الحبكة، كما تفعل المراجعة التقليدية، وإنما يتحدث القراء فيها بوضوح عن الرحلة العاطفية التي سيقدمها الكتاب.
وقالت ميلينا براون، مديرة التسويق في Doubleday، لقد اتضح أن هذا هو بالضبط ما يبحث عنه الكثير من الناس، وأضافت براون واصفة محتوى العديد من مقاطع الفيديو: «يشعرني الكتاب بذلك، وسيشعرك الكتاب بذلك. ويتفاعل الناس معها ويقولون أريد أن أشعر بذلك. أعطني الكتاب».
يشحن #BookTok في جوهره شيئاً كان دائماً ضرورياً لبيع الكتاب: التوصية الشفهية الشعبية.
وقال ليني روز ريزر، مساعد مدير المتجر في مكتبة إيست سيتي في واشنطن العاصمة، الذي لديه 70,000 متابع على المنصة: «أعتقد أن شخصا واحدا يمكنه أن يُشهِر أي كتاب، ولكن هذا يتطلب مشاركة بقية الناس على الهاشتاغ بقوة كبيرة لجعل الكتاب ناجحا حقا؛ وبمجرد أن تبدأ الكلمة في الانتشار، يصبح الكتاب من الأكثر مبيعاً».
أغلب الكُتب التي تنتشر على الهاشتاغ تكون من الروايات، وتكون غالباً من الكتب التي مضى على نشرها عدة سنوات، وهو أمر غير مألوف في عالم النشر، حيث إن الكتب التي تحقق أكثر المبيعات تكون غالبا بعد نشرها الأول بفترة قصيرة.
تركزت المبيعات في البداية بين عناوين اليافعين، لكن #BookTok صارَ الآن أكثر قوة في أواسط أدب الكبار، وفقًا لـ «إن پي دي بوكس». كما أن الكتب الرومانسية من الفئات الأكثر رواجاً على المنصة، تليها في ذلك كتب الخيال العلمي وكتب الفنتازيا، ولكن حتى الكلاسيكيات مثل «مرتفعات ويذرنغ» و«غاتسبي العظيم» نالها بعض من إعجاب وحب القراءة على تيك توك..
كانت الكاتب مادلين ميلر من أهم المستفيدين من حماس القراءة على تيك توك، وهي مُدَرِّسة ثانوية سابقة حاصلة على درجة الماجستير في الكلاسيكيات، وهي صاحبة الكتاب الأكثر نجاحًا «أغنية أخيل»، والذي يروي قصة حب بين شابين، أخيل وپاتروكلس. نُشر الكتاب أول مرة عام 2012 بعدد طباعة أولي 20.000 نسخة، ولكن أعلن ناشره إيكو Ecco هذا الشهر بيع حوالي مليوني نسخة من الكتاب، بصيغه المختلفة.
وقالت ميريام باركر، الناشرة المشاركة في إيكو، إن هذا النوع من سجلات المبيعات لكتاب مثل «أغنية أخيل» أكثر من بديع، و«لا يحدث أبدًا. هذا كتاب عن الإلياذة!».
قالت السيدة ميلر، التي لديها كتاب آخر «سيرسي»، والذي كان شائعًا أيضًا على تيك توك، إنها تؤخذ الآن على محمل الجد في العالم الأدبي بسبب شهرة عملها؛ وجاءت المبيعات أيضًا بمثابة ارتياح لها خلال فترة صعبة للغاية، حيث مات فرصها في التحدث عن كتبها في جولاتها مع بداية الجائحة، واعتقدت أنها قد تضطر للعودة إلى التدريس لتكسب لقمة عيشها، وكشفت أنها تعاني منذ فبراير 2020 من تأثير مرض كوفيد-19 الطويل، وأنها كانت قلقة حيال قدرتها على العمل. سمحت لها شهرة كتابها «اغنية أخيل» على تيك توك بالاعتناء بنفسها وأهلها، وبمواصلة عملها على روايتها التالية. وقالت: «غيَّر الأمر حياتي حقًا، ومنحني الوقت للكتابة، ولمواصلة حياتي كاتبةً».
وقالت ماكلين إنه يمكن إرجاع بعض نجاح تيك توك في بيع الكتب إلى المكتبات التي بدأت في الاهتمام بالكتب التي تكتسب زخما على المنصة. وكانت مكتبة «بارنز أند نوبل Barnes & Noble» على وجه الخصوص قد وضعت، من وقت مبكر، في العديد من متاجرها طاولات مع مجموعة مختارة من العناوين الشائعة، وساهم هذا في نشر هاشتاغ #BookTok بين القراء الجدد، وساهم في استمرار الدورة.
وأعلن تيك توك و«بارنز أند نوبل» عن شراكة رسمية على شكل تحدي قراءة صيفي مصمم لتشجيع الناس على النشر عن الكتب التي يقرؤونها والتفاعل حولها مع القراء الآخرين. تعرض الصفحة المخصصة لـ #BookTok على تيك توك للمستخدمين بعض مقاطع الفيديو المنسقة، بما في ذلك مجموعة مختارة تسمى «التعرف على بائعي كتب بارنز أند نوبل المحليين» وقائمة بالعناوين المقترحة، والتي ترتبط بموقع «بارنز أند نوبل» على الويب. كما كان لدى بارنز أند نوبل رموز QR في متاجرها والتي ترسل العملاء إلى صفحة BookTok على المنصة.
تمتلك متاجر بارنز أند نوبل قنوات تيك توك، كما يفعل العديد من الناشرين. ويرسل الناشرون أيضًا كتبًا مجانية لمنشئي المحتوى على الموقع أو يدفعون لهم لإنشاء مقاطع فيديو حول عناوين معينة. ولكن بقدر ما أصبح هاشتاغ #BookTok قوياً، يصعب على الناشرين تسخيره كأداة مبيعات. حيث قالت السيدة براون من Doubleday: «ليس مقطع الفيديو المفرد هو ما يفجّر مبيعات الكتب، بل هو الانفجار الجماهيري للأشخاص الذين يصنعون مقاطع الفيديو عضوياً، وعن طريق الرواج الشفهي بين القراء هو ما يجعل الكتب تنتشر». وجود المؤلف على المنصة لا يضمن نجاح الكتاب، ولا يعتبر شرطاً حتى، وأوضحت مادلين ميلر بأنها ليست على المنصة حتى الآن وأنها ما زالت «سيئة للغاية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي».
التعليقات